نشاهده في الأسر الأوروبية، أعرف
أسرة أمريكية مات واحدها في الحرب فنشرت عنه الجرائد، فلما ذهب بعض الأصدقاء
َ للعزاء ش ُّك ً وا في أن يكونوا هم املقصودين لأنهم لم يشاهدوا عليهم أثرا من آثار الحزن،
ونعم إنهم يحزنون ولكن في حدود ضيقة ويحزنون في أنفسهم ويبشون للناس.
وتجد كثريًا من الأغنياء في أوروبا وأمهاتهم أو آباؤهم في أشد حالات البؤس،
َّل أن ينفق إنجليزي أو أمريكي على ابنه في التعليم الجامعي، ولكنه إذا أراد الولد
وقَ
عمل بنفسه ليتكسب ويصرف على نفسه كأن يشتغل صبي لبان أو بائع جرائد أو
ً اس ً ا للجامعة أو طباخا، ثم من مظاهر الأسرة املصرية
موزع بريد في جامعة أو كنَّ
ً أيضا الاتصال والاعتزاز بالأقارب حتى الأبعدين، فها ابن ابن عمه، وهذه بنت بنت
خالته، وهكذا حتى ليبلغ ببعضهم الاعتزاز بحارته أو قريته.
الخميس، 5 نوفمبر 2015
وقد شاهدنا في عصرنا تحول الأسرة من سيطرة الأب إلى سيطرة الأم ومن
ً استبداد الرجل إلى استبداد املرأة، وشاهدنا في عصرنا أيضا أن حجاب املرأة يتحول
إلى سفورها، وجهلها إلى تعلمها، وتفريطها في حقوقها إلى الغلو في طلبها، حتى
لتريد أن تشارك في السياسة فتَنتخب وتُنتخب، وشاهدنا مزاحمتها للرجل في العمل
والتوظف، وشاهدنا كثريًا من البيوت يكون فيها الزوج موظفً ا والزوجة موظفة
ويُ ْسِلَمان أولادهما للمربيات.
وملا فشا تعليم املرأة قل الاعتقاد بالخرافات والأوهام، وملا سفرت املرأة عرفت
ُّ ا من أحوال الرجال، وشاركت في إدارة الأموال وزاد حظها في كل شأن من
كثريً
ب للأطفال، ولم يوجد
ٍّ
ُ ا خري م َر
ً شئون الحياة، ومع ذلك بقيت الأسرة قديما وحديثً
َع ُ اض به عن الأسرة.
مد
ودعاء لقضاء الحاجات مثل الصلاة على النبي خمسمائة مرة، وقوله: «أسأل
َّ الله الكريم الديَّان الحنَّان املنان الرحيم الرحمن ذا الجود والفضل والإحسان والخري
َّ والامتنان بحق ذاته السِميَّة وصفاته املنية وبحق الأئمة الأعلام، نور الهدى ومصابيح
38
حرف الألف
الظلام أن تقضي حوائجنا وأن تختم لنا ولأحبابنا ولكل من له حق علينا بالإيمان
والإسلام، وأن تُ َطِّه َرنَ ٍّ ا وإياهم من الذنوب والآثام، وأن تجمع كلا من الأشياخ والأحباب
والآباء والأمهات في دار السلام بسلام.»
وبعض هذه الدعوات مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وبعضه عن الصحابة أو التابعني،
وبعضه عن الأولياء والصالحن
وفي الحق أن تاريخ الفكاهة هو تاريخ الأدب وجد معه منذ نشأته وترقى
أو انحط أيام رقيه وانحطاطه، وكانت عناية الفرنج بالفكاهة ودراستها في أدبهم
وتاريخه أكثر من عنايتنا في أدبنا، وعرض لها النقاد عندهم كما عرضوا لكل
أنواع الأدب وطبقوا على النكت ما قالوه في الفن الجميل، فكما قالوا «الفن للفن»
قالوا «النكتة للنكتة»، والذي يدرس الذوق في الأمة ويريد أن يتعرف مقدار رقيه
وانحطاطه يجب أن يدرسه في الفنون وفي امللابس وفي الأزياء وفي النكت.
وفي املصريني من يحترفون قول النكت واختراعها وروايتها، ومن هؤلاء من
يُ ْدَع ْوَن ً للحفلات يملأونها سرور ً ا وضحكا، ومنهم من يقتصر في ذلك على صحبه
وأصدقائه يؤنسهم في مجالسهم الخاصة ويروي لهم كل ما اخترع من النكت،
ومنهم من يحترفه من ناحية التحرير في الصحف واملجلات الفكاهة، وقد وصف
ً املرحوم قاسم أمني رجلا من هذا الطراز فقال: أتعرف حسني بك؟؟ لا، رجل خفيف
25
قاموس العادات والتقاليد والتعابري املصرية
َرُه أحد قط غري مبتسم إذا قال لك نهارك
ولطيف، لا تغيب البشاشة عن وجهه ولم يَ
ً سعيد ضحك، وإذا أخبرته أن الهواء طيب ضحك، وإذا سمع أن زيدا مات ضحك،
زينة املجالس وأنيس النوادي يرى نفسه مكلَّفً ً ا بوظيفة السرور فيها ومنوطا بنشر
التفريح حوله، يستخدم كل شيء لتسلية نفسه وأصحابه فيجد في أهم الحوادث
ٍّ ا للتنكيت وفي أحسن الرجال محلا للسخرية، لو ضحيت حياتك في أشرف
ً موضوع
الأعمال فلا بد أن يفتش فيها عن الجهة التي يتخذها واسطة للاستهزاء وجعلها
أضحوكة للناس.
