أنا طبيبة أبلغ من العمر ما يقارب السبع وعشرين سنة.لم أرتبط إلى الآن، وصرت أخشى على نفسي من الفتنة في ظل ما نراه ونعايشه في أيامنا هذه. ونظراً لأن عدد الذين يتقدمون لخطبتي قليل (بحكم كوني طبيبة وأدرس الماجستير أيضا)، ونظراً لأني لم أجد من بين هذا العدد القليل من أرضى خلقه ودينه.. لهذه الأسباب انضممت لأحد مواقع الزواج على النت، وهذا الموقع فيه رقابة شديدة وصارمة، ولا يسمحون بالتواصل بين الرجل والمرأة إلا بشروط وقيود ورسوم.... إلخ. المهم.. يتقدم لي من خلال هذا الموقع شباب أحسبهم على خير، وأظنهم مناسبين جدا.. ولكن هناك مشكلة واحدة، وهي أنهم مقيمون بمحافظة غير محافظتي، بل ومنهم من يعمل خارج بلدي ويريد أن يأخذ زوجته معه. أنا الآن في حيرة من أمري، فأنا أعلم جيدا أن أمي تريدني بجانبها، فأنا ابنتها الوحيدة فهي لا تكاد تطيق فراقي، فهي تشعر دائما أني مؤنستها، وتتأذى إذا ما أتاني من يريد أخذي بعيدا عن محافظتي، فهي تريدني أن أبقى في نفس المحافظة بجوارها.. ولكن إلى متى؟ صار عمري سبعة وعشرين عامًا، وصرت أخشى على نفسي والله.. أفيدوني: هل أرفض الزواج من رجل أرضى دينه وخلقه لأنه سيبعدني عن أمي، ولأنها ستتعب من أثر ذلك، أم أرفضهم جميعا واحدا تلو الآخر، وأصبر حتى يأتيني من يسكنني بجوار أمي؟ أفيدوني، وجزاكم الله خيرا.
| |
الجواب | |
بسم الله الرحمن الرحيم، و الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الإسلام اليوم، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بكِ، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يوفقك إلى كل خير، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونًا لكِ على طاعة الله ورضاه، وترزقين منه بذرية صالحة طيبة.
ابنتي الحبيبة.. هذا الشعور الذي عندك شعور نبيل وشعور رائع، وهو إن دل على شيء فإنما يدل على أن الله حباكِ فطرة طيبة سليمة سوية، وأنك تقدرين فعلاً أصحاب المعروف والذين ضحوا بحياتهم من أجل غيرهم، وتستشعرين مسئوليتك تجاه من كان السبب بعد الله في وجودك ووصولك إلى ما أنت فيه أو ما أنت عليه الآن، وهذا شعور طيب، وهو بلا شك مأجور ولن يضيع عند الله، لأن هذه الرحمة التي أودعها الله في قلبكِ على أمك هي من محبة الله بكِ، والنبي عليه الصلاة والسلام بشركِ بقوله: (الراحمون يرحمهم الرحمن) وبقوله صلى الله عليه وسلم أيضًا: (ارحموا تُرحموا)، وكما ورد أيضًا (بروا آباءكم تبركم أبناؤكم). فثقي وتأكدي من أن هذه المشاعر النبيلة الرائعة التي تملأ قلبكِ، حتى إنك تفكرين في عدم الزواج بعيدا عن أمك خوفا عليها من الوحدة في المستقبل، هذه المشاعر سوف تجنين ثمارها بإذن الله في الدنيا والآخرة. فصبرك على العناية بوالدتك، وعدم إظهار التضجر والشكوى لها، لك فيه أجر عظيم، وثواب جزيل، خاصة وهي في كبر سنها الذي نبه عليه الرب جل وعلا بقوله: "إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً".
حبيبتي.. أنت تقولين إنك الابنة الوحيدة، ففي حالة سفرك من سيعتني بوالدتك، من سيرعاها، ففي هذه السن هي أحوج ما تكون للرعاية، فهل هناك أفضل من ابنتها التي كانت بطنها لكِ وعاء, وثديها لكِ سقاء, وحجرها لكِ حواء، وسهرت الليالي حتى وصلت إلى المكانة المرموقة التي وصلتِ لها، حاولي أن تضعي نفسك مكان والدتك فهل كنتِ ستتأذي إذا ما تركتك ابنتك الوحيدة؟
اعلمي يا بنيتي أن من ترك لله شيئاً عوًَّضه الله خيراً منه، و الإسلام عنى بالأم عناية خاصة، ولقد قال الله في كتابه العزيز (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير)، كما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله , أردت أن أغزو , وقد جئت أستشيرك , فقال:« هل لك من أم »؟ قال: نعم. قال: « فالزمها فإن الجنة عند رجليها ». وإذا كان بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله عز وجل، فبالطبع هو مقدم على الزواج.عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: (أقبل رجل إلى النبي فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى، فقال: "هل من والديك أحد حي؟ " قال: نعم بل كلاهما. قال: " فتبتغي الأجر من الله تعالى؟ " قال: نعم. قال: "فارجع فأحسن صحبتهما "متفق عليه.
