الأحد، 15 يوليو 2018


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على أناس جلوس فقال ( ألا أخبركم بخيركم من شركم ) قال : فسكتوا ، فقال ذلك ثلاث مرات ، فقال رجل : بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا ، قال ( خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره ) (1)
أجمل ما في الدنيا أن تألف وتؤلف ، وتحب وتُحب ، فإذا ألمت بك شدة وجدت القاصي والداني والقريب والغريب حولك ….. حبا لا تملقا ، ومشاركة لا عطفا ، ومودة لا شفقة ، وهذا المنهج هو ما حرص على ترسيخه الإسلام ليجعل من المجتمع نسيجا فريدا رائعا ، فلما كان المعنى الجامع بين المسلمين الإسلام ، فقد اكتسبوا به أخوة أصيلة ووجب عليهم بذلك حقوق لبعضهم على بعض ، وكلما ازدادت المخالطة وصفا زادت الحقوق ، مثل القرابة والمجاورة والضيافة والصحبة والصداقة والأخوة الخاصة في الله عز وجل

( خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره ) أي من يؤمّل الناس الخير من جهته ويأمنون الشر من جهته ( وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره ) أي وشركم من لا يؤمّل الناس حصول الخير لهم من جهته ، ولا يأمنون من شره ، وإنما يرجى خير من عرف بفعل الخير وشهرته به ، ومن غلب خيره أمنت القلوب من شره ، ومتى قوي الإيمان في قلب عبد رجي خيره وأمن شره ، ومتى ضعف قل خيره وغلب شره . قال الماوردي : يشير بهذا الحديث إلى أن عدل الإنسان مع أكفائه واجب وذلك يكون بثلاثة أشياء : ترك الاستطالة ، ومجانبة الإذلال ، وكف الأذى ، لأن ترك الاستطالة آلف ، ومجانبة الإذلال أعطف ، وكف الأذى أنصف . وهذه أمور إن لم تخلص في الأكفاء أسرع فيهم تقاطع الأعداء ففسدوا وأفسدوا (2) ، وقول راوي الحديث ( فقال ذلك ثلاث مرات ) لما توهموا معنى التمييز تخوفوا من الفضيحة فسكتوا حتى قالها ثلاثاً فأبرز البيان في معرض العموم لئلا يفتضحوا
وهذا الحديث الجليل أصل في المروءة مع الخلق ، وذلك بأن يستعمل معهم شروط الأدب والحياء ، والخلق الجميل ، ولا يظهر لهم ما يكرهه هو من غيره لنفسه ، وليتخذ الناس مرآه لنفسه فكل ما كرهه ونفر عنه من قول أو فعل أو خلق فليجتنبه وما أحبه من ذلك واستحسنه فليفعله

ليست هناك تعليقات:

ظلم

سرعة الانفعال تشير إلى استجابة الأفراد بشكل سريع وعاطفي لمواقف معينة، مما قد يؤدي إلى ردود فعل غير محسوبة. إليك بعض النقاط المتع...