زهرة حمراء أوراقها متفتحة ورائحتها جميلة , تفتحت هذه الزهرة منذ مدة بسيطة وهي تتوقع أن تجد نفسها في حديقة غناء .. الأشجار الكبيرة من حولها تظلها وتحميها من حرارة الشمس الملتهبة , وتحميها من الرياح القوية .. كانت تتخيل نفسها وقد اشتد عودها وهي تتمتع بورود أخرى بجانبها تتبادل معهن الهموم والمشاكل والأفراح , تحنو هي عليهن ويحنون عليها ..
فوجئت هذه الزهرة بأنها قد زرعت في غابة موحشة كئيبة , تلفتت حولها فلم تجد ولا شجرة كبيرة تحتمي بظلها , حاولت أن تستبدل الحماية بالأنس مع بنات جنسها فلم تجد ولا واحدة منهن حولها .. أصبحت تتلقى الرياح بجسمها الضعيف .. فتهزها هذه الرياح حتى تكاد تقلعها من جذورها .. كانت الشمس تلهبها بحرارتها فلا تجد من تستظل بظله فأصبحت تكتوي بحر الشمس وحدها بلا معين ولا أنيس !
كثير من الفتيات اللاتي وقعن في العشق للغرباء حالهن كحال هذه الزهرة .. الواحدة منهن تخرج للدنيا ويشتد عودها فإذا هي وحدها بلا معين .. الوالد مشغول بعمله , الأم مشغولة بعملها أو بمشاغل تافهة تبعدها عن بنتها .. وهذه البنت تريد من يقترب منها .. تريد من يستمع اليها .. تريد من تحبه ويحبها .. تريد من تبادله المشاكل والهموم والأفراح فلا تجد أحدا ..
تبقى هذه العواطف مكبوتة في نفسها وتظل تتقلب وتتحرك , وربما خرج بعضها على شكل اكتئاب أو بكاء حار .. ولكنه لا يغني باي حال عن الشخص الذي تنتظره هذه الفتاة !
وان من الفتيات من يكرمهن الله بصديقة طيبة تكون لها مكان الأم والاب والأخوات , ويجعل الله في هذه الصديقة بديلا مناسبا يساعد هذه البنت في تجاوز مرحلة المراهقة الصعبة الى بر الأمان .. ولكن كثيرات من الفتيات لا يجدن هذه الصديقة !
الأحسن حظا منهن من تجد صديقة سوء تجعل عواطفها معلقة بأناس لا يمكن أن تصل اليهم : كاللاعبين والمغنين والفنانين .. فتجد هذه البنت قد تعلق قلبها بالمغني الفلاني أو الممثل الفلاني .. فتشتري افلامه وتحتفظ بصوره وتكتب اسمه على دفاترها وكتبها .. وتبقى تحبه وتتعشقه ولكن – لحسن حظها – لا تستطيع أن تصل إليه !
أما النوع الآخر فهن من يقعن في حب رجال يكون الوصول اليهم سهلا , سواء كان ذلك عن طريق الهاتف أو الرسائل أو بالاتصال المباشر ! وهذه وقوعها في المنكر اسرع وتعلقها بالمحبوب أعظم واشنع بكثير من اللتي تحب شخصا تعلم أنه لا سبيل لها بالوصول اليه .
لماذا هذا التعلق بالرجل ؟؟ وهل حب الفتاة هنا حب حقيقي أم أنه غير ذلك ؟؟
الذي اعتقده أن السبب في هذا التعلق الغريب هو عدم وجود البديل المباح سواء كان هذا البديل أما أو ابا أو أختا أو أخا أو غير ذلك .. وانه من الغريب جدا – وقد ذكرت هذا سابقا – أن كثيرا من البنات لا يسمعن كلمات الحب والغزل عن طريق حلال ولا تسمعه الا عن طريق الحرام !! فعندما تسمع كلمة : " أنا أحبك " لأول مرة يكاد قلبها يطير فرحا بها .. و كذلك عندما يقال لها : " أنت جميلة " أو " اشتقت لك كثيرا " أو غير هذا من الكلمات التي ينبغي أن تسمعها البنت من ابويها واخوتها ... ولكن الذي يحصل أنها لا تسمع منها شيئا حتى تسمعها من الغريب ! ولو كانت تسمع مثل هذه الكلمات بالحلال لأصبح احتمال انجرافها وراء من يسمعها اياها بالحرام أقل .
السبب الثاني هو عدم وجود من يستمع إليها ويتعاطف معها ! وهي تريد من تتحدث معه وتشتكي له .. وشكواها للرجل ستذهب عنها مشكلة عدم وجود من يسمعها ولكنها ستوقعها – غالبا – في مشكلة التعلق بالشخص الذي يساعدها في حل مشاكلها .. وأول مشكلة يحلها لها هي مشكلة عدم وجود من يستمع اليها .. وثاني مشكلة يوقعها هو فيها مشكلة التعلق به !