وأحب أن أبشرك – ابنتي الحبيبة - بأن تضحيتك لإرضاء والدتك لن تضيع عند الله، فصبرك على أمك، وحرصك على عدم عقوقها، سيكون سببا في إكرام الله لك، وستجني من وراء هذا خيرا كثيرا، ولعلك سمعت بقصة التابعي الجليل أويس بن عامر القرني الذي أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم – أصحابه، وأخبرهم أن له دعوة مستجابة بسبب بره بأمه، وإحسانه إليها، فابشري بخير الدنيا والآخرة! واحرصي على مرضاة والدتك! واعلمي أن رضا الله من رضا الوالدين، وسخط الله من سخطهما.
ابنتي الحبيبة عليكِ فقط أن توقني أن الزواج رزق من عند الله، وأن تأخره لحكمة لا يعلمها إلا هو، ربما يريد أن يسمع صوتك تدعينه أن يرزقك الزوج الصالح، ربما يعد لك زوجا يكون أهلا للارتباط بك، فما أدراكِ أن الشخص الذي تقدم لكِ عن طريق هذا الموقع هو شخص أهل لكِ، فهو من محافظة أخرى، ويصعب عليكِ التأكد من خلقه ودينه، كما أنكِ لا تعلمين هل ستقدرين على احتمال البعد عن بلدتك، وقبل ذلك أمك، فلا تتعجلي حبيبتي واصبري فإن فرج الله قريب.
ثم هناك حلٌ: ما المانع أنه إذا تقدم إليك أحد أن تشترطي عليه أن تكون أمك معك، أو أن تكوني قريبة منها مثلاً، هذا هو الممكن، فرضًا إذا كان الخاطب المتقدم إليك مما تتوافر فيه الصفات الحسنة، وعلى رأسها الدين والخلق، وكان بينكما تكافئا بالقدر المقبول. فأتمنى أن تكوني واقعية، وأتمنى أن تتركي هذه الأمور لقدر الله تعالى، وأتمنى أن يمنَّ الله عليك بزوج بار بك وبأمك، و يكون حريصًا على أن يعينك على بر أمك والإحسان إليها، وأن يكرمه الله إذا كان من بيت قريب من بيتكم، فمن الممكن أن تكون الأمور أحسن.
فتوجهي إلى الله بالدعاء أن يكرمك الله تعالى بزوجٍ لا يمنعك من بر أمك وصلتها والإحسان إليها، وأنت تستطيعين بما أن الله منَّ عليك بالوظيفة المرموقة، أن تضمي أمك إليك ولو في شقة مجاورة إن لم يكن في بيتك فقريبة منك في المستقبل. فاتركي الأمر لأقدار الله تعالى، واستغلي فترة وجودك مع أمك في برها وإكرامها والإحسان إليها، على أقصى ما تستطيعين وإلى أقصى درجة، واتركي المستقبل هذا لله تبارك وتعالى يفعل فيه ما يشاء، واعلمي أن الدعاء ليس أمرًا هينًا، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء، فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد)، وقال أيضًا: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)، فاجتهدي وأري الله من نفسك خيرًا، وأكرمي أمك فترة وجودك معها إلى أقصى درجة لاحتمال أن تكون ظروفك في المستقبل لا تمكنك من ذلك، فتكونين قد أديت شيئًا من الحق الذي لها عليك، أو الواجب الذي لها عليك.
نسأل الله أن يجزيك خيرًا على هذه العواطف الطيبة، وأن يرزقك ثواب برها وفضل أجر برها، وأن يجعل هذه المحبة في قلوب أبنائك عليك إذا ما كنت في مثل حال أمك، وأن يعينك على التواصل المستمر معها، وأن يعينك على أن تظلي معها إلى ما شاء الله، إنه جواد كريم.
وأخيرا نسأل الله أن يعوضك بخير العوض، وأن يمن عليكِ بالزوج الصالح والذرية الطيبة، وأن يجعلك من عباده ال
|
الأربعاء، 23 سبتمبر 2009
اية ريك ريك يهمنا
مشكلة وحل
زوجي متدين و على خلق ودين، لكن بعد الزواج علمت أنه يدخل مواقع غير إباحية لكنها تثير شهوته، ومواقع زواج، وكان هذا مع بداية حملي، كما وجدت رسالة على هاتفه من فتاة أجنبية، فلما سألته، قال إنه عرفها عن طريق الشات، وفي يوم سمعت صوته في غرفة النوم الساعة الثانية صباحا يتكلم بصوت منخفض، دخلت عليه فجأة فأخفى التليفون تحت الغطاء، فطلبت منه التليفون فمسح الرقم الأول وأعطاني له.. أرشدوني ماذا أفعل؟ | |
الجواب | |
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.. هنيئًا لكِ ابنتي الفاضلة هذا الزوج صاحب الدين والخلق، ونسأل الله عز وجل أن يبارك لكِ في مولودك القادم، وأن يجعله من الذرية الصالحة، وأن يقر عينك به، وأن يفتح عليكِ من بركاته ورحماته، "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً". خدمة الإنترنت ثورة العصر وحديث المجالس، ولكنها أيضا سلاح ذو حدين يستخدم للخير أو للشر. حالها في ذلك حال كثير من المصالح العامة الأخرى، فاستخداماتها تابعة لنوايا المستخدم، إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر. وخدمة الإنترنت خدمة منافعها جمة وعطاؤها غزير، وهي مصدر لخير وعلم ومعرفة وهداية وصلة وتطور لأمم وأفواج. وهي في الوقت نفسه قد تكون مصدراً لشر عظيم لمن أصر على سوء استخدامها. ولا شك أن الدخول إلى مواقع قد تثير الشهوة ما هو إلا طريق إلى الوصول إلى مشاهده المواقع الإباحية، فكل خطوة تؤدي إلى ذلك هي محرمة، قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر" [النور:21]، ففي هذه الآية بيان للطريقة التي يتعامل بها الشيطان مع ضحاياه، فهو لا يهجم عليهم دفعة واحدة ليخرجهم من الإيمان إلى الكفر، ومن الطاعة إلى المعصية، بل يتدرج للوصول إلى هدفه، وينظر نقاط الضعف في الشخص، ويحاول أن يلج من خلالها، فعلينا أن نتصدى لمحاولاته هذه بكل تأن وصبر ومصابرة، وإياكِ أن ينتصر الشيطان الذي كل ما يتمناه في الدنيا هدم بيوت المسلمين أعاذنا الله منه.كما قال صلى الله عليه وسلم "إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه ويقول: نعم أنت (رواه مسلم.فهل ستتركين زوجك يقع فريسة سهلة لمكر الشيطان وخداعه؟ أم ستقفين إلى جوار زوجك وشريك حياتك كي يبتعد عن تلك المواقع؟ ابنتي الحبيبة إن مفاتيح قلب الرجل والمرأة بيد الله وحده، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته واللجوء إليه، والمرأة تملك من وسائل التأثير الكثير والكثير، وأنت بلا شك أعرف الناس بنفسيات زوجك وطباعه، ولكن هناك بعض الخطوات تعينك - بإذن الله عز وجل – على إصلاحه وعلى الأخذ بيده إلى طريق الحق، فأول ذلك: 1- الاستعانة بالله واللجوء إليه وسؤاله جل وعلا الهداية، فتأملي قول الله جل وعلا: "وَالْذينَ يَقُولونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً". فهم عباد الرحمن الذين يسألون الله جل وعلا أن يرزقهم من أزواجهم وذرياتهم ما تقر به أعينهم.. إذن فلابد من الاستعانة بالله، فالجئي إلى ربك جل وعلا وادعي له بالهداية، واسأليه جل وعلا بأن يأخذ بيده إلى الحق وأن يرده إليه ردًّا جميلاً. 2 - عزيزتي الزوجة المسلمة... أحيانا نبتلى لفعلنا شيئًا يغضب الله، أو لتهاوننا في بعض الأمور التي نهانا الله عنها "نمص حواجب؛ استهتار بالحجاب؛ تأخير الصلاة؛سماع الأغاني" وغيرها من الأمور، لأن كل سيئة تصيب الإنسان من عمل يديه، قال الله تعالى: "مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا" [النساء:79]. ولهذا عزيزتي فتشي في حالك فلربما تفعلين شيئا يغضب الله وأنتِ لا تدري... 3- ابنتي الكريمة الإنسان بطبعه لا يحب من يحاسبه على كل شيء.. يراقبه.. ويملي عليه التعليمات أو يطلب منه الاعتراف.. فما بالك إن كان من تحاسبين هو رجل وإضافة إلى ذلك زوجك، ولا أقصد برجل بأنه أفضل أو لديه الصلاحية بذلك، لكن هي طبيعة جنس الرجال عموما، وخصوصاً الرجال في مجتمعاتنا العربية، توقفي عن المعاتبة والمحاسبة والمراقبة.. توقفي لبعض الوقت.. حاولي زرع الحب والسلام بتصرفاتك، بأخلاقك.. اتركيه يفعل ما يشاء من دون أن تحاسبيه.. من دون أن تشعريه أن هناك من يحاول أن يسيطر عليه.. ولتتذكري أن تمنحيه مساحة من الحرية، لا أقول اتركيه وشأنه، بل عندما تراقبينه لا تتفاعلي مع ما يقوم به من أخطاء وتواجهيه بها. 4- يأتي أيتها الزوجة الرائعة بعد ذلك الحوار الزوجي الهادف والكلام الطيب الذي يكون بين الزوج وزوجته، بكل رقة ورفق ولين ورحمة، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب الرفق في الأمر كله" رواه البخاري، ثم تسألينه أن يقوم فيتوضأ ويصلي ركعتين بك أو يصلي بك العشاء مثلاً، ثم بعد ذلك ترفعين يديك وتدعين الله عز وجل بصوت خاشع منيب بنحو من هذا الدعاء كأن تقولي: "اللهم ألف على الخير قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم ارزقنا شكر نعمتك والثناء بها عليك واجعلنا قابليها وأتمها علينا، اللهم اشرح صدر زوجي لما تحب وترضاه، اللهم افتح لنا من بركاتك ورحماتك يا أرحم الرحمين، رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا من كل خير، واجعل الممات راحة لنا من كل شر". فبهذا الدعاء تؤثرين في نفسه، وليس من شرطه أن يكون هنالك نصيحة مباشرة، ثم بعد ذلك تتناولان طعامكما، فإن أمكن أن تتصنعي له فيحصل بينكما ما يحصل بين الزوجين فحسنٌ في مثل هذه الحالة حتى يرتبط في حسه طاعة الله جل وعلا بأجواء السعادة والفرح. 5- ثم بعد ذلك يا ابنتي إن أمكنك الجلوس معه وأن تبيني له حبك ومودتك وأنك تأملين الله جل وعلا أن يجعلكما زوجين صالحين في الدنيا، وأن يجعلكما كذلك زوجين في الجنة. ثم تذكرينه بهذه المواقع التي يقوم بمشاهدتها، وأنها تُفسد الدين والخلق وأن فيه الخير وأن فيه الغيرة أيضًا على طاعة الله، وأن هذه المواقع لا يحل للمؤمن أن ينظر إليها بحال من الأحوال. وتذكرينه برقابة ربه جل وعلا، وذكريه بحديث رسولنا الكريم، فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لكل بني آدم حظ من الزنا فالعينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان يزنيان وزناهما المشي، والفم يزني وزناه القبل، والقلب يهوى ويتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه" رواه أحمد في مسنده، فغض البصر طهارة للقلب وزكاة للنفس والعمل، أنه يمنع وصول أثر السهم المسموم؛ فإن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، تعويض من غض بصره بحلاوة الإيمان في القلب، بيني له أنك تأملين من الله أن يكون لكم الذرية الصالحة، وأنه ينبغي أن نجاهد أنفسنا وأن نبذل وسعنا في طاعة الله.. فبهذا الأسلوب يا ابنتي تنجحين بإذنِ الله وشيئًا فشيئًا تجدين أنك قد توصلت إلى إلزامه بالحق بمنٍ من الله وكرمه، طواعية من عند نفسه، ونوعي له الأساليب، فتارة بكتيب لطيف تعطينه إياه كهدية جميلة مرفقة بقلم جميل المنظر، وتارة بشريط إسلامي تضعينه في سيارته يستمع إليه عند ذهابه إلى العمل وغير ذلك من الأساليب الحسنة اللطيفة. 6– غاليتي مرض الشكوك مرض خطير، ومقيت إذا دخل الحياة الزوجية قوض أركانها وهدم بنيانها وتركها خراباً ينعق فوقها البوم!! ولأجل خطورته جاءت نصوص كثيرة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- بالتحذير منه وبيان خطورته، ولأن الظن السيئ والشك يستميل قلب صاحبه فيدفعه إلى التحقق من ذلك، جاء بعد هذا المقطع من الآية مباشرة النهي عن التجسس بقوله تعالى: "ولا تجسسوا".وهكذا يغلق الإسلام باباً عظيماً من أبواب إبليس على الأسرة، بأن لا يلتفت الزوجان إلى الشكوك ولا يدعاها تهدم بيتهما السعيد، فعدم الثقة في زوجك والشك فيه على الدوام، هذا أمر لا ينبغي أن يقع منك لأنه سوف يحملك على كثير من التصرفات التي تجعلك تنفعلين بسرعة وتشكين في تصرفاته فتفتشين هاتفه الخاص كما فعلت، وربما متاعه وملابسه الخاصة، فحاولي أن تبيِّني له في جلسة هادئة أنك قد نسيت كل هذه الأمور، وأنك فتحت صفحة جديدة وأنه زوجك وأنه حبيبك وأنه -بإذن الله عز وجل– سيكون زوجك في الجنة بمنِّ الله وكرمه، قولي له إنني أثق بك يا زوجي الكريم، ولكن قد تتكلم مع بعض النساء في معاملات ربما قد تجر إلي أمور محظورة، فقد حرم الله جل وعلا العلاقة بين الرجال والنساء الأجنبيات إلا بالزواج، وكما أنك لا ترضى هذا لزوجتك فكذلك أنا لا أرضاه لك، فأنت فيك الخير وفيك الفضل، فينبغي إذن أن نتعاون على طاعة الله جل وعلا، وقد قال –صلوات الله وسلامه عليه-: "من ترك شيئًا لله عز وجل بدله الله ما هو خيرًا له منه"، وأنت قد منَّ الله عليك بالزوجة، وسيمنن عليك بالذرية إن شاء الله عن قريب، ومنَّ عليك كذلك بالمال والوظيفة، فينبغي إذن أن نشكر نعمة الله جل وعلا بأن نستخدم هذه النعم في طاعة الرحمن.. فذكريه يا ابنتي وعظيه بالأسلوب اللطيف وباختيار الأوقات المناسبة، فقد قال تعالى: "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ". 7- عوديه على سماع كلام الحب وكلام المودة واستخدمي في ذلك أساليب شتى، فتارة برسالة على هاتفه، وتارة بكلام مباشر، وتارة بمكالمة هاتفية، وتارة بهدية تكتبين عليها مشاعرك وأحاسيسك، فنوعي في هذه الأساليب وفجري ينابيع الحب من قلبه، وتجنبي الجدال والخصام قدر الاستطاعة معه، فإن هذا كما تعلمين يغير القلب، وحاولي أن تتفقي معه على قدر جهدك واستطاعتك، مع التهوين على نفسك فإن الأمر يسير وينال مع الأيام والليالي بإذن الله عز وجل. 8- ابذلي جهدك في أن تجعلي زوجك يشعر دومًا بأن حياته متجددة، سواء كان ذلك في مظهرك وهيئتك وتسريحة شعرك مثلاً وأنواع الزينة التي تستخدمينها، أو كان ذلك في هيئة البيت وترتيب أثاثه. 9- أن يكون لك يا ابنتي ولزوجك علاقة بالأسر الفاضلة التي تعلمون بتواجدها في البلد التي يعمل بها زوجك، بحيث تحثينه على أن تزوروا هذه الأسر الفاضلة التي تعرفين منها أن لديها أزواجًا صالحين يمكن أن يستفيد زوجك بلقائهم وبالاختلاط بهم وبالتعامل معهم، فإن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وقد قال –صلى الله عليه وسلم-: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) رواه أبو داود في السنن. 