الاثنين، 28 يناير 2019

الأسفار التاريخية:


والسؤال الذي لا يستطيع النصارى الإجابة عليه هو: على يد من تعلم وتتلمذ بولس هذا أصول المسيحية ؛حتى يصير بهذه المرتبة عندهم ؟
فهم يقرون بأنه لم يلزم المسيح !! ولا تتلمذ على يديه ! ولا حتى على أيدي تلامذته ،إلا ما يذكر من أنه صحب برنابا ،وهذه الصحبة حجة عليهم ؛لأنهم يقرون بأن برنابا اختلف معه، وفارقه على إثر ذلك الاختلاف. ويترجح لدينا أن ذلك الاختلاف مرجعه إلى شذوذات بولس وآرائه الشركية التي خالف بها صراحة دين المسيح. ويدل على ذلك إشارات بولس نفسه إلى شيء من ذلك الخلاف في رسالته إلى أهل غلاطية ؛حيث اتهم برنابا بمداهنة ومراءاة أهل الختان العاملين بشريعة موسى في دعوته إلى العمل بالشريعة ، وعدم مؤاكلته أو مجالسته للوثنيين (2/11-14) . وفي أعمال الرسل (15/39): ( فوقع بينهما خلاف شديد حتى فارق أحدهما الآخر؛ فاستصحب برنابا مرقس وأبحر إلى قبرس، وأما بولس فاختار سيلا ومضى )أهـ.
 وكذلك الأمر بالنسبة لبطرس أو صخر، وهو عندهم من أقرب التلاميذ وأحظاهم عند المسيح. فإنه قد خالفه في أهم المسائل التي أفسد فيها بولس النصرانية كما سيأتي وهي دعوته للاستغناء بعقيدة الفداء والخلاص عن التمسك بشريعة موسى والعمل بها؛ فإن بولس نفسه يذكر في رسالته لأهل غلاطية (2/11-14) أن بطرس قدم إلى أنطاكية، وأن بولس واجهه هناك وغضب عليه وخالفه في هذه المسألة، وهي الالتزام بشريعة موسى، لأن بطرس لم يكن يؤاكل المسيحيين الذين هم من أصل وثني لعدم التزامهم بالختان والشريعة. وفيها أنه كان قد أقام عنده قبل ذلك في أورشليم خمسة عشر يوماً، قال: (ولم أر غيره من الرسل سوى يعقوب أخي الرب!!) أهـ (1/19)
 فلم يكن لقاؤه إذن لمن لقيه من تلاميذ المسيح ؛إلا لقاء محدوداً اتسم بالخلاف والمواجهة في أخطر مسائل الدين!
وإن الدارس لسيرة هذا الرجل، ليعجب من الذي يؤهله ويمكنه من المجاهرة بمخالفة بطرس، الذي هو بزعم النصارى أقرب الناس إلى المسيح في أخطر مسائل الدين !! وما الذي يؤهله إلى مواجهته في ذلك ؛والغضب عليه غير سلطانه وقوته التي تنبع من كونه مواطناً رومانياً من رعايا الدولة الحاكمة. وكونه كان قبل ذلك مخوّلاً باضطهاد النصارى من قبل عظيم الأحبار كما في سفر أعمال الرسل (9/2) الذي ورد فيه أيضاً (9/27) أنه حاول الانضمام إلى التلاميذ (وأنهم كانوا كلهم يخافونه غير مصدقين أن تلميذ) أهـ
والمعروف أيضاً أن بولس هو الذي حول الديانة النصرانية، من رسالة خاصة باليهود، إلى رسالة عالمية خاطب بها الوثنيين وغيرهم ؛ كما هو واضح جلي في رسائله ؛ وسهلها عليهم بتقليله من شأن الالتزام بالشرائع بل وإلغائها وجعلها لعنه واستن به بعد ذلك من جاء بعده من دعاة النصرانية.
وقد خالف بذلك مخالفة صريحة ما ينسب إلى المسيح في أناجيلهم من وصايا موجهة إلى حوارييه الاثنى عشر (الرسل)
كقوله في إنجيل متى (10/1-9) وقد تقدم: (لا تسلكوا طريقاً إلى الوثنيين، ولا تدخلوا مدينة للسامريين، بل اذهبوا إلى الخراف الضالة من آل إسرائيل)أهـ
وبعد هذا كله، فلست بمبالغ إن قلت أن بولس هذا كان من اشهر دعاة الأرجاء في العالم ومن أوائل الدعاة إليه في تاريخ النصرانية () ؛ وقد كان ذلك من أكبر المعاول التي أفسد بها هذه الديانة ،إذ أنك تراه في جميع رسائله تقريباً يركز على التقليل من قيمة العمل بشريعة موسى التي هي من شريعة عيسى عليهما السلام؛ كالختان، فتراه يدعو إلى إعفاء النصارى من أصحاب الأصول الوثنية منه بل وعدم لزومه مطلقاً، كما يبيح أكل ما ذبح على الأوثان، ويبيع شرب الخمر، كما سيأتي أمثلة من ذلك عند الكلام على رسائله.
وذلك لأنه يرى أن ( دعاة العمل بأحكام الشريعة لعنوا جميعاً ).
 ويقول: ( إن المسيح أنقذنا من لعنة الشريعة، إذ صار لعنة لأجلنا، فقد ورد في الكتاب "ملعون من علق على خشبه" ) أهـ.
فالإيمان بالمسيح يكفيهم !! عن العمل بأحكام الشريعة ( والشريعة لا تبرّ أحداً عند الله لأن البار بالإيمان يحيا ) انظر رسالته إلى أهل غلاطية (2/16-17) و (3/10-13) .
وتراه إذا ذكر العمل بالشريعة يذكره على سبيل التعجيز والتنفير كقوله في الرسالة نفسها: ( إن المسيح قد حررنا لنكون أحراراً ؛ فاثبتوا إذاً ولا تعودوا إلى نير العبودية () فها أنا بولس أقول لكم إذا اختتنتم فلن يفيدكم المسيح شيئاً، وأشهد مرة أخرى لكل مختتن بأنه ملزم أن يعمل بالشريعة جمعاء، لقد انقطعتم عن المسيح يا أيها الذين يلتمسون البر من الشريعة وسقطتم عن النعمة ..) أهـ.  تأمل !!
ولا غرابة في ذلك فإن الإرجاء بدعة يهودية أخبر الله تعالى عنها في كتابه حيث قال: ( وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ).
فزعموا أنهم لن يدخلوا النار إلا أربعين يوماً مدة عبادتهم للعجل ؛فتأمل كيف هوّنوا من شأن الكفر والشرك وجعلوه ذنباً كسائر الذنوب أي كفراً أصغرا.(·) 
وهكذا حرّف بولس ورقّع الديانة المسيحية ولفّق فيها الشيء الكثير، لدرجة أن عدداً من الباحثين كما ذكر مايكل هارت صاحب كتاب المائة الأوائل يرون أن مؤسس الديانة المسيحية بشكلها وتركيبتها الحالية هو بولس وليس المسيح !
وعلى كل حال فبراءة المسيح من هذا الباطل العريض عندنا نحن المسلمين ثابتة بيقين، إذ كله مناقض لما بعث به هو وغيره من أنبياء الله ورسله من عقيدة التوحيد وغيرها من الشرائع.

ولكن الأحبار والقسيسين والرهبان القيّمين على هذه الديانة ؛ فعلوا في دينه وشريعته وكتابه ما لم يفعله أعداء المسيحية في عهود الاضطهاد ..

( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) (البقرة:79)










لمحة شاملة عن أسفار العهد الجديد
التاريخية والتعليمية
وأخيراً فالعهد الجديد():
ينقسم عند النصارى إلى قسمين، هما:
1. الأسفار التاريخية:
وتشمل أناجيلهم الأربعة المتقدمة.
ورسالة أعمال الرسل المنسوبة للوقا.
2. الأسفار التعليمية: وتشمل:
ثلاثة عشر رسالة منسوبة لبولس.
وسبعة رسائل يسمونها الرسائل العامة:
ثلاث تنسب ليوحنا.
       ورسالتان تنسبان لبطرس.
       ورسالة ليعقوب الصغير .
       ورسالة ليهودا أخو يعقوب الصغير.
كما تشمل :
الرسالة إلى العبرانيين.
ورؤيا يوحنا.
فيكون مجموع ذلك كله سبعة وعشرين سفراً مختلفة الحجم بعضها قد لا يتجاوز ورقة واحدة .
 وإليك بيان ذلك ..
أما الأسفار التاريخية: فقد تقدم الكلام على أناجيلهم الأربعة .
 وأما سفر أعمال الرسل فهو تاريخ يذكر الأحداث التي جرت للرسل ؛الذين هم على حد زعم النصارى تلاميذ المسيح الذين أرسلهم للدعوة إلى النصرانية، فهذا التاريخ يتكلم عن دعوتهم ، وما جرى لهم من أحداث بعد المسيح ، ويتوسع في الكلام على بولس()، وقد اختلف النصارى في مؤلف هذا السفر، وإن كان أكثرهم يرجحون أنه للوقا صاحب الإنجيل الثالث ويذكرون أنه كتبه بعد إنجيله في حدود سنة 80م في وقت ينقص أو يزيد عشر سنوات، وكان النصارى في البدء يستشهدون به ويقرؤونه ، ولكنهم لم يلحقوه بكتابهم المقدس إلا في أواخر القرن الثاني؛ حيث كان أول من ألحقه به، واعتبره سفراً مقدساً (إيريناوس) أسقف ليون.
وأما الأسفار التعليمية: فهي مجموعة الرسائل والخطب التي كان يرسلها أو يلقيها معلموا المسيحية أثناء دعوتهم وتنقلاتهم
* أما الثلاثة عشر رسالة التي كتبها بولس، فقد كانت مكتوبة كلها باليونانية، وهي تتفاوت بالحجم أكبرها رسالته إلى أهل روما، وقد جمعت رسائله في مجموعات كالتالي:
1. الرسائل الكبرى وهي:
الرسالة إلى أهل رومة :
    ومعلوم أن تفسير مارتن لوثر لهذه الرسالة أدى إلى نشأة المذهب البروتستانتي، ولعل من أهم الأسباب في ذلك أن هذه الرسالة شأنها شأن رسالته إلى أهل غلاطية والثانية لأهل قورنتس، فيها الرد على أنصار الحفاظ على الشريعة وعباداتها وتكاليفها، فقد أعلن بولس في كل هذه الرسائل الثلاث؛ أن الإيمان بالمسيح يُغني عن الختان وعن العمل بأحكام شريعة موسى، أو كما قال في رسالته لأهل رومة: (البر الذي يأتي من الإيمان من غير أعمال) فكان هذا مناسباً لأفكار لوثر الانفتاحية!!.  
والرسالتان الأولى() والثانية لأهل قورنتس
والرسالة إلى أهل غلاطية() 
2. رسائل الأسر وهي التي كتبها بولس إذ كان أسيراً في رومة ينتظر محاكمته:
الرسالة إلى أهل إفسس() 
الرسالة إلى أهل فليبي() 
الرسالة إلى أهل قولسي
الرسالة إلى فيلمون()
3. الرسالتان الأولى والثانية إلى أهل تسالونيقي() 
4. الرسائل الرعائية() كتبها إلى أفراد وهي:
الرسالتان الأولى والثانية إلى طيموتاوس() 

ليست هناك تعليقات:

نفسى

 فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...