ومعلوم أن هذه الأربعة ليست هي أناجيلهم الوحيدة؛ بل التاريخ يحدثنا عن وجود أناجيل أخرى لبعض طوائفهم، كإنجيل يعقوب وإنجيل توما وإنجيل بطرس وإنجيل فيلبس وإنجيل برنابا، ولكن تلك الأربعة هي الأشهر عندهم اليوم، وهي التي فرضها ملوكهم وارتضتها كنائسهم لموافقتها لأهواء الأحبار والرهبان وقد استبعدوا ما سواها بدعوى احتوائها على عقائد وأفكار غريبة وخارجة عن الأفكار التي أقرتها الكنيسة .. كما فعلو مع (إنجيل برنابا المشهور) إذ أن الكنيسة استبعدته ولم تعترف به لأن فيه ما يخالف عقائد النصارى مخالفة صريحة ؛ من حيث عدم قوله بألوهية المسيح ، وفيه التبشير صراحة بنبوة خاتم الأنبياء والمرسلين وذكر أوصافه..
وقد ثبت لدى العلماء المحققين انقطاع السند في تلك الأناجيل إلى عيسى عليه السلام وكذلك إلى تلامذته أو حتى تلامذة تلامذته ، كما ثبتت عندهم جهالة بعض كتابها، وجهالة بعض مترجميها، والجهالة والاضطراب في تحديد تواريخ كتابتها .. وجهالة الأصل المترجم منها.
فليت شعري كيف يقوم دين ويبنى على هذه الجهالات التي هي ظلمات بعضها فوق بعض…؟؟
والحمد لله على نعمة التوحيد والإسلام والقرآن…
بولس وأثره في تحريف النصرانية
لم يكن الاضطهاد وحده سبباً في ضياع أصول كتب المسيحيين وتحريف ديانتهم بل ساهم في ذلك أيضاً اعتناق بعض اليهود لها ممن كان لهم أعظم الأثر في تحريفها.
ومن أشهر هؤلاء في تاريخ المسيحية:
بولس:
الشهير بـ(بولس القديس) وهذا اسمه الروماني أما اسمه العبراني الأصلي فهو (شاءول). ولد بعد مولد المسيح بقرابة عشر سنين، وختن في اليوم الثامن على طريقة اليهود، وكان مولده في طرطوس التي كانت تنتشر فيها بذلك الوقت الثقافة اليونانية ومدارسها الفلسفية. وكان أبوه يهودياً متعصباً على مذهب الفريسيين() وكان من أتباع الدولة الرومانية.
وهكذا نشأ بولس نشأة يهودية مشوبة بثقافة يونانية في الوقت الذي كان فيه مواطناً رومانياً. فشب يضطهد المسيحيين الأوائل اضطهاداً شديداً، ويتعقبهم ويلاحقهم ويقتلهم، ويبرر النصارى عداءة هذا لهم ( بأنه كان يعد كفراً قولهم أن يسوع الناصري هو المسيح ابن الله)أهـ() ويذكرون حكاية انقلابه فجأة إلى النصرانية بقصة ملخصها أنه كان متوجهاً إلى دمشق ليسجن المسيحيين الذين فيها .. إذ نور من السماء قد سطع حوله فسقط إلى الأرض وسمع هاتفاً يناديه يقول: (شاءول، شاءول، لم تضطهدني؟ فقال: من أنت؟ فأجابه الصوت: أنا يسوع الذي تضطهده!!)(). ويقولون أنه صار بعد ذلك من أنشط دعاة المسيحية وأنه رافق برنابا أحد أنشط أتباع المسيح مدة، ثم اختلف معه خلافاً شديداً وفارقه .. (أعمال الرسل 15/39).
ورسائله تدل على أنه انتحل العقيدة الكفرية التي تقول بأن المسيح هو ابن الله، قبل أن يكون ذلك قد عرف في النصارى وانتشر.
فيرى المؤرخون أنه هو الذي ابتدع هذه الطامة الكفرية ونادى بفكرة الناسوت واللاهوت، وهي فكرة فلسفية الأصل لا شك أن لفلسفة اليونان التي نشأ فيها بولس في ذلك الزمان أثراً في انتحالها ؛ فادعى بأن للمسيح شقاً إلهياً وشقاً آخر إنسانياً.
يقول ابن القيم في إغاثة اللهفان: "إن النصارى بعد المسيح، تأثروا بالفلسفة وركبوا ديناً بين دين المسيح ودين الفلاسفة عباد الأصنام، وراموا بذلك أن يتلطفوا للأمم حتى يدخلوهم في النصرانية. فنقلوهم من عبادة الأصنام المجسدة إلى عبادة الصور التي لا ظل لها، ونقلوهم من السجود للشمس إلى السجود إلى جهة المشرق()، ونقلوهم من القول باتحاد العاقل والمعقول والعقل إلى القول باتحاد الأب والابن والروح القدس. أهـ (2/270).
أما ابن كثير فيذكر في البداية والنهاية (6/100): "أن رجلاً من أهل دمشق يقال له ضينا() كان قد آمن بالمسيح وصدقه وكان مختفياً في مغارة داخل الباب الشرقي قريباً من الكنيسة المصلّبة خوفاً من بولس اليهودي الذي كان ظالماً غاشماً مبغضاً للمسيح، وكان بولس قد حلق رأس أخيه حين آمن بالمسيح وطاف به في البلد ثم رجمه حتى مات، ولما سمع بولس أن المسيح قد توجه نحو دمشق جهز بغاله وخرج ليقتله، فتلقاه عند كوكبا.. فلما واجهه أصحاب المسيح جاء إليه ملك فضرب وجهه بطرف جناحه فأعماه، فلما رأى ذلك وقع في نفسه تصديق المسيح فجاء إليه واعتذر مما صنع ،وآمن به فقبل منه ،وسأله أن يمسح عينيه ليرد عليه بصره فقال: اذهب إلى حنينا عندك في طرف السوق المستطيل من المشرق فهو يدعو لك، فجاء إليه فدعا فرد عليه بصره وحسن إيمان بولس بالمسيح عليه السلام أنه عبد الله ورسوله وبنيت له كنيسة، فهي كنيسة بولس المشهورة بدمشق من زمن فتحها الصحابة رضي الله عنهم حتى خربت .. أهـ
هناك تعليق واحد:
The Prophet Muhammad - may prayers and peace be upon him - was distinguished from other prophets in this matter, that he was the only Prophet whose sins were forgiven in advance during his life, and therefore he deserved to be the intercessor for people. : 2].
إرسال تعليق