الأربعاء، 25 يناير 2017



سجود التلاوة للمعلم(1)
س: إذا مررت بآية سجدة وأنا أقرأ القرآن على مكتبي أو أنا أدرس التلاميذ أو في أي مكان، هل أسجد سجود التلاوة أم لا، وهل السجدة للقارئ والمستمع ؟
ج: سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع وليس واجبا ولا يشرع للمستمع إلا تبعا للقارئ، فإذا سجد القارئ سجد المستمع، وإذا قرأت آية السجدة في مكتبك أو في حال التعليم فالمشروع لك السجود ويشرع للطلبة أن يسجدوا معك، لأنهم مستمعون وإن تركت السجود فلا بأس لأنه ثبت عن زيد بن ثابت أنه قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم فلم يسجد فيها فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم متفق
على صحته.
وذلك دليل على أن سجود التلاوة ليس واجبا وعلى أن المستمع إنما يشرع له السجود إذا سجد القارئ، والله ولي التوفيق.
سجود التلاوة للجنب(2)
س: السائلات: أ. ر , و أ , ف. أ. - من اللاذقية بسوريا يسألن: هل يجوز للجنب الرجل أو المرأة السجود للتلاوة أو لغيرها ؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيرا.
ج: اختلف العلماء في سجود التلاوة والشكر هل يشترط لهما الطهارة من الحدثين على قولين: أصحهما لا يشترط لعدم الدليل على ذلك ولأن السجود وحده ليس صلاة ولا في حكم الصلاة ولكنه جزء من الصلاة فلم تشترط له الطهارة كأنواع الذكر غير القرآن.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن فإذا مر بالسجدة سجد وسجد معه أصحابه ولم يثبت عنه صلى الله علته وسلم أنه أمرهم بالطهارة في ذلك ومعلوم أن المجالس تضم من هو
جنب ومن هو غير جنب، ولو كانت الطهارة شرطا للسجود من الحدث الأكبر أو من الحدثين لبينه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما بين صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله أن الجنب لا يقرأ القرآن. وبذلك يتضح جواز سجود التلاوة والشكر للجنب والحائض وغيرهما ممن هو على غير طهارة من المسلمين في أصح قولي العلماء، والله ولي التوفيق.


المشروع للإمام إذا قرأ آية
السجدة في الصلاة الجهرية أن يسجد(3)
س: الأخ م. س. ع. من ثادق في المملكة العربية السعودية يقول في سؤاله: صليت مع أحد الأئمة صلاة المغرب وقرأ في الركعة الأولى سورة العلق: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ وبعد تكبيره سجدت سجدة التلاوة ولكني فوجئت به يقول سمع الله لمن حمده، أي أنه لم يسجد سجدة التلاوة فنهضت وتابعت معه للركعة بدون ركوع وبعد السلام نهضت وأتيت بركعة بدل الركعة
الأولى التي لم أتمكن فيها من الركوع مع الإمام. أرجو من سماحة الشيخ الإفادة عن فعلي هذا هل وافق الصواب أم لا ؟ كما أرجو الإفادة عن ترك الإمام لسجدة التلاوة ؟ أفتونا جزاكم الله خيراً.
ج: المشروع للإمام إذا قرأ آية السجدة في الصلاة الجهرية أن يسجد تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ومن لم يسجد فلا حرج عليه، لأن سجود التلاوة سنة وليس بواجب.
ومن الدليل على ذلك أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن زيد بن ثابت قرأ عليه سورة النجم فلم يسجد فيها، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود فدل ذلك على عدم الوجوب.
أما أنت فصلاتك صحيحة والأفضل لك لما عرفت أنه لم يسجد أن ترفع وتستتم قائما ثم تركع وتطمئن في الركوع ثم ترفع وتستتم قائما وتطمئن ثم تتابع إمامك ولا حرج عليك في التخلف عنه لأنك معذور لعدم علمك بأنه راكع وهكذا لو غفل المأموم عند ركوع الإمام بنعاس أو وسوسة أو نحو ذلك فلم ينتبه حتى رفع الإمام من الركوع فإنه يركع ويطمئن ثم يرفع ويطمئن ثم يتابع إمامه. ولا حرج عليه لكونه لم يتعمد التخلف. والله ولي التوفيق.


لا يشرع للمستمع أن

يسجد إلا إذا سجد القارئ(4)
س: إن كان الإنسان يستمع إلى تلاوة القرآن الكريم بواسطة جهاز التسجيل ومر القارئ بآية فيها سجدة تلاوة فهل يسجد؟ أفتونا جزاكم الله خيرا.
ج: لا يشرع للمستمع أن يسجد إلا إذا سجد القارئ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عليه زيد بن ثابت رضي الله عنه سورة النجم ولم يسجد فلم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم. فدل ذلك على عدم وجوب سجود التلاوة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على زيد تركه. كما دل الحديث أيضا على أن المستمع لا يسجد إلا إذا سجد القارئ، وفق الله الجميع.


حكم الصلاة للميت(5)
س: منذ أن توفيت والدتي وأنا أصلي لها ركعتين فهل عملي هذا يصح أم لا؟
ج: ليس بصحيح وإنما المشروع الدعاء لها والترحم عليها والصدقة عنها أو الحج عنها أو العمرة كل هذا مشروع ونافع لها، أما الصلاة لها، فلا أصل لذلك لأنه لم يشرع لنا أن نصلي عن الأموات ولكن الحج لا بأس به وكذا العمرة لا بأس بها والصدقة كل هذا مشروع وهكذا الدعاء والترحم عليها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له))(6) فلم يقل يصلي له بل يدعو له فتدعو لوالدتك وتستغفر لها وتسأل لها الرحمة والمنزلة العالية في الجنة وغفران الذنوب وتتصدق عنها بما يسر الله من الطعام أو من النقود أو من الملابس على الفقراء والمحاويج كل هذا طيب.




س: سائلة من العراق، تقول قتل أخي في المعركة ولما كان على قيد الحياة كان يصلي صلاته المفروضة عليه ولم يترك ولله الحمد الصلاة في يوم من الأيام ولكن بعد موته قال لنا أناس كثير صلوا له كل يوم ركعتين هدية له يصل ثوابه إليه ونحن الآن نفعل ذلك ونقرأ له من القرآن كي يصل إليه ثوابه أفيدونا ما حكم هذا العمل بارك الله فيكم؟7.
ج: ليس على هذا دليل من الرسول صلى الله عليه وسلم ولا من الصحابة بأنهم كانوا يصلون لأمواتهم ولا يقرءون لأمواتهم، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز هذا لكن الصواب أنه لا يشرع لأن الشرع يرجع إلى النقل عن الله وعن رسوله ولم ينقل لنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم صلوا لأمواتهم من المسلمين أو قرؤوا لهم فالأفضل ترك ذلك، لكن الدعاء يدعى له بالمغفرة والرحمة ويتصدق عنه بالمال ويحج عنه ويعتمر عنه كل هذا طيب، أما كونه يصلى له ركعتين أو أكثر أو يقرأ له القرآن فالأولى ترك ذلك.


حكم الصلاة للوالدين(8)
س: من السائلة أم محمد- الرياض، تقول: هل هناك صلاة للوالدين المتوفيين وما كيفيتها؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
ج: ليس على الأولاد صلاة للوالدين بعد الوفاة ولا غيرهما، وإنما يشرع الدعاء لهما والاستغفار لهما والصدقة عنهما وهكذا الحج عنهما والعمرة. أما الصلاة فلا يشرع لأحد أن يصلي عن أحد أو لأحد، وإنما يصلى على الميت المسلم قبل الدفن، ومن لم يصل عليه قبل الدفن شرع له أن يصلي عليه بعد الدفن إذا كانت المدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر تقريبا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر أم سعد ابن عبادة وقد مضى لها شهر.
وهكذا سنة الطواف وهي ركعتان بعد الطواف تشرع لمن طاف ومن ذلك الحاج أو المعتمر عن الغير فإنه يشرع له إذا طاف عن المنوب عنه أن يصلي ركعتين تبعا للطواف.
والأصل في ذلك كله: أن العبادات توقيفية، لا يشرع منها إلا ما ثبت في الكتاب أو السنة. والله ولي التوفيق.




صلاة التوبة(9)
س: شاب يقول: في فترة الشباب المبكر من العمر ارتكبت بعض المعاصي، وقد تبت إلى الله ولله الحمد والشكر، ولكن لا زال في نفسي شيء، وسمعت عن صلاة التوبة، أرجو أن تفيدوني نحو هذا جزاكم الله خيراً؟
ج: التوبة تجب ما قبلها وتمحوه والحمد لله،. فلا ينبغي أن يبقى في قلبك شيء من ذلك، والواجب أن تحسن الظن بربك، وأن تعتقد أن الله تاب عليك إن كنت صادقا في توبتك، لأن الله يقول: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(10) فعلق الفلاح بالتوبة، فمن تاب فقد أفلح، وقال سبحانه: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى(11) وهو الصادق سبحانه وتعالى في خبره ووعده، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ
سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ(12) وَ﴿عَسَى من الله واجبة.
فعليك أن تحسن ظنك بربك، وأنه قبل توبتك، إذا كنت صادقا في توبتك نادما على ما عملت، مقلعا منه، عازما ألا تعود فيه، وإياك والوساوس، والله جل وعلا يقول في الحديث القدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي))(13).
فينبغي أن تظن بالله خيرا، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل))(14) خرجه مسلم في صحيحه.
أما صلاة التوبة فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الصديق رضي الله عنه أنه قال: ((ما من عبد يذنب
ذنبا ثم يتطهر فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين ثم يتوب لله من ذنبه إلا تاب الله عليه))(15) رواه الإمام أحمد. وبالله التوفيق.


صلاة الاستخارة(16)
س: ما كيفية صلاة الاستخارة ومتى يكون الدعاء قبل السلام أم بعده؟
ج: صلاة الاستخارة سنة، والدعاء فيها يكون بعد السلام كما جاء بذلك الحديث الشريف.
وصفتها: أن يصلي ركعتين مثل بقية صلاة النافلة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن ثم يرفع يديه بعد السلام ويدعو بالدعاء الوارد في ذلك وهو: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسميه [بعينه من زواج أو سفر
أو غيرهما] خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به))(17) رواه الإمام البخاري في صحيحه.


موضع دعاء الاستخارة في الصلاة(18)
س: سائل من مكة المكرمة يقول:متى يقرأ أو يقال دعاء الاستخارة خارج الصلاة أي بعد الصلاة؟ أم في أثناء الصلاة؟ وفي أي موضع منها؟ وهل هناك فرق بين قراءة الدعاء " الاستخارة " من كتاب أو ورقة، وبين الدعاء غيبا؟ وهل تشرع إعادة صلاة الاستخارة للأمر نفسه عدة مرات؟
ج: المشروع للمسلم إذا صلى صلاة الاستخارة، أن يدعو بعد السلام منها لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل:
اللهم إني أستخيرك بعلمك...)) الحديث.
وهذا يدل على أن الدعاء يكون بعد السلام من الصلاة، والأفضل أن يرفع يديه لأن رفعهما من أسباب استجابة الدعاء، والحديث أخرجه البخاري في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، وهذا نصه: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن يقول: ((إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به)) قال ويسمي حاجته رواه البخاري.




الوارد سجود الشكر وليس صلاة الشكر(19)
س: تسأل سائلة تقول: ما هي صفة صلاة الشكر وما صفة صلاة الاستخارة؟
ج: لا أعلم أنه ورد شيء في صلاة الشكر وإنما الوارد في سجود الشكر وصلاة التوبة فيشرع للإنسان إذا أذنب ذنبا أن يصلي ركعتين ويتوب إلى الله توبة صادقة فهذه هي صلاة التوبة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يذنب ذنبا ثم يتطهر فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين ويتوب إلى الله من ذلك الذنب إلا قبل توبته))(20) خرجه الإمام أحمد بإسناد صحيح من حديث علي رضي الله عنه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وهكذا الشكر له سجود مشروع إذا بشر بشيء يسره بولد، أو فتح للمسلمين، أو بانتصار المسلمين على عدوهم، أو بغير هذا مما يسره فإنه يسجد لله شكرا مثل سجود الصلاة
ويقول سبحان ربي الأعلى ويدعو في السجود، ويحمد الله ويثني عليه على ما حصل من الخير، لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا جاءه أمر يسره سجد لله شكرا ولما بشر الصديق رضي الله عنه بقتل مسيلمة سجد لله شكرا، ولما وجد علي رضي الله عنه المخدج في قتلى الخوارج سجد لله شكرا. وأما صلاة الاستخارة فهي مثل بقية الصلوات أيضا ركعتين يقرأ فيهما الفاتحة وما تيسر معها وبعد السلام يرفع يديه ويدعو ربه ويستخيره فيقول: ((اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تعلم ولا أعلم وتقدر ولا أقدر وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر- ويسمي حاجته من زواج أو سفر أو غيرهما- خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي ثم بارك لي فيه وإن كان شرا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه وقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به))(21) خرجه البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم. والله ولي التوفيق.




حكم صلاة التسابيح(22)
س: ما حكم صلاة التسابيح؟
ج: اختلف العلماء في حديث صلاة التسابيح والصواب أنه ليس بصحيح لأنه شاذ ومنكر المتن ومخالف للأحاديث الصحيحة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة النافلة، الصلاة التي شرعها الله لعباده في ركوعها وسجودها وغير ذلك، ولهذا الصواب: قول من قال بعدم صحته لما ذكرنا ولأن أسانيده كلها ضعيفة، والله ولي التوفيق.




بدع في شهر رجب(23)
س: يخص بعض الناس شهر رجب ببعض العبادات كصلاة الرغائب وإحياء ليلة (27) منه فهل ذلك أصل في الشرع؟ جزاكم الله خيرا.
ج: تخصيص رجب بصلاة الرغائب أو الاحتفال بليلة (27) منه يزعمون أنها ليلة الإسراء والمعراج كل ذلك بدعة لا يجوز، وليس له أصل في الشرع، وقد نبه على ذلك المحققون من أهل العلم، وقد كتبنا في ذلك غير مرة وأوضحنا للناس أن صلاة الرغائب بدعة، وهي ما يفعله بعض الناس في أول ليلة جمعة من رجب، وهكذا الاحتفال بليلة (27) اعتقادا أنها ليلة الإسراء والمعراج، كل ذلك بدعة لا أصل له في الشرع، وليلة الإسراء والمعراج لم تعلم عينها، ولو علمت لم يجز الاحتفال بها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بها، وهكذا خلفاؤه الراشدون وبقية أصحابه رضي الله عنهم، ولو كان ذلك سنة لسبقونا إليها.
والخير كله في اتباعهم والسير على منهاجهم كما قال الله عز وجل: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(24) وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) أخرجه مسلم في صحيحه ومعنى فهو رد أي مردود على صاحبه، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة))(25) أخرجه مسلم أيضا.
فالواجب على جميع المسلمين اتباع السنة والاستقامة عليها والتواصي بها والحذر من البدع كلها عملا بقول الله عز وجل: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى(26) وقوله سبحانه:
﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(27) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة)) قيل لمن يا رسول الله؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))(28) أخرجه مسلم في صحيحه.
أما العمرة فلا بأس بها في رجب لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في رجب وكان السلف يعتمرون في رجب، كما ذكر ذلك الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه: (اللطائف) عن عمر وابنه وعائشة رضي الله عنهم ونقل عن ابن سيرين أن السلف كانوا يفعلون ذلك. والله ولي التوفيق.



صلاة التطوع لا تكون
واجبة إذا اعتاد عليها الإنسان(29)
س: سائل يقول: صلاة التطوع إذا اعتاد عليها الإنسان هل تكون واجبة؟
ج: لا، لا تكون واجبة. التطوع يكون دائما تطوعا لا يكون واجبا أبدا، لكن بالنسبة للحج والعمرة إذا أحرم بهما الإنسان وجبتا عليه لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ(30) فهذا شيء خاص بالحج والعمرة إذا أحرم بهما وجبتا حتى يكملهما وأما ما سواهما كالصلاة والصيام والصدقة أو نحو ذلك فهذه التطوعات تبقى على حالها تطوعا. فلو شرع في الصلاة جاز له قطعها ولو شرع في الصيام نافلة جاز له قطعه ولكن الأفضل له أن يتم ويكمل ولو أخرج مالا ليتصدق به جاز له أن يرجع قبل أن يسلم ذلك للفقير لكن الأفضل عدم الرجوع في الصدقة.
والمقصود أن جميع النوافل على حالها هي تطوع حتى
ينتهي منها إلا الحج والعمرة فإنهما إذا شرع فيهما وجبا حتى يكملهما.


هل يأثم من ترك بعض
النوافل التي كان يداوم على أدائها(31)
س: الأخت التي رمزت لاسمها بأم يوسف من مكة المكرمة تقول في سؤالها: هل يأثم المرء بسبب ترك بعض النوافل التي كان يداوم على أدائها، لأني مثلا أثناء حملي تركت صوم الإثنين والخميس، أفتونا جزاكم الله خيراً.
ج: النوافل جميعا يثاب فاعلها ولا يأثم تاركها مثل صوم الإثنين والخميس، وثلاثة أيام من كل شهر، وسنة الضحى والوتر، ولكن يشرع للمؤمن أن يواظب ويحافظ على السنن المؤكدة، لما في ذلك من الأجر العظيم والثواب الجزيل ولأن النوافل يكمل بها نقص الفرائض. والله الموفق.


