الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

(( من أصبح معافى في بدنهِ آمناً في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها. ))
 كُن ورعاً تكن أعبدَ الناس، وكُن قانعاً تكُن أشكر الناس، ومن حُسِنِ إسلام المرء تركُهُ مالا يعنيه، والسعيد من وُعِظَ بغيره، والصمت حِكمة وقليلٌ فاعِلُهُ، والقناعة كنز لا ينفد، والصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله، وهذه كلها من حكمة النبي عليه الصلاة والسلام.
 والحقيقة هذه الحِكم مبذولةٌ بينَ أيدينا، فيمكن أن تشتري كتاباً في الحديث الشريف، فتجد الحكم كلها فيه ولكن بين أن تقتني الكتاب وتقرؤه شيء، وبين أن تعيش هذه الحِكمة شيء آخر، البطولة أن تعيش هذه الحِكم، و أن تطبقها إلى واقع و مشاعر ومواقف و سلوك.
 الآن نعود إلى اسم الحكيم بالشكل المنهجي، لاسم الحكيم معانٍ ثلاثة أساسية:
 المعنى الأول: اسم الحكيم على وزن فعيل، بمعنى مُفعل تقول جرح أليم بمعنى مؤلم، وفعيل بمعنى مُفعل، فحكيم بمعنى مُحكم ومعنى المُحكم المُتقن، والمتقن هو المقدِّر التقدير الصحيح.
 فلو أن إنساناً قص قطعة خشب مثلاً بأقل من اثني مليمتر فإنك تنزعج لأنها قصرت ولو كان تقديره حكيماً وصحيحاً لجاءت الصنعة مُحكمةً من كلمة مُحكم فهي متعلقة بالتقدير، وكلما دقَّ التقدير أُحكِمت الصنعة.
 تجد بعض الآلات غالية جداً ولا ترى فيها عيباً أبداً ولا نقصاً ولا لميلمتر واحد، فالآلات من الدرجة الخامسة، تراها ذات عيوب كثيرة، فيقال لك هذا النقص مثلاً لا يُؤثر، ونقصه مقبول، أو سلبيته طفيفة محتملة، فهذه ليست صنعة مُحكمة، إذ نرى الأجانب يأخذون عشرة أضعاف أو مائة ضعف عما نصنعه نحن وذلك لإتقان عملهم.
 حدثني أخ يعمل في المنسوجات، قال إن آلة استقدمناها من بلد غربي نبيع الثوب كله من إنتاجها بمئتي ليرة، والآلة نفسها في بلد آخر نشتري المتر الواحد بسبعمائة ليرة ! المتر الواحد من إنتاج هذه الآلة بسبعمائة ليرة وبينما الثوب بأكمله بمئتي ليرة والآلة واحدة، والفرق هو الإتقان.

ليست هناك تعليقات:

نفسى

 فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...