ابن اة
وقد كان حظ كلمة «الابن» في السباب
والشتائم أكثر من حظ غريها، وكثرة السباب بالآباء والأمهات دليل على أن املصريني
كانوا يعنون بقيمة الأب والأم عناية قد تفوق عنايتهم بتقويمهم للشخص في نفسه
أو بعبارة أخرى بقيمته الذاتية.
ً واستعملت كلمة «الابن» أيضا كثريً َّ ا في الأمثال، فقالوا: «ابن الوز عوام» و«ابن
العنزة يعلم أمه الرعية» و«ابنك حتة من كبدك» و«ابن الحرام يطلع يا قواس يا
مكاس» و«ابنه على كتفه وهو داير يدور عليه» ونحو ذلك مما لا يُحصى.
َربِِّه
ُّ َون به عن الشاب أو الرجل الذي لم يُ
ابن أرملة: هو كابن مرة الذي تقدم، يُ َكن
رجل كأبيه، وإنما ربَّته امرأة كأمه، ومن غريب العوائد أن املرأة في واحة سيوة إذا
مات عنها زوجها حبسوها في غرفة مظلمة لا يراها أحد إلا خادمة تقدم لها الطعام
وما تحتاج إليه حتى تنقضي عدتها، وهم يزعمون أن عينًا شريرة تلبسها في أثناء
تلك املدة فلا تنظر إلى أحد إلا أضرت به وأول ذلك ابنها الذي تربيه.
وأول شخص تراه عند خروجها من سجنها لا ينجو من املوت، ولذلك يرسلون
ٍ املرأة إلى عني ماء آخر املدة تغتسل فيها، وفي أثناء اغتسالها ينادي مناد في الأسواق
يحذر الناس من الوقوف في طريقها.
أن القاهرة أحسن البلاد ذوقًا، فكما أنها «أم الدنيا» فكذلك هي «أم
الذوق».
ومن أقوالهم املأثورة: «الذوق لم يخرج من مصر» ومصر في قولهم هذا يعنون
ً بها القاهرة لا القطر املصري بأجمعه، ويروون في هذا قصة طريفة وهي أن رجلا
كان اسمه «حسن الذوق» كان في منتهى الظرف والكياسة واللباقة رقيق الحس
والشعور فغاضبه قوم من املصريني فعزم على الرحلة من مصر، فلما وصل إلى
«باب الفتوح» وهو أحد أبواب القاهرة مات هناك، وما يزال قبره في هذا املكان إلى
الآن، ويعرف ضريحه «بسيدي الذوق»، ومن أجل هذا قالوا: إن الذوق لم يخرج
ً من مصر، وكلمة الذوق في هذا املثل تدل على املعنيني معا، فاملراد بها مرة الشعور
الرقيق ومرة سيدي حسن الذوق والله أعلم.
الذوق السليم
الذوق السليم بأنه الشعاع اللطيف الذي يهدي
صاحبه إلى أن يقول ويفعل ما يناسب املقام ويجتنب ما لا يناسبه، وعامة املصريني
يعتقدون أن القاهرة أحسن البلاد ذوقًا، فكما أنها «أم الدنيا» فكذلك هي «أم
الذوق».
ومن أقوالهم املأثورة: «الذوق لم يخرج من مصر» ومصر في قولهم هذا يعنون
ً بها القاهرة لا القطر املصري بأجمعه، ويروون في هذا قصة طريفة وهي أن رجلا
كان اسمه «حسن الذوق» كان في منتهى الظرف والكياسة واللباقة رقيق الحس
والشعور فغاضبه قوم من املصريني فعزم على الرحلة من مصر، فلما وصل إلى
«باب الفتوح» وهو أحد أبواب القاهرة مات هناك، وما يزال قبره في هذا املكان إلى
الآن، ويعرف ضريحه «بسيدي الذوق»، ومن أجل هذا قالوا: إن الذوق لم يخرج
ً من مصر، وكلمة الذوق في هذا املثل تدل على املعنيني معا، فاملراد بها مرة الشعور
الرقيق ومرة سيدي حسن الذوق والله أعلم.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
نفسى
فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...
-
كيف تحاور..؟
-
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، والأدوية المصنعة كالسبرالكس والزيروكسات والزولفت هي أدوية أكثر نقاءً وأكثر تأثيرًا على الناقلات العصبية، لأنه...