الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015


 سمعت أن إنساناً اضطر إلى ثلاثمئة ألف ليرة قرضًا، بحث عند كل من يتوقع أن يقرضه فلم يقرضه أحداً، إلا أن واحداً عرض عليه أن يطوّب له مزرعة ثمنها يزيد على المليونين كضمان لهذا القرض، وقبِل شخص إعطاءه الثلاثمئة ألف، ونقل له ملكية المزرعة على أساس رهن، فإذا أدى له المبلغ يعيد له المزرعة، بعد سنتين أو ثلاث صار المبلغ موجودًا، طلب من صاحب القرض أن يعيد له المزرعة، والمبلغ موجود فقال له: كل منا معه حقه، هذا الذي أقرضه الثلاثمئة ألف وجد في يده مليونًا أو مليونين، مبلغ كبير، فاغتصب هذه المزرعة، صاحب المزرعة من شدة ألمه, أصابته أزمة قلبية كادت تودي بحياته، قبل أن يموت كتب وصية, أمر ابنه بعد أن يجهزوه، ويكفنوه، وبعد أن تمشي الجنازة، -فرضاً فيما أذكر البيت في المهاجرين، والذي اقترض منه في الميدان فرضاً، والمقبرة في المهاجرين-، أمر ابنه أن تسير الجنازة من المهاجرين إلى الميدان، وأن تقف أمام الدائن، وينطلق ابن المتوفى إلى دكان الدائن، ويقدم له رسالة، وبالفعل الابن نفذ الوصية, الجنازة سارت من المهاجرين إلى الميدان، وفي الميدان أمام الدكان توقفت الجنازة، وخرج ابنه الأكبر معه رسالة، ودخل إلى الدائن، وقال: هذه الرسالة كتبها أبي بخط يده قبل أن يموت، وهو في النعش، وتابعت الجنازة سيرها، ماذا كتب له؟ كتب له: إنني ذاهب إلى دار الحق، فإذا كنت بطلاً فلا تتبعني، وهناك سأحاسبك، لذلك: رأس الحكمة مخافة الله، سمعت أنه أرجع المزرعة للورثة بعد أن مات الأب:
﴿كَذَلِكَ الْعَذَابُ﴾
[سورة القلم الآية: 33]
 كل أنواع العذاب الذي يسوقها الله عز وجل للإنسان من هذا النوع, عذاب تأديب فقط، قال تعالى:
﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾
[سورة السجدة الآية: 21]
الوعيد الذي ينتظره كل من يأبى معرفة الإسلام :
 قال تعالى:
﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾
[سورة القلم الآية: 35-36]
 يعني ماذا يقابل المسلم؟ الكافر، لمَ لمْ يقل الله عز وجل: أفنجعل المسلمين كالكفار؟ قال تعالى: أومن كان مؤمنا كمن كان فاسقاً، يعني كل إنسان غير المؤمن فاسق، وكل إنسان غير مسلم مجرم، بالمعنى الدقيق، بمعنى الإسلام الشمولي، ما الإسلام الشمولي؟ الذي تعرف إلى الله، وخضع إلى منهجه، أما الذي أبى أن يعرفه، وتفلت من منهجه، وطغى، وبغى، وبنى مجده على أنقاض الآخرين, هذا ينتظره عذاب أليم.
﴿وَأُمْلِي لَهُم﴾ْ
 -بالتعبير القريب: وأرخي لهم الحبل، أحياناً تأتي بفرس تربطها بحبل من قدمها، والحبل متين، لكن الحبل طويل، طوله خمسون متراً، هي تتوهم ما دامت تدور خمسة أمتار، عشرة أمتار، أربعين، ثلاثة وأربعين، خمسة عشر ماذا تظن؟ أنها طليقة، هي ليست طليقة، في أية لحظة يجر الحبل، فإذا هي في قبضة صاحبها، قال تعالى-:
﴿وَأُمْلِي لَهُم﴾ْ
 -أعطيهم الأموال والأولاد والمناصب أحياناً، والوجاهة، والعز، والصحة، واللذة، قال تعالى-:
﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾
[سورة الأعراف الآية: 183]
 في أية لحظة يجر الحبل، فإذا الإنسان في قبضة الله.
لن تقطف ثمار الدين إلا بالاستقامة :
 عظمة هذا الدين أن سيد الخلق وحبيب الحق لو قال تعالى:
﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾
[سورة الحاقة الآية: 44-47]
 لن تتقرب إلى الله إلا باستقامتك، ولن تقطف ثمار هذا الدين إلا باستقامتك، ولو أن سيد الخلق تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين، فمن أنت أمامه؟ من أنت حتى تعصي الله وأنت مطمئن؟ من أنت؟ هذا إنسان ساذج، عندنا سذاجة قبيحة بالإنسان، يكون بخطر شديد، يقول لك: أنا في أمن، أي أمن هذا؟ إذا كان سيد الخلق, قال تعالى:
﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ﴾
[سورة الحاقة الآية: 44-45]
 فأنت كيف تعصيه وأنت مرتاح، وأنت مطمئن؟ هذا تفاؤل للأبله.


ليست هناك تعليقات:

نفسى

 فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...