الخميس، 25 ديسمبر 2008

حل المشاكل النفسية




حل المشاكل النفسية

خطوات علمية وسهلة لحل أي مشكلة نفسية أولاً: نصف الحل عندما تعتري الإنسان مشاعر سلبية مثل الإحباط والقلق والخوف والحزن والغضب وعدم الثقة وتقدير الذات وغيرها من المشاعر السلبية الكثيرة, ترتبك وتتعرقل حياته أي لا تسير بسلاسة ولا يستطيع الإنسان أن يقوم بوظائفه في المجتمع, خاصة إذا تضخمت هذه المشاعر وأصبحت مرضية, إذ أن الإنسان الطبيعي لديه كل هذه المشاعر لكن عند الحدود الحميدة التي تعينه على التقدم والحفاظ على حياته, فمثلاً الخوف والقلق الحميدين ضروريين للإنسان, فهما يحددان استجابته المسؤولة تجاه نفسه وأسرته وعمله ومجتمعه, ومن غير الطبيعي أن يكون الإنسان غير مبال ومتبلد في مشاعره, لكن يجب أن تكون استجابته للمؤثرات الخارجية والداخلية واقعية كي لا تتحول إلى مشكلة نفسية, فيجب على الإنسان أن يحافظ على صحته النفسية من أجل أن يقوم بدوره على أكمل وجه ويظل بتوازن وهارموني أو رضاءً ذاتياً. الإنسان = أفكار + مشاعر + سلوك وبالطبع تصاحب هذه المشاعر السلبية أفكاراً سلبية تزيد من حدتها وحجمها بشكل طردي, وعلاقة المشاعر بالأفكار علاقة جدلية تبادلية, فحالما تبدأ فكرة حتى يصاحبها شعور, وكذلك الشعور ينتج أفكاراً تعمل أحياناً عمل المترجم, فعندما تنتابه أفكاراً إيجابية يشعر بفرح وبهجة وبطاقة إيجابية ونشاط, كذلك من يشعر بشعور إيجابي بسبب الحب أو النجاح تكون أفكاره إيجابية ومتفائلة, أما إذا فكر الإنسان بأفكار سلبية كاستجابة لمؤثرات خارجية أو داخلية, فسيشعر بشعور سلبي وستنخفض طاقته وسيشعر بالانهاك والخمول, فالحزن والغضب والقلق وغيرها من المشاعر السلبية تنهك الإنسان فتنتج عنه طاقة سلبية. والمشاعر والأفكار تنتج سلوكاً ملازماً ومناسباً لهما, والسلوك هو ثالث المعادلة التي تشكل نمط شخصية الإنسان, ولا يمكن فصل أطراف هذه المعادلة الثلاثية, إلا إذا كان هناك اضطراب بالشخصية أو بالعقل, ولذا فالمشاعر والأفكار الإيجابية تنتج سلوكاً إيجابياً وتجعل الإنسان يعيش حياته بهناء وسعادة ونجاح, أي يكون متوازناً ومتوافقاً مع ذاته وبيئته الاجتماعية والمهنية, وقد يعبر الشخص عن سعادته بطرق عديدة في سلوكه وقد يرقص, والعكس تماماً عندما يحمل الشخص أفكاراً ومشاعر سلبية إذ سيكون سلوكه وحتى هيئته معبران عن ذلك, وقد ينعزل الإنسان وقد يكون في حالات شديدة جداً انتحاري السلوك, حتى إن لم يعمد مباشرة إلى قتل نفسه. وأفضل ما يمكن أن يعمله صاحب المشكلة النفسية هو تغيير أحد أطراف المعادلة, مما ينتج عنه تغيير باقي الأطراف ثم تغيير الحالة, فإذا غير من أفكاره فستتغير مشاعره ويتبعها السلوك, وإن غير سلوكه كأن يخرج ويلتقي بالناس أو يلعب رياضة فستتغير مشاعره وسيبتعد عن الأفكار السلبية, وأحياناً يكفي أن يغير الإنسان من شكله وهيئته مثلاً يأخذ حماماً ساخناً ويحلق شعره أو تغير تصفيفة شعرها ويلبسان ملابس جميلة وزاهية الألوان, والجلوس والوقوف والمشي بانتصاب, كلها أمور تساهم في تغيير حالة الإنسان الذي يتعرض إلى ضغوط نفسية, لكن قبل كل شئ الوعي بالمشكلة. • الوعي بالمشكلة.
 للوعي دور كبير في سرعة حل المشكلة, وفي فاعلية الحل فالإنسان عادة عدو ما يجهل, فقد كان في العصور الأولى يخاف خوفاً شديداً من ظاهرة البرق والرعد وبعض الشعوب البدائية عبدت هذه الظواهر كما عبدت الشمس والقمر والنجوم والنار, وحتى في عصورنا الحديثة خاف الإنسان من منجزات العلوم مثل التصوير الفوتوغرافي والتلفاز والسيارة وغيرها من الأشياء التي كان يجهلها, وعندما تطور وعيه طوع هذه الظواهر والمنجزات لتقدمه وسعادته ورفاهه في الحياة. المشكلة النفسية بالنسبة لغير الواعين هي شئ مجهول تنسب أما إلى الجنون وهو شماعة سهلة لكل الاضطرابات النفسية, وأما لشئ أو قوى مجهولة وغيبية مثل الشياطين والجن, لأنه ليس ملموساً كالمرض العضوي, وأعراضه نفسية أكثر منها بدنية, رغم مصاحبتها لأعراض بدنية وسلوكية, كما أن صاحب المشكلة النفسية غالباً ما يظن أنه الوحيد المصاب بهذا الشئ المحير الذي لا يعرفه ولا يعرف له سبباً, وهذا يجعل استجابته لما يشعر به من أعراض تتضخم, فإذا شعر بسرعة دقات قلبه – وهي من أعراض الضغط النفسي - خاف أن يكون مصاباً بأزمة قلبية, وإذا أصيب جراء ذلك بالأرق أو فقدان الشهية إزداد احساسه بالمرض والانهاك البدني والنفسي, وتصبح لديه دائرة من المخاوف لا تنتهي, فكل عرض ينتج من عرض آخر, وتصبح في هذه الحالة حياة الإنسان جحيماً لا يطاق. المجهول هو شئ لا يعرف الإنسان كنهه ولا يستطيع تفسيره, ولذا يخاف البعض من الظلام لأن الظلام ساتر يخفي ما بداخله, لكن حالما تضاء الأنوار أو تشرق الشمس حتى تتبدد هذه المخاوف, وكثيراً من الأحيان يزورني بعض الأشخاص الذين يعتقدون أن أبناءهم أو أحد أقاربهم به مس جن, وبعد محاولات مع بعض شيوخ الدين المتعاملين مع قضايا الجن, يحاولون تجريب العلم, وعندما أشخص هؤلاء أكتشف أنهم مصابون بما يسمى مرض تعدد الشخصية MPD أو Multiple Personality Disorder , وبالطبع من غير الوعي بهذه المرض ستبدو هذه الحالة مخيفة, ولا يمكن أن نعزوها إلا لشئ غيبي لا نراه مثل الجن. الوعي بالمشكلة يسهل ويسرع حلها, كما يخفف من وطأتها على الشخص, وكثير من الناس الذين يلاحظون أنهم بدأوا يدخلون بمشكلة نفسية ويفسرونها بشكل صحيح, يستطيعون التخلص منها بجهدهم الذاتي خاصة عندما تكون في البدايات, بل أن أحد أدوار الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين هو ما يسمى بالتوضيح والتبصير بالمشكلة, وكلما فهم الإنسان مشكلته خفت حدتها وازدادت ثقته بالشفاء, والوعي يمكن أن يجنب الإنسان الوقوع في مشكلة نفسية, فالإنسان الواعي واقعي لا يضخم الأمور, وهو متوازن في حياته وغذائه يمارس الترفيه بقدر ممارسة العمل الجاد ويعرف معنى الضغط النفسي, لكن أحياناً ليس للمستوى التعليمي دخل بالوعي, فأندهش أحياناً عندما يزورني إنسان بسيط في تعليمه لكن وعيه بمشكلته كبير, وقد لا يستطيع تفسيرها بشكل علمي, لكنه يعي أن ما يعتريه هو شئ افتراضي وليس حقيقي, والعكس أستاء عندما يكون عميلي متعلم تعليماً جيداً لكنه مقتنع بأن مشكلته سببها حسد أو عين زميله بالعمل, أو أن أحداً عمل له أو لها سحراً, وهذه القناعات تصعب الإيمان بطرق العلاج, لكن بشكل عام يلعب التعليم والوعي دوراً هاماً في مساعدة الإنسان لنفسه. ورغم أهمية القراءة والاطلاع, فإن هناك مجموعة من الناس عندما تقرأ عن مرض ما وأعراضه فإنها تتأثر بها وتطبقها على نفسها, أو تبني أعراض هذا المرض Develop the symptoms, فأحياناً أسمع العميل يقول لي:لقد قرأت أعراض إنفصام الشخصية, ووجدت لدي نفس هذه الأعراض, هنا محاولة للوعي لكنها بنت أوهاماً قد تشكل ضرراً, وأحياناً ليست فقط الكتب العلمية والصحف والمجلات, ولكن بعض كتب الوعظ الديني ذات الفكر السطحي والمليئة بالتهديد والوعيد, والتي أحياناً لا تستند إلى نص قرآني أو حديث شريف, أو تفسر تفسيراً مجتزأً, هذه الكتب تساهم بأصابة بعض الأشخاص بوهم أو خوف شديد, أو وسواس قهري, على الرغم أن الوعي الديني يجب أن يسهم بتخفيف المشكلات النفسية, أو تقوية ذوات الناس لمساعدة أنفسهم, إذاً يجب أن يكون الإنسان محصناً بواقعيته عندما يقرأ أو يسمع شئ كي لا يتأثر. ولأن المشكلة النفسية هي في الذهن فقط أي في العقل الباطن, والعقل الباطن يقبل أي فكرة ندخلها فيه, فهو لا ينتقد ولا يفسر بعكس العقل الواعي, لذا لا يجب أن نكون متلقين سلبيين وتلقائيين, بل نكون واعين للأمور والأفكار التي ندخلها إلى عقلنا الباطن, أي نبرمجه بشكل هادف ومقصود, ندخل الفكرة الإيجابية ونطرد الفكرة السلبية, فالواعي يسهل عليه تغيير أفكاره, لكن هل الوعي بالمشكلة يعني الاعتراف بها؟ • الاعتراف بها: بالتأكيد يلعب الوعي دوراً في الاعتراف بالمشكلة, لكن كثير من الناس رغم معرفتهم بوجود مشكلة لا يعترفون بها, ويحاولون قدر الإمكان الهروب من هذا الاعتراف بطرق عديدة, وعدم الاعتراف بالمشكلة له أسباب كثيرة أهمها محاولة تبرئة النفس منها, وكذلك الخوف من المشكلة, وأيضاً ما تمثله المشاكل النفسية عند المجتمعات المتخلفة والمرتبطة بالخجل والعار والجنون, ولذا تشهد عيادتي كثير من المتصلين الذين لا يرغبون بأن يراهم أحد وهم يدخلون, وأيضاً تزخر ملفات العملاء بالأسماء المستعارة والعناوين المزيفة. والحديث عن المشكلة بطريقة ما يسمى بالتداعي الحر, يخفف من ضغطها ويشعر الإنسان بعدها بالراحة, وهو ما يسمى شعبياً بالفضفضة, كما أن الاعتراف بالمشكلة يعني خطوة عملية للبحث عن حل أو مساعدة • طلب مساعدة اختصاصي. عندما لا نعالج المشكلة في بداياها, تتراكم وتتأصل كعادة ذهنية والعادة المتأصلة تحتاج إلى وقت وجهد أكبر للتخلص منها, فعندما تكون المشكلة في بدايتها فهذا يعني أن العقل الباطن لم يتح له الوقت الكافي لتكرار ارتباطاتها الشرطية, والتكرار هو ما يصنع العادة سواء كانت عادة سلوكية أو ذهنية, ولذا لن يصعب تقبله لارتباط شرطي جديد, فالمعروف أن العقل الباطن يرفظ العادات الذهنية الجديدة التي تلغي القديمة, ويحتاج إلى وقت لتعلمها, فالمشكلة الجديدة في بداياتها لم تشكل بعد نظام قناعات في ذهن الفرد, ولذا فنفوذ المشكلة يكون أقل على الإنسان. لذا فمن الضروري الاستعانة باختصاصي نفسي, يستطيع أن يساعدنا على مساعدة أنفسنا, فهذا الاختصاصي لديه من العلم والمهارات والتدريب الكافي في التعامل مع المشكلات النفسية, والاستعانة باختصاصي هو أمر طبيعي, فالناس تستعين بطبيب عند المرض وتستعين بمحامي للقضايا القانونية وتستعين بمهندس عند بناء بيتها. ويعتبر قرار الإنسان بطلب المساعدة هو أولى الخطوات العملية لحل المشكلة, فالصعوبة الحقيقية هي في القرار, وبعدها يكتشف الإنسان أن الأمر أسهل مما كان يعتقد ولذا سيشعر بالراحة بعدها فقط لمجرد استشارة أخصائي, وهنا يكون قد انتهى من نصف حل المشكلة. ثانياً: نصف الحل: مساعدة النفس: إن الإحساس بالعجز تجاه المشكلة يزيد من صعوبات حلها, والإحساس بالعجز هو شعور سلبي يضاف إلى المشاعر السلبية للمشكلة ويضخمها, فمعظم الناس يبحثون عن معجزة أو حل سحري لمشكلاتها النفسية, لكن في الواقع لا يوجد معجزات في علم النفس, لا يوجد حل للمشكلة النفسية من الخارج, فحتى الدواء الذي يصفه الأطباء النفسيين يعمل على تهدئة الإنسان وتخدير المشكلة وإزالة بعض الأعراض المصاحبة لها فقط, لكنه لا يحل المشكلة من جذورها, بالطبع هناك مشكلات مزمنة تحتاج إلى الدواء والعلاج النفسي معاً. مساعدة النفس شرط ضروري للخروج من أي مشكلة, وهي تعني الجهد المبذول ذهنياً ونفسياً وسلوكياً, ولا يجب أن توحي لنا جملة مساعدة النفس بالعمل الشاق والمتعب, أو الاعتماد على الإرادة فقط, ولكن مساعدة النفس تعني استخدام طرق وتقنيات قد يكون بعضها بسيطاً, وكذلك تعني تدخل الفرد الهادف في مشكلته, أي بناء على خطة وعدم تركها للزمن أو الحل التلقائي, ونؤكد مرة أخرى أن الأخصائي النفسي لا يعالج ولكنه يساعد الناس كي يساعدوا أنفسهم. 1- الرغبة في التغيير والشفاء: الرغبة بالشفاء لا تعني أمنية بالشفاء, ولكنها تعني قراراً بالتغيير وتبديل الحالة, ومن المستحيل أن يشفى إنسان لا يرغب بالشفاء, وهناك العديد من القصص المعروفة التي تؤكد أن الناس استطاعوا شفاء أنفسهم ذاتياً من أمراض بعضها خطير مثل السرطان, فإذا لم يكن هناك معجزات في علم النفس, فإن المعجزة الحقيقية هي الإنسان وعقله الجبار القادر على عمل المستحيلات. منها هناك أشخاص يستفيدون من حالتهم المرضية, وأحياناً يستمتعون بها ولا يريدون الخروج منها, وخاصة بين بعض الأطفال الذين يحصلون على امتيازات عاطفية لكونهم مرضى, وكثير من الكبار والصغار على حد سواء يمارسون الابتزاز العاطفي, ويحاولون لفت النظر بتمسكهم بمشكلاتهم النفسية. الرغبة بالشفاء تشبه الرغبة بالحياة, أي عدم الاستسلام فالإنسان يستطيع أن يسير إلى حتفه ويستطيع أن يعيش ويحيا طويلاً, إذ أن حتى الشيخوخة لا تعني النهاية, ويقال بالتعبير الشعبي أحياناً أن شخصاً يقاوم المرض, والواقع أن المقاومة الحقيقية تبدأ من العقل, وأصبح من المعروف صلة العقل بالجسد فلا يوجد مرض بدني بلا أثر نفسي, ولا يوجد مشكلة نفسية بلا أعراض بدنية. إن العقل الباطن قوة رهيبة قادرة على شفاء الإنسان وإضعافة واسعاده..الخ فما تضعه في عقلك الباطن يتحقق, فأي أمر ترغب به بشدة حتماً سيتحقق إن رغبت بالخير فسيأتي إليك وإن رغبت بالشر فسيأتي إليك, فالعقل الباطن لايسأل ولا ينتقد, ولكنه فقط ينفذ ما يدخل به وما يتم تعليمه به. 2- القناعة والإيمان بالعلاج: قد لا تكون القناعة مبنية على شئ واقعي, فعندما يصاب الإنسان بالخوف قد لا يكون هذا الخوف واقعي, قد يكون إفتراضياً ووهمياً أي موجود فقط في خيال الإنسان وعقله الباطن, لكن هذا الخوف الافتراضي إذا كان من المرض مثلاً قادر على بناء أعراض هذا المرض, أو أعراض الجلطة الوهمية, فالمشكلة النفسية تحدث بسبب نظام القناعة الذي يتكون في عقل الإنسان حتى وإن كانت القناعة بشئ غير موجود أو غير ملموس, وكثيراً ما يمرض الإنسان ويشفى من إيحاء ثم قناعة, فإذا اقتنع الإنسان أن الماء الذي قرأ عليه القرآن سيشفيه سوف يشفى بالتأكيد, ولذا فالقناعة والإيمان بطريقة العلاج عامل حاسم بالشفاء, لذا فالتنويم فاعل في سرعة الشفاء لأنه يغير نظام القناعات السلبية لدى الإنسان. ياتيني بعض الناس وهم مقتنعون تماماً بأنهم سوف يشفون عن طريق العلاج بالتنويم فيشفون بسرعة كبيرة, خاصة عندما يلاحظون النتائج, والبعض يتشكك بهذه الطريقة للعلاج أو يكون لديه توقع آخر لدور التنويم مثل أستجرار المعلومات, أو يؤمن بالدواء الكيماوي أكثر فلا يتأثر من العلاج بالتنويم, والذي يؤمن بالدواء يعطى أحياناً دواءً وهمياً يسمى بلاسيبو Placebo, وهذا الدواء الوهمي سواء كان قطعة سكر على شكل حبة دواء أو فيتامينات قادرة أن تشفي الشخص لأنه آمن بأن الدواء يشفيه. فإذا عرف الإنسان أنه ليس الوحيد الذي يعاني من مشكلة نفسية, وأن غيره استطاع التخلص من مشكلته, وأن كل مشكلة قابلة للحل سيتولد لديه إيمان وقناعة بأنه سيشفى وهذا بالتأكيد سيدفعه للشفاء, إن أي فكرة أو صورة تستقر بالعقل الباطن سيعمل العقل على تحقيقها سواء كانت سلبية أم إيجابية. • خطوات عملية في مساعدة النفس: بالطبع الإيمان بالشفاء أمر ضروري, لكن يجب على الإنسان أن يسعى للطرق التي تساعده على حل مشكلته النفسية أياً كانت, فمثلاً لأن المشكلة هي في ذهن الإنسان فقط فعليه أن يلغيها من ذهنه, وهذا يتطلب إعادة تعليم العقل الباطن لعادات ذهنية إيجابية, أي إعادة برمجة العقل, أي إيقاف كل فكرة سلبية واستبدالها بفكرة إيجابية وتكرار هذه الفكرة حتى تصبح عادة ذهنية جديدة, فكل شئ نكرره يصبح عادة أما سلوكية أو ذهنية, وهذا يعني أن نغير استجاباتنا للأمور فنجعلها تقوينا بدلاً من أن تضعفنا, فإذا تعلمنا التعامل مع عقلنا الباطن بشكل مقصود وموجه وهادف نستطيع السيطرة على أفكارنا ومشاعرنا, ولا تكفي المؤثرات الداخلية ولكننا نطوع المؤثرات الخارجية كذلك ونكون واقعيين, أي نعتبر أننا نعيش في واقع به سلبيات وإيجابيات وهذا يخفف من حدة استجابتنا للضغوط. إضافة إلى تغيير الأفكار يجب أن نتعلم الاسترخاء, لأن الإنسان صاحب المشكلة