الأربعاء، 17 أبريل 2019


* الحالات التي تتساوى فيها المرأة مع الرجل في الميراث :
1- ميراث الأبوين ( الأم ، ولأب ) مع وجود الفرع الوارث المذكر أو المؤنث كالابن وابن الابن وإن نزل ذكراً كان  ابن الابن أو أنثى ، قلا الله تعالى : ((وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ )) [النساء/11] .
2- ميراث الأخوة لأم اثنان فأكثر ، سواء كانوا ذكوراً فقط أو ذكوراً أو إناثا فقط أو ذكوراً وإناثاً ، فإنهم يشتركون في الثلث ، يقسم بينهم بالتساوي للذكر مثل الأنثى . 
قال الله عز و جل : ((وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ )) [النساء/12] ، و تظهر الحكمة في ذلك أن المورث ليس له من أخيه لأمه من عاطفة التراحم الناشئة من صلة الأمومة أكثر مما له من أخته لأمه . 
3- ميراث الجدة الصحيحة مع الجد الصحيح السدس في بعض الحالات، كما لو مات شخص عن أم أم ، أب أب ، وابن ، فإن لأم الأم السدس فرضا ،  ولأب الأب السدس أيضاً ، والباقي للابن . 
* حالات ترث فيها الأنثى أقل من الذكر : 
 إن المتأمل في ميراث المرأة يجد أنه بشكل عام يقل عن ميراث الرجل ، فأحياناً نجدها ترث نصف ما يرث ، وأحياناً أخرى يقل ميراثها أو يزيد قليلاً عن النصف . 
ويكون للذكر مثل الأنثيين في الأصناف التالية : 
1- صنف يكون ذلك في كل درجة من الدرجات منه مهما نزلت ، بشرط أن لا يدلي الفرد منهم بأنثى ، وهم الأبناء مع البنات ، وبنات الابن مع ابن الابن فأكثر ، وهكذا ... 
فلو كان الإدلاء بأنثى فلا ترث ، مثل بنت البنت ، وابن البنت . 
2- وصنف كذلك يكون في الدرجة الأولى منه فقط ، مثل الشقيقة فأكثر مع الشقيق ، والأخت لأب مع الأخ لأب منفردين أو متعددين. 
ولا يكون في أولادهم ، مثل ابن الأخت الشقيقة أو لأب مع ابن الأخ الشقيق أو لأب ، لأنهم من ذوي الأرحام . 
3- وصنف يكون كذلك في درجة الأبوة، مثل الأب مع الأم بشرط انفرادهما في الإرث، وخلوهما من الفرع الوارث المذكر والمؤنث )، ومن عدد من الأخوة ( اثنين فصاعداً ) ، فيكون للأب في هذه الحالة مثلي ما للأنثى . قال تعالى: ((فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ )) [النساء/11](( أي وللأب الثلثان الباقيان ))  .
4- وصنف يكون في الزوجية ، بشرط موت أحدهما والميراث من تركته فالزوج يأخذ من تركة الزوجة المتوفاة قبله مثلي ما تأخذه من تركته إذا مات قبلها ، فإذا توفيت الزوجة ولم يكن لها فرع وارث فإنه يأخذ من تركتها النصف ، وإذا كان لها فرع وارث فإنه يأخذ الربع ، والزوجة على النصف من ذلك ، فإذا مات ولم يكن له فرع وارث ، أخذت الربع وهو نصف النصف ، وإذا كان له فرع وارث أخذت الثمن وهو نصف الربع . 
* حالات ترث فيها الأنثى أكثر من الذكر :
قد يستغرب البعض ويستبعد وجود حالات ترث فيها الأنثى أكثر من الذكر ، و لكن الأمثلة تشهد لذلك فمنها :
1- فلو مات رجل عن : زوجة ، بنت ، أم ، أختين لأم ، أخ شقيق . 
لوجدنا أن للزوجة ثلاثة أسهم من أصل أربعة وعشرين سهماً، وللأم أربعة ، وللأخ الشقيق خمسة أسهم ،وتحجب الأختين لأم بالبنت .
فالبنت ترث في هذه المسألة أكثر من الأخ الشقيق . وكذلك الأمر لو حلّ محل البنت ، بنت ابن وإن نزل ؛ أو كان محل الأخ الشقيق أب ، أو أخ لأب ، أو عم شقيق ، أو عم لأب . 
