الجمعة، 18 سبتمبر 2015



إن ما تتحدث عنه هذه الأيام وسائل الإعلام وما تلوكه ألسنة الطبقة السياسية المصرية، عن الاستحواذ والإقصاء والتهميش وإهدار أحكام القضاء وسلطة القانون، هذه العناوين كلها ليست طارئة في فضائنا السياسي، ولكنها من مخلفات ومواريث النظام السابق. أو قل إنها جزء من ثقافة تلك المرحلة التي لم نتخلص منها بعد. في هذا الصدد أزعم أن الذين مُكنوا من موقع في ظل النظام السابق مارسوا ذلك الذي ينتقدونه اليوم، إلا من رحم ربك بطبيعة الحال. لا أعنى نظام مبارك وحزبه الوطني فحسب، ولكنني أعني أيضا مختلفالجماعات والقوى السياسية التي حالفها حظ التمكين، وقدر لها أن تدير منبراً أو جماعة أو منظمة في تلك المرحلة. أتحدث عن شرائح الليبراليين والعلمانيين واليساريين الذين كان أغلبهم، اما مرضياً عنهم من قبل النظام السابق أو متحالفين معه. صحيح أن مبارك سلم مقاليد السياسة والإدارة لجماعته الذين شغلوا المواقع الأساسية في السلطة والحزب. إلا أنه سلم أبرز منابر الإعلام والثقافة لممثلي تلك الشرائح. وظل الاتفاق غير المكتوب بين الجانبين مستقراً على إقصاء الإسلاميين وتهميشهم حيثما وجدوا. عندي عشرات القصص التي تؤيد تلك المقولة، بعضها يتعلق بخبرات شخصية والبعض الآخر يخص آخرين أعرفهم، لكني لا أريد أن أذكر أسماء حتى لا أحرج أحداً. لذلك سأكتفي بالإشارة إلى ثلاثة نماذج فقط، فقد حرِّمت جوائز الدولة التقديرية على أي مرشح من الإسلاميين حتى إذا لم يكن من «الإخوان». وتم ذلك طول الوقت بتوافق بين مجموعة من المثقفين وبين جهاز أمن الدولة، وعبرَّ لي أعضاء في إحدى اللجان الاستشارية لمشروع ثقافي خليجي، كان يختار كل عام شخصية عربية يمنحها جائزته، عن استيائهم من موقف اثنين من المثقفين المصريين ــ أحدهما صار وزيراً في ما بعد ــ دأباً على الاعتراض على أي شخصية إسلامية ترشح للجائزة، خصوصاً من بين المصريين، ولم يكن هناك تفسير لذلك سوى أن الإثنين من العلمانيين الأصوليين الذين أصبحوا الآن يعظوننا في ضرورة القبول بالآخر واحترامه.

ليست هناك تعليقات:

نفسى

 فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...