النفسية إنسان متوتر بالأساس ويعاني من تشوش وحيرة وإكتئاب ناتجة عن الضغوط النفسية, والتوتر يكون عادة بدنياً وذهنياً, ولذا فطرق الاسترخاء تجعلنا نفرغ من ضغوطنا النفسية, وعندما تسترخي أبداننا تسترخي أذهاننا بالمقابل وهذا يجعل أفكارنا وأهدافنا واضحة وقراراتنا عقلانية, ويجعل ردود أفعالنا هادئة وغير مبالغ بها, وإذا استطعنا أن نسترخي نستطيع تغيير أفكارنا بسهولة أكبر مما لو كنا متوترين, ولذا يعطي الطبيب النفسي مهدئات لتساعد الإنسان على التفكير العقلاني, لكنها كما قلنا لا تعالج المشكلة من جذورها. كل تمرين سواء بدني أو اجتماعي أو نفسي يبدأ بصعوبة, لأن العقل الباطن يقاوم العادات الجديدة ولا يتقبلها بسهولة, لكن مع الوقت والتكرار تصبح الأمور تلقائية, فعندما يبدأ الإنسان بتلقين نفسه بالأفكار الإيجابية البديلة سيجد صعوبة في تقبلها أو تصديقها, لكن التكرار ومخاطبة النفس أو العقل الباطن بجزم وقوة سيكون العادة الإيجابية والصحية البديلة, فكل البشر لديهم قوة كامنة في داخلهم ويجب أن يتعلموا كيفية استنهاضها. ثالثاً: الاستمرار بصحة نفسية جيدة: الإنسان سيظل إنساناً, وسيتعرض لضغوط الحياة المختلفة, ورغم أنه يستطيع التخلص من مشكلته النفسية, لكن إذا رجع إلى نمط حياته القديم وترك استجاباته للمؤثرات تلقائية فسيواجه مشكلات أخرى, خاصة الناس المهيئين للتعرض للضغوط النفسية, والصحة النفسية هي أساس للاستقرار والتوازن النفسيين, والسعادة الحقيقية هي التوافق النفسي والاجتماعي مع البيئات المختلفة, سواء المهنية أو الأسرية, إذا ماذا يفعل الإنسان كي يبقى بصحة نفسية جديدة؟ 1- تغيير نمط الحياة: حتى لا يعود الإنسان إلى مشكلاته النفسية, ويبتعد عن الضغوط النفسية, يجب عليه تغيير نمط حياته الذي كان يسبب له استجابات سلبية, ويبدأ ببناء حياة باتجاه مختلف عن السابق, فمثلاً عليه التخلص من العادات السلبية مثل الإفراط بالطعام أو التدخين أو العزلة أو السهر, كما أن عليه التخفيف من وطأة العمل, وابتداع برنامج ترفيهي, فالسر بالتوازن النفسي هو الاسترخاء والاعتدال في كل شئ, بدءً بالمشاعر إلى حجم العمل إلى الترفيه, لا يجب أن يبالغ الإنسان بردود أفعاله, ولا يجب أن يحمل نفسه ضغوطاً ليس لها مبرر, فعليه أن يفعل ما يستطيع وليس أكثر, ولا يجب أن يكون قاسياً مع نفسه بل يسامح نفسه ويعطيها العذر, ويسامح الآخرين أيضاً ويعطيهم العذر. عليه أن يتعلم أشياء جديدة تساعده على تغيير نمط حياته, مثل الرياضة وتناول الغذاء الصحي, وعليه أن يتعلم مهارات جديدة لتنمية ذاته مثل الاسترخاء والتنويم الذاتي, وهناك عدد كبير من الكتب التي تساعد على التطور الشخصي والدورات التدريبة التي تكسبنا مهارات في التنمية الذاتية, وتتيح لنا استخدام قدراتنا الداخلية, فالإنسان يملك طاقات كبيرة يستطيع استنهاضها واستخدامها لسعادته. وكذلك على الإنسان الابتعاد عن الأماكن والأشخاص الذين يسببون له ضغطاً نفسياً, ويبحث عن الأشخاص المتفائلين والسعداء, ويرتاد الأماكن التي تبعث في نفسه الارتياح, ويجب أن يلتقي بالناس ويحضر المناسبات واللقاءات الاجتماعية, ويشارك قدر الإمكان بالنشاطات الجماعية رسمية كانت مثل النوادي والجمعيات, أو غير الرسمية مثل لقاءات الأصدقاء والأسر. كذلك يجب أن يهتم بمظهره, وطريقة مشيته وجلوسه فللمظهر الخارجي دور هام في رفع ثقة الإنسان بنفسه وكذا شكل الجلوس المنتصب والوقوف أو المشي برفع الرأس, فالطأطأة بالرأس ليس فقط تعطي انطباعاً بالكآبة والضعف ولكنه أيضاً وضع غير صحي, فالحلاقة والنظافة والملابس الجميلة والعطور..الخ كلها أمور تساعدنا على الإحساس بالثقة والرضاء الذاتي. تغيير نمط الحياة يستلزم قناعة وقرار وإجراءات عملية, فلا شئ يتغير من مجرد الحلم والتمني, وفي إجراءاتنا العملية في مساعدة أنفسنا يجب أن نبحث عن كل الأشياء التي تقوينا وتسعدنا, ونبتعد عن كل الأشياء التي تسبب لنا الضعف. ويمكن أن يضع الإنسان خطة سنوية ذات أهداف يسعى لتحقيقها, ويقسمها إلى مراحل شهرية وأسبوعية, وهذه الخطة تكون شاملة كل جوانب حياته, من العمل إلى الترفيه إلى التطور الشخصي. 2- التأكيد والتثبيت: عندما نترك أي تمرين بدني أو نفسي أو اجتماعي أو ذهني, فإننا نفقد لياقتنا, فمثل ما يحتاج الإنسان إلى الفحص الطبي الدوري, فإنه يحتاج كذلك إلى زيارة مستشاره النفسي لتأكيد التغير وتثبيثه, أو لاستعادة القوة النفسية عن طريق جلسات التثبيت والتأكيد وخاصة في التنويم. لا شئ يستمر على وتيرة واحدة, سواء الآلة أو الإنسان دون صيانة أو تجديد أو تقوية, والإنسان أولى من الآلة لأن عقله يعمل باستمرار, ويتعرض إلى مؤثرات مختلفة طوال اليوم, فيحتاج إلى تجديد وتقوية مثلما يحتاج بين الوقت والآخر إلى إجازة ترفيهية. التثبيت والتأكيد مهم, لكن معظم الناس بعد أن يتخلصوا من المشكلة يشعرون بالراحة ويندمجون بالحياة, وقد يتعرضون لنفس الضغوط السابقة فيعتبرونها إنتكاسة, وعندما أقول لعملائي بعد الشفاء أنهم يحتاجون إلى جلسات تأكيد وتثبيت كل أسبوعين ثم كل ثلاثة أسابيع ثم كل شهر مرة, بعضهم لا يأخذ الأمر على محمل الجدية, وكطبيعة كل البشر عندما يشعرون بتحسن فإنهم سرعان ما ينسون معاناتهم وكأنها لم تحصل, وحتى الطبيب يعاني أحياناً مع مرضاه, فعندما يقترح عليهم مراجعته بعد تحسنهم فإنهم يهملون هذا الأمر, لكن يسارعون إلى مراجعته عند معاودة المرض. العقل الباطن لا ينسى عاداته القديمة, لكنه يضعها بمتحف الذاكرة أي بالخلف وليس قريباً من سطح الذاكرة, وهذا يعني أنه يمكن أن تعود المشكلة في لحظة ما عندما يستدعيها العقل, مثل الذي يقلع عن التدخين فترة أشهر أو سنوات لكن العادة لم تنته ولم تختف, ويمكن أن تعود ولذا يحتاج الإنسان باستمرار إلى تقوية عادته الجديدة يحتاج إلى تأكيدها وتثبيتها.[vf jt;v


كتبها احمد في 07:47 مساءً ::

ليست هناك تعليقات:

ارقام

  انتقل إلى المحتوى Networkawareness.net نمهد لكم الطريق في رحلة الوعي القائمة الرئيسية نور علم الأرقام والحروف اترك تعليقا   /  تأملات  / ب...