فالبنوة مقدمة على الأبوة وعلى الأخوة .
2- ولو ماتت امرأة عن : زوج ،  بنت ،  أخت شقيقة ، أخت لأب .
   فإن للزوج سهم واحد من أصل أربعة أسهم ، وللبنت سهمان ، وللأخت الشقيقة سهم واحد ، وأما الأخت لأب فمحجوبة بالشقيقة . 
فالزوج هنا يرث نصف ما ترثه البنت ، وكذلك الأمر لو حلّ محل البنت ، بنت ابن وإن نزل ، أو أخت شقيقة أو لأب ، منفردات ودون وجود فرع وارث مذكر أو مؤنث ، مع العم الشقيق أو لأب فإنهن يرثن في مثل هذه الحالة أكثر من الزوج وأكثر من العم .
3- ولو ماتت امرأة عن : زوج ، ابنتي ابن ، ابن ابن ابن .
فإن للزوج ثلاثة أسهم من أصل اثنا عشر سهماً ، ولبنتي الابن ثمانية ، لكل واحدة منهما أربعة أسهم ، ولابن الابن الباقي وهو سهم واحد . 
فنصيب كل واحدة من بنات الابن في تركة المورث أكبر من نصيب ابن ابن الابن ، ذلك لأنها أعلى درجة منه ، وأكبر من نصيب الزوج .
* حالات ترث فيها الأنثى دون الذكر :
1/ وذلك كما لو مات شخص عن : أم بنتين ، أختين لأب ، أخ لأم . 
فإن للأم سهمان من أصل ثمانية ، ولكل واحدة من البنتين أربعة أسهم ، ويبقى للأختين لأب سهمان ، لكل منهما سهم ، بينما يحجب الأخ لأم بالأخوات لأب . 
فجميع الإناث في هذه المسألة يرثن باستثناء الأخ لأم .
2/ وكما في مسألة العاصب الشؤم .
فلو ماتت امرأة عن : زوج ، بنت ، ابن ابن ، بنت ابن ، أب وأم .
فإن للزوج ثلاثة أسهم من أصل اثنا عشر سهماً ، وللبنت ستة ، ولا يبق لابن الابن ، وبنت الابن شيء  .
فالبنت ورثت أكثر من الزوج وأكثر من الأب ، وورثت ولم يرث ابن الابن ، وورثت الأم أيضاً ولم يرث ابن الابن.
3/ وكذلك لا يرث أي من ذوي الأرحام الذكور مع وجود إناث صاحبات فرض باستثناء الزوجة ، ولا مع وارثات بطريق التعصيب .
4/ هذا فضلاً عن الحالات التي ترث فيها الأنثى المستحقة للميراث ويحرم فيها الذكر ولو كان صاحب فرض أو وارث بطريق التعصيب ، وذلك إذا قام بحقه أحد موانع الإرث ، كالقتل العمد وشبه العمد والارتداد .
وبالمحصّلة فإن ما سقناه من الأمثلة ليثبت بالدليل القاطع الذي لا يحتمل الشك أن شريعة الله في الميراث لا تحابي جنساً على جنس ، إنما هي اعتبارات في كل من الذكر والأنثى  يقتضي الحق والمنطق والعدل مراعاتها .

الشبهة المثارة حول ميراث المرأة والرد عليها .
إن من الشبهات التي أثيرت حول الإسلام وعدالته ، مسألة إنصاف المرأة في الميراث وإحقاقها حقها أسوةً بالرجل .
حيث أخذ على الإسلام من قبل المستشرقين غير المنصفين ، وأعداء الإسلام المشككين محاباته للرجل على حساب المرأة ، وانحيازه له دونها ، وذلك حين جعل نصيبها من مال المورث على النصف من نصيب الذكر . وظنوا أنهم بهذه الفرية قد أصابوا من الإسلام مقتلا ، وما دروا أنهم إنّما سفهوا بذلك عقولهم ، وعابوا على أنفسهم وما يدّعون من العلم والمعرفة والعدالة . 
