إن ما تتحدث عنه هذه الأيام وسائل الإعلام وما تلوكه ألسنة الطبقة السياسية المصرية، عن الاستحواذ والإقصاء والتهميش وإهدار أحكام القضاء وسلطة القانون، هذه العناوين كلها ليست طارئة في فضائنا السياسي، ولكنها من مخلفات ومواريث النظام السابق. أو قل إنها جزء من ثقافة تلك المرحلة التي لم نتخلص منها بعد. في هذا الصدد أزعم أن الذين مُكنوا من موقع في ظل النظام السابق مارسوا ذلك الذي ينتقدونه اليوم، إلا من رحم ربك بطبيعة الحال. لا أعنى نظام مبارك وحزبه الوطني فحسب، ولكنني أعني أيضا مختلفالجماعات والقوى السياسية التي حالفها حظ التمكين، وقدر لها أن تدير منبراً أو جماعة أو منظمة في تلك المرحلة. أتحدث عن شرائح الليبراليين والعلمانيين واليساريين الذين كان أغلبهم، اما مرضياً عنهم من قبل النظام السابق أو متحالفين معه. صحيح أن مبارك سلم مقاليد السياسة والإدارة لجماعته الذين شغلوا المواقع الأساسية في السلطة والحزب. إلا أنه سلم أبرز منابر الإعلام والثقافة لممثلي تلك الشرائح. وظل الاتفاق غير المكتوب بين الجانبين مستقراً على إقصاء الإسلاميين وتهميشهم حيثما وجدوا. عندي عشرات القصص التي تؤيد تلك المقولة، بعضها يتعلق بخبرات شخصية والبعض الآخر يخص آخرين أعرفهم، لكني لا أريد أن أذكر أسماء حتى لا أحرج أحداً. لذلك سأكتفي بالإشارة إلى ثلاثة نماذج فقط، فقد حرِّمت جوائز الدولة التقديرية على أي مرشح من الإسلاميين حتى إذا لم يكن من «الإخوان». وتم ذلك طول الوقت بتوافق بين مجموعة من المثقفين وبين جهاز أمن الدولة، وعبرَّ لي أعضاء في إحدى اللجان الاستشارية لمشروع ثقافي خليجي، كان يختار كل عام شخصية عربية يمنحها جائزته، عن استيائهم من موقف اثنين من المثقفين المصريين ــ أحدهما صار وزيراً في ما بعد ــ دأباً على الاعتراض على أي شخصية إسلامية ترشح للجائزة، خصوصاً من بين المصريين، ولم يكن هناك تفسير لذلك سوى أن الإثنين من العلمانيين الأصوليين الذين أصبحوا الآن يعظوننا في ضرورة القبول بالآخر واحترامه.
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
الرضا
أنت على حق تمامًا. إن شكر النِّعَم والتأمل في بركات الله هي من أعظم مصادر السعادة والرضا النفسي. عندما نركز على النِّعَم التي منحنا الله إيا...
-
كلام رائع عامل القدر بالرضا .. وعامل الناس بالحذر .. عامل أهلك باللين .. وعامل اخوانك بالتسامح .. وعامل أصدقائك بالمودة ... وعامل الدهر ...
-
Pin it Send Like muslim-academy.com Beer (Fuqa'); Islamic Ruling and Side Effects Zulfiqar Ali My articles...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق