الخميس، 31 يناير 2019

كيف تختار شريك الحياة..؟ 
في سايكولوجيا الزواج 
الاختيار في حد ذاته فعل انساني ليس بالسهل، وخاصة، إذا كان يتعلق 
باختيارشريك الحياة. ينطوي الاختيار على معنى الحرية، فالحرية هي القدرة 
على الاختيار، ولكن ليس أي اختيار، إنها القدرة على اختيار الأفضل. في كل 
مرة نختار علينا أن نتساءل: إلى أي مدى كان اختيارنا بارادتنا، إلى أي 
مدى كان اختيارنا حرا، إلى أي مدى كان اختيارنا سليما؟ 
الدوافع اللاشعورية في الاختيار 
ثمة دوافع خفية تقريبا تؤدي دورا في اختيار شريك الحياة من دون وعي منا 
تقريبا، فنختار تحت تأثيرها ظانين أن اختيارنا هذا كان بارادتنا تماما، 
وأننا كنا أحرارا فيه، في حين أن الواقع غير ذلك. من هذه الدوافع نذكر:
 •     الاختيار بدافع الهروب: كالهروب من عائلة تعتريها مشكلات تسلط الأب أو 
معاملة زوجة الأب القاسية، أو بدافع الهروب من الاحساس بالوحدة و الخوف 
من فوات الأوان (البنت العانس) أو بدافع الهروب من الفقر (تبني نظرية 
العروس أو العريس الجاهز).
 •     الاختيار بدافع الصفات المفتقدة: كأن يختار المرء شخصا تتوافر فيه صفات 
أو امكانات يفتقدها ويتمنى أن تكون لديه، كمن يختار شخصا يتصف بالجمال أو 
العلم أو الرزانة أو الحيوية أو موهبة ما.
 •     الاختيار بدافع الشعور بالنقص: فمن كان محروما من حنان الأمومة أو عطف 
الأبوة والتقى من يسد لديه هذا النقص، يندفع نحوه ويختاره، وغالبا يكون 
هذا المختار أكبر سنا من صاحب الاختيار.
 •     الاختيار بدافع (البديل): قد ينجذب شخص نحو آخر، فيختاره لأنه يحمل 
صفات جسمانية أو سمات نفسانية و أخلاقية تذكره بأشخاص يحبهم كانت تتوفر 
فيهم هذه الصفات أو السمات. مثال ذلك، الرجل الذي يختار زوجة فيها الكثير 
من صفات أمه التي كان يحبها ويقدرها.
 •     الاختيار بدافع الضد: كأن يختار الواحد شخصا يحمل نقيض القيم التي 
تحملها أسرة صاحب الاختيار والتي يرفضها أصلا ليعبر في اختياره عن رفضه 
لقيم أسرته. مثال ذلك الفتاة التي تنتمي إلى أسرة محافظة متعصبة تعاني 
فيها تسلط الأب أو الأخوة، تختار شابا من أسرة متحررة تقدمية.
 •     الاختيار بدافع توكبد الذات: يعبر عن الحاجة إلى تقدير الذات، فيه 
يستهدف صاحب الاختيار شخصا له مقام اجتماعي أو ديني أوسياسي أو نسبي 
وحسبي أو غيره، يربط شخصه به ويؤكد ذاته عن طريق اختياره له وارتباطه 
به.
 •     الاختيار بدافع الانقاذ: كأن تختار انسانة شابا ضائعا  بتأثير الشفقة 
عليه، وهو يختارها بدوره لتخرجه وتنقذه من حالة البؤس والشقاء والفقر 
الذي يعيش فيه.
•      الاختيار بدافع عشق الذات: إنه اختيار نرجسي فيه يختار الواحد شخصا 
وسعادتهما وشعورهما بوحدة الهدف. أما لو تصورنا أن القيمة الأولى عند 
الزوج  هي العلم  والسعي للحصول على أعلى الشهادات، ينما كانت عند الزوجة 
الحصول على المال والتمتع بمباهج الحياة فإننا لا نتوقع لهذا الزواج 
النجاح.
 •     الوضوح مع النفس والصراحة التامة وإتاحة الفرصة للتعارف المتبادل: ذلك 
كله لا يتم عن طريق الحوار فقط إنما  أيضا عن طريق المواقف  وردود الفعل 
العفوية المختلفة، وعن طريق ملاحظة تتوفر فيه الصورة التي يعشقها عن ذاته. إن هذا الاختيار عشق للذات من 
خلال الآخر.
معايير الاختيار الجيد 
ليس المهم أن نختار فقط، إنما أن نحسن الاختيار؛ فيكون اختيارنا واعيا 
ومدروسا، حرا وعقلانيا ومحبا؛ أي أن نختار ما يناسبنا وما هو الأفضل حقا 
بالنسبة إلينا.
فيما يأتي أهم مقاييس هذا الاختيار الجيد:
 •     الانجذاب: الانجذاب الجسدي والعاطفي والروحي شرط ضروري وأساسي، لكنه لا 
يكفي وحده. لهذا الانجذاب معنيان: سلبي ويعني عدم وجود موانع في الآخر 
تنفره منه، وايجابي ويعني أن الشخص المختار يستحق أن يكون موضع اهتمام 
وتفكير ودراسة أعمق.
 •     توافر عناصر ربط بين الاثنين: عوامل مشتركة في الميول والطباع والطموح 
والذوق والاتجاهات والأهداف المشتركة والوسط الاجتماعي والقيم الأخلاقية 
الأساسية والمذهب الواحد. وكذلك التناسب في العمر والمستوى الثقافي 
والتعليمي والاجتماعي والاقتصادي.
 •     مراعاة السلم القيمي: لكل شخص قيم معينة يقدرها ويعتنقها ويسعى إلى 
تحقيقها في حياته، مثل: العلم والمال والإيمان والأمانة والصدق. كلما 
اتفق الشريكان على ترتيب الأوليات في هذه القيم، أدى ذلك إلى اتفاقهما 
شكل  تعامل كل طرف مع أهل بيته 
) الوالد والوالدة والأخوان...) وكذلك عن طريق الصحبة والرفاق.
 •     نضج الشخصية: الحب والزواج من عمل الراشدين، لذلك يستلزم نضج الشخصية.
ومن مؤشرات هذا النضج: الاستقلال العاطفي والمادي، والثقة بالنفس، 
والشعور والقدرة على تحمل المسؤولية، والقدرة على التكيف، والقدرة على 
التحكم في الذات وضبطها، والقدرة على عطاء الذات وإسعاد الآخر، 
والاستعداد لقبول الآخر المختلف عني والتكيف مع طباعه، وتحكيم العقل وعدم 
الانجراف مع تيار العاطفة.
 •     قبول فكرة أن الاختيار نقطة انطلاق: يبدأ من بعدها المسير في رحلة بناء 
البيت الزوجي والحياة الزوجية. إنه البداية في مشروع  الارتباط وليس 
النهاية كما يتخيل البعض.












ليست هناك تعليقات:

نفسى

 فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...