10- وأخيرا.... لا تنسي أن عندك السلاح الماضي القاتل والمدمر والفعال والمغيِّر: سلاح الدعاء.. سلاح الدعاء، ربنا العظيم أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة، ادعي له بالهداية، و احرصي على أوقات الإجابة مثل الثلث الأخير من الليل، وبين الأذان و الإقامة وعند نزول المطر، آخر نهار الجمعة، لأن جل شأنه أمرنا بالدعاء ووعد بالإجابة كما قال الله تعالى "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" [غافر:60]، وقال الله تعالى: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" [القصص:56]. حبيبك -صلى الله عليه وسلم– قال: "لا يرد القضاء إلا الدعاء"، وقال: "إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء"، وقال: "فإنه لا يهلك مع الدعاء أحد"، فأتمنى أن تكثري الدعاء له: "اللهم طهر قلبه، وحصِّن فرجه» أسأل الله أن يطهر قلوبنا جميعاً. |
العار الصحفى
سفير الاحتلال «يتسلّل» إلى صحيفة «الأهرام» المصرية!؟ عدد القراءات : 37 - 19/09/2009 |
سفير الاحتلال «يتسلّل» إلى «الأهرام»!؟ الأخبار: رفعت السلطات المصرية للمرة الأولى، منذ توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979، الحظر الرسمي الذي كان مفروضاً على دخول المسؤولين الإسرائيليين مبنى مؤسسة «الأهرام»، أكبر مؤسسة صحافية مصرية، ما أثار جدلاً بين المروّجين للتطبيع والرافضين له. وكان المشهد صادماً في مؤسسة الأهرام، عندما استضافت رئيسة تحرير مجلة «الديموقراطية»، الصادرة عن المؤسسة، الدكتورة هالة مصطفى، السفير الإسرائيلي المعيّن حديثاً في مصر شالوم كوهين. |
مفهوم الحضـارة


مفهوم الحضـارة الحمد لله الغني الحميد، المبدئ المعيد، ذي العرش المجيد، الفعّال لما يريد, أحاط بكل شيء علماً, وهو على كل شيء شهيد، أحمده سبحانه وأشكره، وأسأله من فضله المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا معين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله وخليله، أفضل داع إلى الإيمان والتوحيد، اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المزيد.. أما بعد: أيها الناس: إن من المفاهيم الخاطئة والمغلوطة عند بعض الناس: "مفهوم الحضارة"؛ ذلك أن بعض الناس يفهم من معنى الحضارة أنها مظاهر الحياة المختلفة التي طورها الإنسان وأبدع صنعها وزخرف بنيانها، وليس هذا هو المفهوم الصحيح للحضارة، بل هو مفهوم ناقص لمعنى الحضارة؛ بل الأدهى والأمر من هذا كله من يزعم أن الحضارة تعني ترك الدين، والتخلي عن أخلاق المسلمين، ومسايرة الكافرين في أفكارهم وأقذارهم، وما أشبه ذلك مما عليه الكفرة من الشرك بالله والفسق عن دينه ومجاهرته بالموبقات، كما يفهم ذلك بعض المستغربين من بني جلدتنا الذين مسخت وانتكست فطرهم، وهذا لا شك أنه مفهوم خاطئ بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. فهذا ليس من التقدم بل هو قمة التخلف الذي لا يرضاه الله ورسوله، وإذا كان هذا هو التقدم والتحضر فبطن الأرض خير من ظهرها.. قال الشاعر: إذا كان ترك الدين يعني تقدما *** فيا نفس موتي قبل أن تتقدمي وأما ما يفهمه البعض من أن الحضارة هي المدنية وعمارة الأرض، وتشييد القصور، فإن ذلك فهم ناقص لمعنى الحضارة، فإن الحضارة تعني البقاء والدوام والاستمرار، وهذه الدنيا كلها فانية وغير مستمرة، يقول ابن الوردي -رحمه الله- في ضمن قصيدته اللامية الشهيرة: كُتب الموتُ على الخلقِ فكـم *** فَلَّ من جيشٍ وأفـنى مـن دُول أين نمـرودُ وكنعانُ ومـن *** ملكَ الأرضَ وولَّى وعــزل؟ أين من سادوا وشادوا وبنوا *** هلـك الكلُّ ولم تُغنِ القُلـل؟ اين أربابُ الحِجى أهل النهى*** أين أهلُ العلمِ والـقومُ الأُول؟ سـيعيد الله كـلاً منـهمُ *** وسيجزي فاعلاً ما قـد فعـل أيها الناس: إن المفهوم الصحيح للحضارة ليس مقتصرا على التمدن والتحضر، وعمارة الأرض "الدنيا" فحسب، بل الحضارة أعم من ذلك وأشمل، فهي تشمل عمارة الدنيا والآخرة؛ فقد بين الله -تعالى- أن المشركين ليسو أهلاً لعمارة المساجد عمارة حسية ومعنوية؛ فقال تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} سورة التوبة(17).. ثم بين أن أهل الإيمان والتوحيد أهلاً لبناء المساجد بناء حسياً ومعنويا؛ فقال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} سورة التوبة(18).. أيها الناس: إن الحضارة في الإسلام تشمل ثلاثة أنواع: أولاً: حضارة التاريخ "حضارة الدول"؛ وهي الحضارة التي قدمتها دولة من الدول الإسلامية لرفع شأن الإنسان وخدمته، وعند الحديث عن حضارة الدول ينبغي أن نتحدث عن تاريخ الدولة التي قدمت هذه الحضارة، وعن ميادين حضارتها، مثل: الزراعة، والصناعة، والتعليم، وعلاقة هذه الدولة الإسلامية بغيرها من الدول، وما قدمته من إنجازات في هذا الميدان. ثانيا: الحضارة الإسلامية الأصيلة؛ وهي الحضارة التي جاء بها الإسلام لخدمة البشرية كلها، وتشمل ما جاء به الإسلام من تعاليم في مجال: العقيدة، والسياسة، والاقتصاد، والقضاء، والتربية، وغير ذلك من أمور الحياة التي تسعد الإنسان وتيسر أموره. ثالثاً: الحضارة المقتبسة؛ وتسمى حضارة البعث والإحياء، وهذه الحضارة كانت خدمة من المسلمين للبشرية كلها، فقد كانت هناك حضارات وعلوم ماتت، فأحياها المسلمون وطوروها، وصبغوها بالجانب الأخلاقي الذي استمدوه من الإسلام، وقد جعل هذا الأمر كُتاب العالم الغربي يقولون: إن الحضارة الإسلامية مقتبسة من الحضارات القديمة، وهما حضارتا اليونان والرومان، وأن العقلية العربية قدْ بدَّلت الصورة الظاهرة لكل هذه الحضارات وركبتها في أسلوب جديد، مما جعلها تظهر بصورة مستقلة. وهذه فكرة خاطئة لا أساس لها من الصحة، فالحضارة الإسلامية في ذاتها وجوهرها إسلامية خالصة، وهي تختلف عن غيرها من الحضارات اختلافًا كبيرًا، إنها حضارة قائمة بذاتها، لأنها تنبعث من العقيدة الإسلامية، وتستهدف تحقيق الغاية الإسلامية، ألا وهي إعمار الكون بشريعة الله لنيل رضاه، لا مجرد تحقيق التقدم المادي، ولو كان ذلك على حساب الإنسان والدين كما هو الحال في حضارات أخرى، مع الحرص على التقدم المادي؛ لما فيه من مصلحة الأفراد والمجتمع الإنساني كله. أما ما استفادته من الحضارات الأخرى فقد كان ميزة تحسب لها لا عليها، إذ يعني تفتح العقل المسلم واستعداده لتقبُّل ما لدى الآخرين، ولكن وضعه فيما يتناسب والنظام الإسلامي الخاص بشكل متكامل، ولا ينقص من الحضارة الإسلامية استفادتها من الحضارات السابقة، فالتقدم والتطور يبدأ بآخر ما وصل إليه الآخرون، ثم تضيف الحضارة الجديدة لتكمل ما بدأته الحضارات الأخرى1. أيها الناس: ربما يظن بعض الباحثين أن حضارة أي أمة عبارة عن علومها، وآدابها، وفنونها، وصناعاتها، وبدائعها، وأطوارها في الحياة المدنية والاجتماعية، وأسلوبها في الحياة السياسية، ولكن الحقيقة أن كل هذه الأمور ليست هي الحضارة نفسها، وإنما هي نتاج الحضارة ومظاهرها، وما هي بأصل الحضارة، وإنما هي أوراق شجرة الحضارة وثمارها. إذا صح هذا؛ فلا يجوز أن نحدد وزن حضارة وقدرها وقيمتها على أساس ما لها من هذه الصور الظاهرة والسمات العارضة، وإنما علينا أن نتوصل إلى روحها، ونتحسس أصولها؛ صارفين النظر عن كل هذه الصور الظاهرة والسمات العارضة. والواقع أن للحضارة مآلات كثيرة ومتشابكة؛ يؤثر بعضها في بعضها الآخر، وإن أول ما يكون من توابع الحضارة هو الميل إلى الترف الذي يؤدي إلى ازدهار الصناعات وتشكل فنونها، ولكن ازدهار الصناعات لا يلبث أن يجعل البشر يتمادون في الترف والشهوات بالتدريج إلى أقصى الحدود، ولكن لصالح بعضهم فقط، وعلى حساب بعضهم الآخر، وحينئذ تفسد الأخلاق وتنهار، ويكون ذلك مؤذناً بانهيار الدول والحضارات ذاتها؛ وبيان ذلك على النحو الآتي: أولاً: الميل إلى الترف: إن الميل إلى الترف هو نتيجة لحصول الرئاسة؛ حيث إن أمور الحضارة من توابع الترف، والترف من توابع الثروة والنعيم، والثروة والنعيم من توابع الرئاسة، والرئاسة هي دور انتقالي من خشونة البداوة إلى رقة الحضارة، وهذا الانتقال لا يكون إلا بالسعي إلى تحصيل الكمالي بعد حصول الضروري، والسبب في ذلك أن الحضارة هي أحوال معتادة زائدة على الضروري من أحوال العمران؛ زيادة تتفاوت بتفاوت الرفاهة، وتفاوت الأمم في القلة والكثرة تفاوتاً غير منحصر. ثانياً: ازدهار الصناعات: الميل إلى الترف، والانغماس في الشهوات والملذات، والترفه في الحاجات الكمالية من شأنه أن يؤدي إلى الزيادة في إنتاج تلك الحاجات الكمالية، وأن يشجع الصُّنَّاع الذين يصنعونها على الإكثار منها، والتفنن في أنواعها وأصنافها، فتكون بمنزلة الصناعات ، ويحتاج كل صنف منها إلى القَوَمة عليه والمهرة فيه، وبقدر ما يزداد من أصنافها يزداد أهل صناعتها ويتلون ذلك الجيل بها، ومتى اتصلت الأيام وتعاقبت تلك الصناعات حذق أولئك الصُّنَّاع في صناعاتهم، ومهروا في معرفتها، والأعصار بطولها وانفساح أمدها وتكرر أمثالها تزيدها استحكاماً ورسوخاً. ثانياً: ازدياد الترف وانتشار الفقر: فالترف يولِّد الترف، والصناعات التي كانت وليدة الحاجة إلى الترف؛ تصبح عاملاً في المبالغة فيه درجة درجة، إلى أن يصل إلى غايته، وإذا بلغ التأنق في الأحوال المنزلية وغيرها الغاية تبعه طاعة الشهوات، فتتلون النفس من تلك العوائد بألوان كثيرة لا يستقيم حالها معها في دينها ولا دنياها؛ أما دينها فلاستحكام صبغة العوائد التي يعسر نزعها. وأما دنياها فلكثرة الحاجات والمؤونات التي تطالب بها العوائد ويعجز الكسب عن الوفاء بها. بيد أن نزعة التأنق هذه التي هي وليدة الميل إلى الرفاهية لا تلبث أن تأخذ مجراها في مجاري الحياة الاجتماعية، فتخضع عندئذ لمنطلقها القسري، فيتساقط التجار واحداً بعد واحد في هوة الفقر. ويصف لنا ابن خلدون الآلية التي يخضع لها الميل إلى الترف في المجتمع فيقول: "وبيانه أن المِصْر بالتفنن في الحضارة تعظم نفقات أهله، والحضارة تتفاوت بتفاوت العمران؛ فمتى كان العمران أكثر كانت الحضارة أكمل، فالمِصْر الكثير العمران يختص بالغلاء في أسواقه وأسعار حاجته، ثم تزيدها المكوس غلاء؛ لأن الحضارة إنما تكون عند انتهاء الدولة في استفحالها، وهو زمن وضع المكوس في الدول لكثرة خرجها حينئذ، والمكوس تعود على البياعات بالغلاء؛ لأن السوقة والتجار كلهم يحتسبون على سلعهم وبضائعهم جميع ما ينفقونه حتى في مؤونة أنفسهم، فيكون المكس لذلك داخلاً في قيم المبيعات وأثمانها، فتعظم نفقات أهل الحضارة وتخرج عن القصد إلى الإسراف، ولا يجدون وليجة عن ذلك لما ملكهم من أثر العوائد وطاعتها، وتذهب مكاسبهم كلها في النفقات، ويتتابعون في الإملاق والخصاصة ويغلب عليهم الفقر". رابعاً: فساد الأخلاق: وإذا وصلت حال الحضارة في العمران إلى هذا الحد؛ تبع ذلك فساد الأخلاق، وانتشار الشرور، ويكون ذلك في بداءة الأمر في طريق تحصيل المعاش. يقول ابن خلدون: "وأما فساد أهلها في ذاتهم واحداً واحداً على الخصوص، فمن الكد والتعب في حاجات العوائد، والتلون بألوان الشر في تحصيلها، وما يعود على النفس من الضرر بعد تحصيلها بحصول لون آخر من ألوانها، فلذلك يكثر منهم الفسق والشر والسفسفة، والتحيل على تحصيل المعاش من وجهه ومن غير وجهه، وتنصرف النفس إلى الفكر في ذلك والغوص عليه واستجماع الحيلة له، فتجدهم أجرياء على الكذب، والمقامرة، والغش، والخلابة المخادعة، والسرقة، والفجور في الأيمان، والربا في البياعات، ثم تجدهم أبصر بطرق الفسق ومذاهبه والمجاهرة به وبدواعيه، وإطراح الحشمة في الخوض فيه، وتجدهم أيضاً أبصر بالمكر والخديعة، يدفعون بذلك ما عساه ينالهم من القهر، وما يتوقعونه من العقاب على تلك القبائح، حتى يصير ذلك عادة وخلقاً لأكثرهم إلا من عصمه الله"2.. وهكذا تنتهي الحضارة إلى فساد الأخلاق، كما انتهت إلى فساد وجوه المعاش ووقوع الناس في هوة الفقر، بل إن فساد الأخلاق ليس إلا نتيجة لفساد وجوه المعاش ولانتشار الفقر. ولا تكون الحضارة قد بلغت هذا المبلغ حتى تكون قد أشرفت على نهايتها، وحملت عناصر الخراب المودية بها.. وإذا كثر ذلك في المدينة أو الأمة تأذن الله بخرابها وانقراضها، وهو معنى قوله تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} سورة الإسراء (16 )؛ ووجهه حينئذ أن مكاسبهم لا تفي بحاجاتهم لكثرة العوائد ومطالبة النفس بها، فلا تستقيم أحوالهم، وإذا فسدت أحوال الأشخاص واحداً واحداً اختل نظام المدينة وخربت.. فافهم ذلك واعتبر به!3.. الخطبة الثانية: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: أيها المسلمون: إن واقع المسلمين اليوم يشكل تخلفاً في فهم بدهيات الدين. نعم في بدهيات الدين فضلاً عن فروعه؛ فهناك تخلف في فهم معنى حاكمية الإسلام، وفي معنى الولاء والبراء، وفي معنى يُسر الشريعة؛ حتى وصل التخلف إلى مفهوم شهادة أن لا إله إلا الله.. نعم حتى الشهادة لم يَعِ معناها الحق كثير من المسلمين وإن كانوا يتلفظون بها في اليوم مرات عديدة، بل لقد بلغ التخلف في فهم هذا الدين إلى أقصى درجاته في معرفة الرب -جل وعلا- حيث يوجد في ديار الإسلام من ينكر وجوده، ومن يدعي شريكاً له -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً-. إذن: أي حضارة نطالب بها؟ إننا لا نريد حضارة جوفاء كحضارة الغرب الكافر اليوم، لابد أن يكون سعينا للتقدم والرقي الحضاري من أساسه لا من مظاهره؛ حتى لا تكون حضارتنا جوفاء.. إن الحضارة تقوم على الإنسان أولاً قبل أن تقوم على إنجازاته.. فلابد أن يكون الإنسان في نفسه راقياً متحضراً قبل أن تكون منجزاته كذلك.. ورقيه يكون بتحقيق الغاية التي من أجلها خُلق.. فعلى رِسْلكم يا دعاة الحضارة والتقدم على رِسْلكم.. المضمون أولاً ثم الأثر: الإسلام الصحيح، ثم الاستخلاف في الأرض4. فاتقوا الله أيها المسلمون: واعلموا أن الله سائلكم عن أعماركم وأعمالكم وأهاليكم، فإياكم أن يخوضوا فيما خاض فيه المبطلون، وأن يتيهوا مع التائهين الجاهلين، علموهم أن الحضارة لا تتنافى مع الإسلام بل الإسلام يدعوا إليها، ويدعوا إلى عمارة الأرض والإصلاح فيها،، يدعوا الإسلام إلى العناية بالروح -التي هي الأصل- أعظم من العناية بالجسد وإهلاك الروح، إن الجانب الإيماني في النفوس قد أهمله عالم اليوم إلا من بقي من المسلمين الصادقين، ولقد توجهت الأمم إلى المادة بدعوى التحضر والتقدم والتطور، ولكنها أهملت الجانب الأهم، والإسلام يأمرنا بالاهتمام بالروح والجسد، وإن كان الاهتمام بالجانب الإيماني أعظم وأكمل. وإن ما يريده أعداء الله في زماننا هو أن ينشأ جيل لا يعرف دينه أو يعرفه معرفة مشوهة من أجل أن يحلو لهم تمرير كل ما يريدونه عليه، فالله الله أيها الناس بالتفهيم والتعليم والتربية الصالحة وإياكم من الاغترار بالعبارات الرنانة والكلمات النارية التي يطلقها الكفرة والمنافقين، وهم بذلك يلمزون الدين وأهله، ويصفونهم بأنواع النعوت والتهم، ويعظمون الكافرين وأفكارهم وأعمالهم.. اللهم أصلح من في صلاحه صلاح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، وأهلك من في هلاكه صلاح لأمة محمد صلى الله عليه وسلم. وصل ربنا وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. 1 هذه الأقسام الثلاثة للحضارة نقلناها من موقع: "موسوعة الأسرة المسلمة". 2 للاستزادة انظر: مقدمة ابن خلدون (3/871 - 879). 3 راجع مقالا في: مجلة البيان، العدد (183) صــ( 122). بعنوان: "مآلات الحضارة" لـلدكتور: "مصلح عبد الحي النجار".. 4 راجع مقالا في: "مجلة البيان"، العدد (136) صــ(105)، بعنوان: "أي حضارة نريد؟!" لـ: "بدر مرزوق العتيبي". |
A Complete Way Of Life



A Complete Way Of Life ! Islam is a religion, but not in the western meaning of religion. The western connotation of the term "religion" is something between the believer and God. Islam is a religion that organizes all aspects of life on both the individual and national levels. Islam organizes your relations with God, with yourself, with your children, with your relatives, with your neighbor, with your guest, and with other brethren. Islam clearly establishes your duties and rights in all those relationships. Islam establishes a clear system of worship, civil rights, laws of marriage and divorce, laws of inheritance, code of behavior, what not to drink, what to wear, and what not to wear, how to worship God, how to govern, the laws of war and peace, when to go to war, when to make peace, the law of economics, and the laws of buying and selling. Islam is a complete code of life. Islam is not practiced in the mosque only, it is for daily life, a guide to life in all its aspects: socially, economically, and politically. Islam is complete constitution. Thus Islam keeps the Muslim away from confusion, because Islam is logical and rational. Allah is one. Allah is one Allah has no sons. Allah is not associated with trinity. Allah does not kill to save. No mediation is required between Allah and man. Islam organizes human nature, but does not go against it. There is not a class of clergy in Islam; nor is there celibacy. Islam is complete way of human life.
Women In Islam
نفسى
فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...
-
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، والأدوية المصنعة كالسبرالكس والزيروكسات والزولفت هي أدوية أكثر نقاءً وأكثر تأثيرًا على الناقلات العصبية، لأنه...
-
Je gezondheid is een weerspiegeling van je psychische toestand! De ziekte is meestal het gevolg van onopgeloste interne conflicten die verv...