حكم الصلاة في
حجر إسماعيل وهل له مزية(32)
س: نشاهد بعض الناس يتزاحمون من أجل الصلاة في حجر إسماعيل، فما حكم الصلاة فيه، وهل له مزية؟
ج: الصلاة في حجر إسماعيل مستحبة؛ لأنه من البيت وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه دخل الكعبة عام الفتح وصلى فيها ركعتين))(33) متفق على صحته من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن بلال رضي الله عنه. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة رضي الله عنها لما أرادت دخول الكعبة: ((صلي في الحجر فإنه من البيت))(34).
أما الفريضة فالأحوط عدم أدائها في الكعبة أو في الحجر؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولأن بعض أهل العلم قالوا: إنها لا تصح في الكعبة ولا في الحجر لأنه من البيت.
وبذلك يعلم أن المشروع أداء الفريضة خارج الكعبة وخارج الحجر تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وخروجا من خلاف العلماء القائلين بعدم صحتها في الكعبة ولا في الحجر، والله ولي التوفيق.


السلام على قارئ القرآن بعد النافلة(35)
س: ما هو الأفضل لمن يكون بجانب قارئ القرآن هل يسلم عليه ويصافحه بعد انتهائه من تحية المسجد أم أن عدم قطع قراءته وإشغاله عن التلاوة أفضل؟
ج: السنة أن يسلم عليه ويصافحه لما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا التقى المسلمان فتصافحا تحاتت عنهما ذنوبهما كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها)) ويقول أنس رضي الله عنه: ((كان
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا))(36) رواه الطبراني ورواته محتج بهم في الصحيح. ولأن في ذلك تأكيد للمودة والإيناس والتعارف بين المسلمين وقطع القراءة لمصلحة عارضة أمر مطلوب، والله ولي التوفيق.
1 نشرت في (كتاب الدعوة) الجزء الثاني ص (126).
2 من ضمن الأسئلة الموجهة من (المجلة العربية).
3 من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية).
4 من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية).
5 من برنامج (نور على الدرب)، الشريط رقم (127).
6 رواه مسلم في (الوصية) برقم (3084) باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته واللفظ له، ورواه الترمذي في (الأحكام) برقم (1297)، ورواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (8489).
7 من برنامج (نور على الدرب)، الشريط رقم (109).
8 من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية).
9 نشرت في (الجزء الرابع) من كتاب سماحته (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة)، ص (227).
10 سورة النور الآية 31.
11 سورة طه الآية 82.
12 سورة التحريم الآية 8.
13 رواه الإمام أحمد في (مسند المكيين) برقم (15442)، وفي (مسند الشاميين) برقم (16365)، والدارمي في (الرقائق) برقم (2615).
14 رواه مسلم في (كتاب الجنة وصفة نعيمها) برقم (5125) واللفظ له، ورواه أبو داود في (الجنائز) برقم (2706)، والإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (14053).
15 أخرجه ابن حبان في صحيحه في (كتاب الرقائق)، باب التوبة برقم (623)، وأبو داود في (كتاب الصلاة) برقم (1521)، وابن ماجه في (الصلاة) برقم (1395).
16 نشرت في (كتاب الدعوة) الجزء الثاني ص (126).
17 رواه البخاري في (الجمعة) برقم (1096).
18 من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية).
19 من برنامج (نور على الدرب) شريط رقم (106).
20 رواه الإمام أحمد في (مسند العشرة المبشرين بالجنة) برقم (2) و (57) بلفظ: ((... فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له)) وأخرجه ابن حبان في صحيحه في (كتاب الرقائق) برقم (623).
21 سبق تخريجه في ص (422).
22 من برنامج (نور على الدرب).
23 نشرت في (مجلة الدعوة) العدد رقم (1566) في جمادى الآخرة 1417 هـ.
24 سورة التوبة الآية 100.
25 رواه مسلم في (الجمعة) برقم (1435)، والنسائي في (العيدين) برقم (1560).
26 سورة المائدة الآية 2.
27 سورة العصر كاملة.
28 رواه مسلم في (الإيمان) برقم (55).
29 من برنامج (نور على الدرب).
30 سورة البقرة الآية 196.
31 من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية).
32 من ضمن أسئلة موجهة إلى سماحته، طبعها الأخ / محمد الشايع في كتاب.
33 رواه البخاري في (الصلاة) برقم (382)، وفي (الجمعة) برقم (1101)، ومسلم في (الحج) برقم (2362).
34 رواه الإمام أحمد في (باقي مسند الأنصار) برقم (23475)، والترمذي في (الحج) برقم (802)، والنسائي في (مناسك الحج) برقم (2863).
35 من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته من (المجلة العربية).

36 أخرجه الهيثمي في (مجمع الزوائد) (8 / 36) وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه البيهقي في (سننه) (7 / 100)، وفي (سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني) حديث (160).

ليست هناك تعليقات:

نفسى

 فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...