“منذ زمن بعيد وأنا ما أزال فى مقتبل عمرى كنت أتوقف أثناء قراءة القرآن الكريم عند آيات تتحدث عن العمل والجهاد والعدالة . وكنت أسجل هذه الآيات فى دفتر صغير ( شاءت إرادة الله له أن ينجو من عبث رجال الأمن) وهم يفتشون فى كتبى و دفاترى الأخرى … أذكر جيدا أن آيات وجوب ردّ العدوان والظلم والإستبداد كانت قد ملكت عليّ عقلى . عندما يتحدث القرآن الكريم عن سِمات شخصية المسلم السوية يذكر (من بينها ) {والذين إذا أصابهم البغى هم ينتصرون} الشورى 39. وكنت أنتهز كل فرصة للحديث عن هذه الآية . أما اليوم فتستحوذ علىّ الآيات التى تتحدث عن الله سبحانه وتعالى و عن زينة هذه الدنيا وسرعة زوالها .. أى الآيات التى تحثّ على التأمل وليس على الحركة .. و أذكر جيدا أن الآية التى تدل على زوال كل شىء ما عدا وجه الله عز وجل قد أثّرت فى تفكيرى تأثيرا بالغا لأنه وحده سبحانه هو الحقيقة التى لا تنقضى {كلُّ من عليها فانْ، ويبقى وجهُ ربَّك ذو الجلال والإكرامْ} الرحمن 26, 27 .. أى أن الله وحده كان قبل النجوم والكون كله وهو باق بعد زوال كل شيئ .. فهو الحق وحده والحقيقة الوحيدة الباقية إلى الأبد … وعندما إنتقلت أمى إلى رحمة الله وكان قلبى يعتصر ألما وحزنا كنت لا أفارق سورة الفجر .. وأقف دائما عند هذه الآية البديعة { يا أيّتها النفسُ المطمئِنَّة إرْجِعى إلى ربك راضيةً مرضيّة ، فادخلى فى عبادى وادخلى جنّتى} الفجر 27-30 وفى كل مرة كانت عينيّ تذرف دمعا ولكننى لم أجد من السلوى لنفسى خيرا من هذه الآية الكريمة ..وكنت أتساءل من يمكنه أن يقدّم للإنسان كلمة عزاء أبلغ من هذه الكلمات إذا قُدّر له أن يقبّل وجه ولده المتوفّى ؟
وهكذا يصل بيجوفيتش فى مجال تأمّلاته القرآنية وتأثير آيات القرآن على حياته النفسية والعملية إلى حقيقة أن القرآن الكريم كما هو شريعة وتكبيرة جهاد فى ظرف ما ، هو أيضا وفى ظروف أخرى سلوان لما لا مفر منه من نوائب الدهر .. والأمر يتوقف على حالتنا الشخصية والعقلية ففى موقفٍ معيّن يجذب القرآن انتباهنا إلى شىء ما .. وفى حالة أخرى أو موقف آخر يجذب إنتباهنا إلى حقيقة أخرى …
فإذا تركنا الجانب الفردى الشخصي من ناحية (زاوية الإهتمام) واتّجهنا إلى ما يتعلق بظروف تاريخية معينة على مستوى المجتمع .. حينئذ سوف تتركز أنظارنا على إبراز بعض الآيات القرآنية المتعلقة بهذا الظرف أو ذاك وفقا للحالة القائمة .. ففى المجتمع الذى تمزقه التفرقة العنصرية تبرز الأولوية للآيات الدالة على مساواة جميع الناس و على النشأة المشتركة للإنسانية كالآية الأولى فى سورة النساء : {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيرًا ونساءَ …}.
وفى مجتمع تُنتهك فيه الحقوق الدينية .. أو تمزّقه أى نوع من التفرقة لا بد أن تبرز هذه القاعدة الصارمة المكونة من ثلاث كلمات فقط : { لا إكراه فى الدين …} البقرة 256.. وفى ذلك يقول على عزت: ” لا نفاضل نحن المسلمين بين الآيات القرآنية .. ولكن غير المسلمين يكادون يجمعون على أن هذه الآيه القصيرة عن التسامح الدينى هى أرفع وأبدع آية قرآنية، وهكذا يمكننا مواصلة التأمل فى هذا الاتجاه …“ #
من مقال لـ د.محمد عدس
كثيراً ما سُئل المعلم السؤال القديم: “لماذا يسمح الله بالألم؟”
فكان يجيب بأناة:
الألم ينجم عن سوء استخدام الإرادة الحرة التي وهبها الله للإنسان.
لقد منحنا القدرة والحرية كي نتقبّله (أي الله) أو نرفضه.
هو لا يريدنا أن نعاني من الأهوال والمخاوف، لكنه لا يتدخل عندما نختار أعمالاً تفضي إلى التعاسة والشقاء.
الناس لا يمتثلون لحكمة الأنبياء ، لكنهم يتوقعون ظروفاً استثنائية أو معجزات لتخلصهم عندما يتعثرون ويسقطون في قبضة الضيق والألم.
صحيح أن الله على كل شيء قدير، لكنه يعلم بأن محبة الإنسان وحسن سلوكه لا يمكن ابتياعهما بالخوارق والمعجزات.
ولكن عندما نرفع نداءً روحياً حاراً يرسل الله لنا من يأخذ بيدنا من براري الألم الموحشة إلى فردوس نعيمه الأبدي.
لقد وهبنا حرية الإختيار ولذلك لا يمكن أن يتدخل في حياتنا أو يقوم بدور الظالم المستبد.
وبالرغم من كونه القوة القهارة في الوجود لكن إرادته لا تقضي بإفلاتنا من الألم والمعاناة عندما نختار دروب الشر الملتوية.
وهل من العدالة أن نتوقع منه إراحتنا من متاعبنا إذا كانت أفكارنا وأعمالنا تتعارض مع قوانينه ونواميسه الكونية؟
إن في مراعاة أسس الأخلاق والفضيلة التي أعطاها في الكتب المقدسة والوصايا الإلهية تكمن منابع السعادة.
من أقوال الحكيم برمهنسا يوغانندا
معظم الناس لا يعرفون السبب
من وجودهم على هذه الأرض
ويظنون أن غاية الحياة
هي تحقيق الرغبات
وتحصيل ضرورات العيش
والتماس المتع والحب البشري
والإستسلام للداعي الأخير في نهاية المطاف.
يبدأ الناس حياتهم
مبرمجين بميول معينة
ورغبات لم يتم تحقيقها في الماضي
ويحاولون – بما تبقى لهم من إرادة حرة –
تقليد رغبات وتصرفات أحدهم الآخر.
فإن خالطوا رجال أعمال
يريدون أن يصبحوا مثلهم
وإن عاشروا فنانين
يصبح الفن كل شيء بالنسبة لهم.
الله يريدنا أن نكون عمليين في هذا العالم
فقد منحنا جوعاً يقتضينا العمل من أجل إشباعه
لكن البحث عن الطعام والمأوى
والمال والممتلكات لا غير
يعني أن ينسى الإنسان مصدر سعادته.
صحيح أنه يتعين علينا أن نعمل
من أجل الحصول على احتياجاتنا
وأن نسعى لتحقيق أهدافنا المشروعة
ولكن يجب أولاً وقبل كل شيء
أن نفتح قلوبنا لله
ونطلب هدايته ورضاه فيما نفعله
عندئذ لا بد أن ننجح في مدرسة الحياة
لأننا سنتلقى توجيهاتنا
من المدبر الأعظم
الذي يعرف ما نحتاجه
وما هو الأفضل بالنسبة لنا
ولذلك يجب أن نضع ثقتنا به
ونمتثل لإرادته الحكيمة.
‘الصداقة الحقيقية
تعني المبادلة الإيجابية
والمشاركة الوجدانية
وتعني تطييب خواطر الأصدقاء
في أوقات الضيق
والتعاطف معهم
في أحزانهم وملماتهم
وتقديم النصح لهم
في الظروف الحرجة
والمساعدة المادية
في أوقات الحاجة الفعلية.
عندما يكون الشخص صادقاً مع نفسه
وصديقاً مخلصاً للغير
سيصبح مؤهلاً
لتذوق رحيق الصداقة الإلهية.
عندما يشعر الآخرون بحبنا
سيتمدد ذلك الحب ليصبح حباً شاملاً
يسري في كل القلوب
المتناغمة مع أنباض الحياة المباركة.
إن الفشل في بث المشاعر الودية
يعني تجاهل قانون التمدد الذاتي
الذي بواسطته تتسع مدركات النفس
لتلامس الحضور الإلهي.
عندما نرسّخ الثقة
في قلوب الآخرين المتقبلين
ونتمكن من توسيع حدود محبتنا
لتشمل قطاعات أكبر من الناس
سنستطيع عندئذ توسيع نطاق وعينا
وإطلاقه نحو مشارف الوعي الكوني.
مثلما يستحيل بقاء الظلمة
حيثما يسطع النور
هكذا يجب أن تتلاشى ظلمة المرض
عندما يشع نور الله في خلايا الجسم
وقلائل هم الذين يدركون هذه الحقيقة.
عندما يشعر الناس برغبة قوية في الشفاء
يبتهلون بقلوب متقلقلة
أو بشعور من اليأس
محتسبين أن الله لن يصغي لصلواتهم.
أو أنهم يدْعون لكن لا ينتظرون
ليعرفوا ما إذا كان دعاؤهم قد وصل إلى الله.
مثلما لا يمكن الإستماع
إلى الموسيقى المبثوثة في الأثير
باستخدام جهاز استقبال معطل
هكذا لا يمكن التقاط اهتزازات
الصحة والقوة والحكمة المنبثقة عن الله
بجهاز نفسي معطل بالمخاوف والهموم
وكل ضروب القلق والشكوك وعدم اليقين.
دعنا نتذكرك و نشكرك يا رب
في الفاقة والرخاء
في المرض والشفاء
في الظلمة والنور
وفي كل الظروف.
ولنتذكر بامتنان أيام العافية
التي جدت بها علينا
وساعدنا كي نفتح عيون الإيمان
لنبصر نورك المبارك
الشافي من كل الأمراض والعلل.