لو كان هناك مجموعتان من الأطفال يلعبون بالقرب من مسارين منفصلين لسكة الحديد: أحدهما معطل والآخر لازال يعمل، وكان هناك طفل واحد يلعب على المسار المعطل، ومجموعة أخرى من الأطفال يلعبون على المسار غير المعطل، وأنت تقف بجوار محول اتجاه القطار، ورأيت الأطفال ورأيت القطار قادما وليس أمامك إلا ثوانٍ لتقرر في أي مسار يمكنك أن توجه القطار، فإما تتركه يسير كما هو مقرر له، ويقتل مجموعة الأطفال، أو تغير إتجاهه إلى المسار الآخر ويقتل طفلا واحدا .. فأيهما تختار ؟؟
ماهي النتائج التي سوف تنعكس على هذا القرار ؟؟
دعنا نحلل هذا القرار.
معظمنا يرى أنه من الأفضل التضحية بطفل واحد بدل مجموعة من الأطفال، وهذا على أقل تقدير من الناحية العاطفية، فهل يا ترى هذا القرار صحيح ؟
هل فكرنا أن الطفل الذي كان يلعب على المسار المعطل، قد تعمد اللعب هنا حتى يتجنب مخاطر القطار؟ ومع ذلك يجب عليه أن يكون الضحية في مقابل الأطفال الآخرين الذين في سنه، المستهترون وغير المبالون والذين أصروا على اللعب في المسار العامل ؟
هذه الفكرة البسيطة مسيطرة علينا، في البيت، في العمل، في المجتمع .. حتى في القرارات السياسية الديموقراطية أيضاً، يضحى بمصالح الأقلية مقابل الأكثرية بغض النظر عن قرار الأغلبية، حتى ولو كانت هذه الأغلبية غير صالحة والأقلية هي الصحيحة !
وهنا نقول إن القرار الصحيح: ليس من العدل تغيير مسار القطار.
وذلك للأسباب التالية:
١- الأطفال الذين كان يلعبون في مسار القطار العام يعرفون ذلك، وسوف يهربون بمجرد سماعهم صوت القطار !؟
٢- لو أنه تم تغيير مسار القطار، فان الطفل الذي كان يعمل في المسار المعطل سوف يموت بالتأكيد؛ لأنه لن يتحرك من مكانه عندما يسمع صوت القطار؛ لأنه يعتقد أن القطار لن يمر بهذا المسار كالعادة.
٣- بالإضافة أنه من المحتمل أن المسار الأخير لم يترك هكذا إلا لأنه غير آمن وتغيير مسار القطار إلى هذا الإتجاه لن يقتل الطفل فقط، بل ربما سيودي بحياة الركاب أيضا، فبدلا من إنقاذ حياة مجموعة من الأطفال فقد يتحول الأمر إلى قتل المئات من الركاب، بالإضافة إلى موت الطفل المحقق !؟
مع علمنا أن حياتنا مليئة بالقرارات الصعبة التي يجب أن نتخذها، لكننا قد لا ندرك أن القرار المتسرع عادة مايكون غير صائب.
تذكر
أن الصحيح ليس دائماً هو الشائع
وأن الشائع ليس دائما هو الصحيح
قال تعالى (وإِنْ تتبِع أَكْثَر من في الأَرضِ يضلّوك عن سبِيلِ اللهِ).
في كتاب الدكتور جوزيف ميرفى " قوة العقل الباطن " وجدت هذا القانون وهو قانون " الجهد المعكوس " : " عندما تكون رغباتك وخيالك متعارضين فإن خيالك يكسب اليوم دون خلاف ".
ما معنى هذا الكلام ؟؟
نضرب مثالاً بسيطاً : إذا طُلب منك أن تمشي على لوح خشب طوله مثلا ١٠ أمتار وعرضه ٥ أمتار موضوع على الأرض، فإنك بلا شك ستمر عليه دون أدنى مشكلة لأن رغبتك في المرور لا تتعارض مع خيالك، ما دام اللوح على الأرض، فإنه لا يمثل أي احتمال للسقوط.
الآن، إفترض أن هذا اللوح موضوع على ارتفاع ٢٠ قدما في الهواء بين عمارتين عالتين، هل تستطيع أن تمشي عليه ؟
لا أعتقد !
لماذا ؟ مع أنه نفس اللوح بنفس الطول والعرض ؟
التفسير : إن رغبتك في المشي عليه، ستواجَه من جانب خيالك أو الخوف من السقوط، و مع أنك تملك الرغبة في المشي، لكن صورة الوقوع في خيالك ستتغلب على رغبتك وإرادتك أو جهدك للمشي على اللوح !
والعجيب أنك لو حاولت المشي عليه قد يحقق خيالك السقوط بنفس الشكل الذي تخيلته، لأنه تدرب عليه مسبقاً في اللاوعي الذي يدير ٩٠ في المئة من سلوكياتك.
ماذا نستفيد من تلك القاعدة ؟
أظن أن الصورة بدأت تتضح، كلنا يملك الرغبة للنجاح، ولكن لا ننجح !!
لماذا؟
لأن صورة الفشل مسيطرة على خيالنا ..
قاعدة تقول : " لا تحاول أن تجبر العقل الباطن على قبول فكرة بممارسة قوة الإرادة، فسوف تحصل على عكس ما كنت تريد".
مثال : إذا قلت أنا أريد الشفاء " رغبة " ولكن لا أستطيع الوصول إليه " خيال "، فسوف تكره نفسك على الدعاء والعقل لايعمل تحت إكراه.
فمن يتخيل أنه سينسى في الإمتحان، يرتبك وتهرب منه المعلومات، ومع أن رغبته هي الإستحضار والنجاح إلا أن الخيال أقوى، وبالتالي فان الصورة التي تخيلها ورسمها في عقله هي التي ستسيطر عليه عند تعرضه لمثل هذا الموقف.
إن الكثير ممن يعانون من القلق أو الرهاب الإجتماعي أو الوساوس القهرية، إنما يعانون من التخيل السلبي لكل ما يقلقهم أو يؤثر على أعصابهم.
لكى تحقق النجاح في مجال ما، لابد أن تتوافق رغباتك مع أحلامك.
لكى يعمل عقلك بكفاءة، إسترخي وابتعد عن العصبية والضغط على العقل، تخيل ما تريده لا ما لا تريده، درب عقلك اللاواعي دوما على النجاح، وأن يعمل معك لا ضدك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق