وسيدنا موسى عليه السلام ، الله تَعَالَى أمره بإلقاء عصاه ، مع أنها ذات نفع له فقال : ( وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى ، قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى، قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى ، فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ) < 17 -20 طه > ، فهنا سيدنا موسى عليه السلام : ( وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ) < 31 القصص > ، فهنا هرب لما عاين الحية ، ولكن جاء أمر أشد من الأول وهو ( قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ) .... فهنا صراع بين مقتضيات البشرية وبين أمر الله تَعَالَى ، فقد موسى عليه السلام أمر الله تَعَالَى فبشره الله تَعَالَى : ( سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ) < 21 طه > ، فرأى أن السعادة فى امتثال أمر الله تَعَالَى ببصيرة نور النبوة ، ولذلك سيدنا موسى عليه السلام ، الله تَعَالَى أراد أن يرينا امتثال أمره فأمره أن يأخذها من فيها – على ما ورد فى التفسير – على خطرها المعلوم ، فأخذها سيدنا موسى عليه السلام ،
وهكذا كل أمر بين أخذ المنافع أو المضار وتركها ، وبين أمر الله تَعَالَى ، يقدم أمر الله تَعَالَى ، فالزكاة أخذ من المال ، وهو نقص فى الظاهر ، ولكن الله تَعَالَى أمر بذلك فهى نفع .
ولذلك لما أخذ سيدنا موسى عليه السلام العصا كانت فيها نصرة الله خلاف المشاهد ، ولكن بأمر مِنَ اللهِ تَعَالَى يأخذها فيأتى منافع تنفيذ الأمر ، والله تَعَالَى ينصر الإنسان إذا نفذ أوامر الله تَعَالَى وامتثل للأمر خلاف المشاهد ، بل باليقين على وعد الله تَعَالَى الذى يأتى خلاف الطبيعة ) فى الصفحة رقم (164)
مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ، تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) < 10 – 13 الصف > ) فى الصفحة رقم (215)فبالإيمان والجهد ، الله يظهر للمؤمنين نصرات كثيرة منها :
الأولى : الهداية ، والهداية مشروطة بالجهد حيث يقول سبحانه : ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ) < 69 العنكبوت > ، فبأى حجم للمجاهدة ؟ ومن يزيد الله يزيد ، ففى قوله تعالى: (لَنَهْدِيَنَّهُمْ ) أسلوب مؤكد بالام والنون الثقيلة لتأكيد حتمية وقوع الفعل ( لَنَهْدِيَنَّهُمْ ) .
الثانية : النصرة ، ( نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ) < 13 الصف > ، والذين يتحملون المشقة الله ينجيهم من المصائب ويبعدهم عن العذاب ، فكل شىء صعب وفيه مشكلة ، وذلك باعتبار المجاهده ، و كل هذه الصعاب والمشاكل تحملها الأنبياء والصحابة والصالحون ، أم ما جاء لفرعون والنمرود وقرون وغيرهم مثل قبائل عاد وثمود من مشاكل ومصائب فهو بطريق العذاب ، لأنهم ما تحملوها لله عز وجل ، فالله أعطاهم مشقة بطريق العذاب ، كذلك أبو جهل وأبو لهب وأبى بن خلف لعنهم الله جميعا .
الرابعة : يعطيهم الله الدنيا ، مثل بنى إسرائيل ، (كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ ) < 28 الدخان > ، والصحابة رَضِىَ اللهُ عَنهُم حينما ورثوا خزائن كسرى وقيصر ، فهم تحملوا لمدة خمسة وعشرين عاما ، ثم أعطاهم الله أضعاف ما أنفقوا ، كذلك فى آخر الزمان حينما يأتى يأجوج ومأجوج ، فتكون هناك نصرة للمؤمنين ، وهذه النصرة الغيبية فى أمرين
الأمر الأول : فى الطعام ، فليس هناك طعام وهناك مجاعة ، فهنا طعامهم التسبيح .
الأمر الثانى :عند لقاء الأعداء ، المسلمون ضعاف ،و ليس لهم شىء ، ولكن تكون هناك نصرة غيبية ، فالله يرسل جنودا من عنده تهلك يأجوج ومأجوج دون تدخل من البشر إلا التوجه والعمل الصالح .) فى الصفحة رقم (166 - 167 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق