الخميس، 5 نوفمبر 2015

وفي الحق أن تاريخ الفكاهة هو تاريخ الأدب وجد معه منذ نشأته وترقى أو انحط أيام رقيه وانحطاطه، وكانت عناية الفرنج بالفكاهة ودراستها في أدبهم وتاريخه أكثر من عنايتنا في أدبنا، وعرض لها النقاد عندهم كما عرضوا لكل أنواع الأدب وطبقوا على النكت ما قالوه في الفن الجميل، فكما قالوا «الفن للفن» قالوا «النكتة للنكتة»، والذي يدرس الذوق في الأمة ويريد أن يتعرف مقدار رقيه وانحطاطه يجب أن يدرسه في الفنون وفي امللابس وفي الأزياء وفي النكت. وفي املصريني من يحترفون قول النكت واختراعها وروايتها، ومن هؤلاء من يُ ْدَع ْوَن ً للحفلات يملأونها سرور ً ا وضحكا، ومنهم من يقتصر في ذلك على صحبه وأصدقائه يؤنسهم في مجالسهم الخاصة ويروي لهم كل ما اخترع من النكت، ومنهم من يحترفه من ناحية التحرير في الصحف واملجلات الفكاهة، وقد وصف ً املرحوم قاسم أمني رجلا من هذا الطراز فقال: أتعرف حسني بك؟؟ لا، رجل خفيف 25 قاموس العادات والتقاليد والتعابري املصرية َرُه أحد قط غري مبتسم إذا قال لك نهارك ولطيف، لا تغيب البشاشة عن وجهه ولم يَ ً سعيد ضحك، وإذا أخبرته أن الهواء طيب ضحك، وإذا سمع أن زيدا مات ضحك، زينة املجالس وأنيس النوادي يرى نفسه مكلَّفً ً ا بوظيفة السرور فيها ومنوطا بنشر التفريح حوله، يستخدم كل شيء لتسلية نفسه وأصحابه فيجد في أهم الحوادث ٍّ ا للتنكيت وفي أحسن الرجال محلا للسخرية، لو ضحيت حياتك في أشرف ً موضوع الأعمال فلا بد أن يفتش فيها عن الجهة التي يتخذها واسطة للاستهزاء وجعلها أضحوكة للناس.

ليست هناك تعليقات:

نفسى

 فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...