وليس التحقق علمياً وموضوعياً من مسألة إنصاف الإسلام لكل من الرجل والمرأة في كل مجالات الحياة ، وعلى رأسها ما يتعلق منها بأمر الأموال وقسمة التركات  بالأمر العسير لمن أراد لحق أو ألقى السمع وهو شهيد ؛ فمزية الإسلام الكبرى أنه واضح وواقعي بكل ما فيه ، ويراعي الفطرة دائماً ولا يصادمها أو يحيد عنها . 
وهو في الوقت الذي يدعوا الناس فيه لتهذيب طبائعهم والارتقاء بها ، ويصل بهم إلى نماذج تقرب من الخيالات والأحلام ، لا يدعو لتغيير الطبائع ، ولا يضع في حسابه أن هذا التغيير ممكن ، أو مفيد لحياة البشرية حتى إذا أمكن .
إنما يؤمن بأن أفضل ما يستطيع أن تصل البشرية إليه من الخير ، ما يجيء متمشياً مع الفطرة بعد تهذيبها ، وهو كذلك يسير في مسألة الرجل والمرأة على طريقته الواقعية تلك، فيسوي بينهما حيث تكون المساواة هي منطق الفطرة الصحيح ، ويفرق بينهما حيث تكون التفرقة أيضاً هي منطق الفطرة الصحيح . 
ومن أهم مواضع التفرقة هذه تقسيم الإرث .
فالإسلام يقول في الميراث : ((لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ )) [النساء/11] ، فلماذا كانت هذه القسمة ؟ وما وجه العدالة فيها ؟ وهل دوماً كان للذكر مثل حظ الأنثيين ؟ 
وللرد على هذه الشبهة وهذه الاستفسارات نقول وبالله التوفيق : 
* إن نظام الإسلام في الميراث نظام حكيم فضلاً عن كونه عادلاً، وضّح من هم الورثة الشرعيون ، وأنزلهم منازلهم في تركة المورَّث حسب قرابتهم منه ، وحسب وضعهم الاجتماعي في الحياة وما تفرض عليهم هذه الأوضاع من تبعات وأعباء يتلقونها عن المورث كما تلقوا عنه تركته أو بعض تركته . 
وهذه التهمة التي رمى بها مفكروا الغرب ومن نهج نهجهم الشريعة الإسلامية والتي من أجلها اعتبروا الشريعة متخلفة لا تساير المدنية ولا تصلح للسير معها في المستويات العليا للحياة تهمة باطلة وظالمة في أكثر من وجه : 
* فهذه المساواة التي يقال إن المرأة قد وقفت فيها مع الرجل جنباً إلى جنب في الأمم المتمدنة ، إن صحت هذه الدعوى على إطلاقها - وهي غير صحيحة- فإنها ما زالت في طور التجربة ولم تصدر الحياة بعد حكمها على هذا الوضع للمرأة ، أهو خير أم شر ؟، صالح للبقاء و الاستمرار أم لا ؟ ، بل إن الدلائل تشير إلى أن هذا الوضع للمرأة وضع شاذ قلب حياتها ، ومسخ طبيعتها ،وأن بوادر الضيق قد أخذت تسري في محيط المرأة نفسها ، وإن المستقبل القريب سيكشف عن ذلك ، خصوصاً أنهم حين قرروا مساواتها بالذكور في الميراث قالوا أيضاً بمساواتها لهم في العمل وفي الإنفاق ، فحملوها فوق ما تحتمل ، فهي فوق أنها تعمل في البيت ولا يعمل ، وتربي النشىء ولا يربي تعمل أيضاً في الخارج ، وتنفق على نفسها وعلى من تعول ؛ وفي هذا من الظلم والقهر للمرأة ما فيه ، عدا عما قد تتعرض له في خروجها إلى العمل من الأذى و الاستغلال والشواهد على هذا الواقع للمرأة عندهم كثير .
* إن الإسلام حين قرر إعطاءها نصف ما أعطى الذكر ، رفع عنها عبء الإنفاق ، ومشقة العمل ، ولم يكلفها شيئاً من ذلك بحال من الأحوال ، حتى ولو كانت تملك المال ، بل جعلها مكفية المؤنة والحاجة ، سواء كانت بنتاً أو أختاً فنفقتها واجبة على أبيها أو أخيها أو من يعولها من الذكور ، أو أماً فنفقتها واجبة على زوجها أو أولادها  .
 فالإسلام إذن قد أعفى الأنثى من كثير من الأعباء المادية و الإلتزامات الاجتماعية في الوقت الذي حمّل الرجل كثيراً من هذه الأعباء و الإلتزامات .
وباختصار فإن الرجل يدفع والمرأة تأخذ ، وشتان بين من يُعطي ومن يأخذ ؛ والعدل والإنصاف يقتضي أنّ من كانت أعباؤه المادية أكبر أن يُعطى أكثر . والأمر إنما هو أمر توازن بين أعباء الذكر وأعباء الأنثى في الحياة لا أمر محاباة لحساب جنس على جنس آخر ، على أن تفضيل الرجل على المرأة في الميراث ليس مطرداً في جميع الحالات- كما رأينا - ، فقد تتساوى معه كما في ميراث الأخوة والأخوات لأم ، وكما في ميراث الأب والأم في بعض الحالات والجد والجدة في بعض أحوالهم . 
قال تعالى في ميراث الإخوة لأم : ((وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ )) [النساء/12] وقال عز وجل في ميراث الأبوين : ((وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ )) [النساء/11] ، وبالتالي فإننا نعتبر هذه الشبهة التي أثيرت على الإسلام من قبل أعدائه المتربصين ، وتناقلها بعض الجهلة والمقلدين من المسلمين لا تعدو كونها زوبعة
الخلاصة :
1-  أنه ما من مبدأ أو قانون حرص على إعطاء المرأة حقها في مال مورثها بالقدر وبالتفصيل وبالإنصاف الذي حرص عليه الإسلام .
وتمثل ذلك الحرص بالنص على ميراثها في معظم حالات إرثها  وبيان الكم الذي تستحقه في كل حالة في القرآن الكريم أولاً ، وهو العلم الوحيد الذي حرص القرآن الكريم على تفصيله على نحو ما فصل وعدم تركه للبشر، لتعلقه بقضية من أخطر القضايا التي  تستذل الإنسان فتوقعه في شباك هواه ونفسه الأمارة بالسوء ، وهي قضية المال سيما وأن الإنسان مفطور على حبه ، ثم هو مع البنون زينة الحياة الدنيا ، ومن ثم بيّنت السنة النبوية الشريفة ما لم يتم توضيحه في القرآن الكريم وهو قليل جداً .
2-  بالنظر في ميراث المرأة في جميع حالاتها يتبين لنا أن تحقيق العدالة الاجتماعية هي الأساس في تحديد نصيب المرأة أو تلك ، وأنه لم يتوقف أمر توريثها على القاعدة الشائعة للذكر مثل حظ الأنثيين وحدها ، وأن المسألة إنما هي مسألة حساب لا مسألة عواطف ولا ادعاء ، والعدل يقتضي أن يعطى كل حسب حاجته ،   والأمثلة الكثيرة التي أوردناها تؤكد هذه الحقيقة وفي ذلك رد قاطع على كل من حاول أن يصور الإسلام بأنه ميز الرجل وخصه بالمزيد من مال المورث على حساب المرأة فأوقع بها الظلم لا لشيء سوى أنها أنثى . 
فالإسلام نبذ وحارب مبدأ حرمان المرأة من الميراث لمجرد كونها أنثى أو للأسباب التي ذكرناها في معرض الحديث عن ميراث المرأة عند العرب في الجاهلية وغيرهم .بل فرض لها نصيبها في جميع حالات ميراثها ومنع من حرمانها إلا في الحالات التي فصَّلها كالردة والقتل ، وهي ذاتها  التي تمنع الرجل أيضا من الميراث ، وتوعد من يحرمها لغير تلك الأسباب بالعذاب الشديد  في الآخرة  
كما رفض الإسلام مبدأ المساواة المطلقة بينها وبين الرجل في مقدار ما يأخذونه من الميراث كما فعل القانون الروماني ومن نهج نهجه لأن ذلك يخالف العدالة التي تحدثنا عنها . 
كما رفض الإسلام مبدأ إيثار الذكور بالميراث إذا كان معهن إناث كما هو الحال في اليهودية المحرفة . 
ورفض أيضاً أن يحوز الذكور دوما على نصيب أكبر من الإناث فجعل للميراث قواعد وأصولاً
واعتبارات لا يجوز الخروج عنها .  

ليست هناك تعليقات:

نفسى

 فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...