السبب الثالث هو تفريغ عاطفة جياشة في نفسها بعد أن فتح لها هذا الشاب المجال لهذا .. ولو أن الباب كان مفتوحا في السابق لما خرجت هذه العاطفة بشكل يغيب معه العقل والخوف من الله !
وأعتقد أن الحب هنا ليس حبا حقيقيا في كثير من الحالات بل هو حب زائف ولكن لأن البنت تكون في حالة لا تسمح لها بالتفكير الصحيح فإنها لا تنتبه لهذا !
الذي يحصل معها هو أنها وجدت من يعطيها ما لا يعطيها اياه غيره فأحبت فيه هذا الشيء وتعلقت به , ولذلك فإنها قد تحبه وتحب معه غيره ( حتى أني سمعت عمن تحب خمسة أو ستة رجال في نفس الوقت !! ) وهذا ما لا يكون عند العشاق في العادة !
وهنا نسأل : على من الخطأ هنا ؟؟ من هو الجاني ؟؟
الخطأ الأول هو خطأ الأهل لأنهم أهملوا ابنتهم ولم يحمونها من المخادعين ولم يكونوا لها درعا من الاعيبهم .
الخطا الثاني هو خطأ الفتاة نفسها لأن الله أعطاها عقلا تفكر به , وهي تعلم أن ما تفعله خطير جدا عليها ... وقد تقول الفتاة أن أهلها هم الجناة .. ونقول نعم هم من بدأ مشكلتك ولكن هل معنى هذا أن تستسلمي لنداء العاطفة وتسلمي قلبك لمن يلعب به يمنة ويسرة حتى تكونين له كالجارية التي لا تعصي له أمرا ؟؟
الخطأ الثالث هو خطأ الفتاة أيضا عندما تعلم أنها قد وقعت في المحذور وقد تعلق قلبها برجل ثم لا تتصرف أي تصرف وتبقى تؤمل نفسها بأن حبيبها سيأتي عليه اليوم الذي يلتفت فيه اليها .. تبقى تراسله وتطلب عطفه عليها .. تشتكي له حبها له وتعلقها به .. كل هذا ليتزوجها وهو لا يلقي لها بالا .. وهذه لو كان لها كرامة كغيرها من البنات لرفضت تصرفه هذا مع تكرر رفضه لها .. ولو كان لها عقل تفكر به لأخبرها بأن الوصال هنا مستحيل فلماذا لا يكون الهجر والابتعاد ؟
الخطأ الرابع هو خطأ الصديقات .. لأن الصداقة لا تتوقف حدودها عند تبادل الكتب أو القصص أو الغيبة والنميمة أو تبادل الأفلام والصور !! هذه مظاهر للصداقة السطحية والسيئة في بعض المرات . على الصديقات أن يساعد بعضهن بعضا في تجاوز مشكلة تقع فيها احداهن بكل ما يستطعن من قوة .. قد تكون الفتاة لوحدها ضعيفة ولكنها مع صديقاتها ستكون اقوى ..
والحل لهذه المشكلة هي أن تصارح البنت امها وأباها بحاجتها لمن يستمع اليها وينزل لمستواها العمري , وتخبرهم بانها تحتاج لمن تحبه ويحبها قبل أن تجد هذا عند غيرهم .
والخطوة التالية هي أن تبحث هي عن بديل جائز كالصديقات المخلصات وتقترب منهن كثيرا وتفرغ عندهن ما تستطيع من عواطفها وهمومها ومشاكلها .
الخطوة الثالثة هي الدخول في حرب مع النفس هدفها نسيان هذا المحبوب باي وسيلة , وقطع جميع الطرق المؤدية اليه مهما كانت حاجتها لهذا الشخص ! ومع الزمن ستنساه وترتاح ..
قد تقولين أنني أطلب شيئا صعب المنال .. واقول لكِ : نعم هو صعب ولكنه مع الوقت سيصبح سهلا ان شاء الله . اعزمي وتوكلي على الله وابدئي من اليوم .. ولا تظني أن حبك الذي حصل في مدة قدرها سنة أو نصف سنة سيذهب في يوم أو يومين ..
أما كيف تنسى البنت الشاب - بالتفصيل - فهذا سيكون حديثنا عنه في النقطة بعد القادمة ان شاء الله ..
وأخيرا : هذه النقطة هي على حسب علمي منشأ أغلب العلاقات , وبداية وقوع الكثيرات في الحرام , وسبب رئيس في تعلق القلب بالغرباء فهلا انتبه لها الآباء والأمهات قبل فوات الأوان ؟!