عندما يأتي ابن خلدون في مقدمته إلى تحليل نكبة البرامكة يرى أن قصة ( العباسة ) وعلاقتها الحميمية بجعفر بن يحيى البرمكي، لا تصلح تفسيرا لنكبة
مروعة لشريحة سياسية كاملة من هذا الحجم، وأن التفسير يجب أن يكون أعمق، فيعيده إلى آليات الصراع السياسي، وتحول القوة التدريجي من البيت
العباسي الحاكم إلى البيت البرمكي ( وإنما نكب البرامكة ما كان من استبدادهم على الدولة واحتجافهم أموال الجباية حتى كان الرشيد يطلب اليسير من
المال فلا يصل إليه فغلبوه على أمره وشاركوه في سلطانه ) . يمثل المفسرون الثقاة مصادر ممتازة للاستئناس بآرائهم، دون إعطائهم صك إمساكهم
بالحقيقة النهائية، ويبقى القرآن عصيا على كل من يحاول تحجيمه في تفسير واحد، أو تطويقه لحساب فهم بعينه، يحلق فوق الجميع بمناعة خاصة به،
محررا من كل غلالة أمام التواصل المباشر معه، فليس هناك أعظم من الاتصال المباشر بالقرآن، {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}. يجب أن نضع
في حسابنا ونحن نطالع أي نص تحولات العصر وإكراهات البيئة. وإن أفضل طريقة لفهم القرآن هي الاتصال المباشر، وتبقى كتب التفسير للاستئناس
دون أن تكون فوق القرآن بحال. كل ما كتب عن القرآن وحوله لا يمثل أكثر من وجهات نظر خاصة تأثرت بتحولات العصر، وسيادة أفكار بعينها، وأثر
البيئة والمناخ، وضغوط الثقافة، وإكراهات اللغة، ويبقى القرآن محلقا فوق الجميع عبر العصور. إن تفسير ( الزمخشري ) مثلا خضع لتأثيرات معتزلية
عقلية، و أما ( النسفي ) فصب اهتمامه على الجوانب اللغوية، وامتاز تفسير ( البيضاوي ) بشرح المفردات، و برع ( ابن كثير ) في تفسير الآية بالآية
والحديث، وأما صاحب ( في ظلال القرآن ) فتعرض لمشاكل عصرية بمسحة أدبية. ( ابن حزم ) الأندلسي في كتابه ( المحلى ) و ( ابن خلدون ) عالم
الاجتماع في كتابه ( ديوان العبر ) و ( ابن كثير ) المفسر و ( الرازي ) الجراح و ( الشاطبي ) الأصولي صاحب كتاب ( الموافقات ) يمثلون خمسة فروع
معرفية في ( الفقه ) و ( علم الاجتماع ) و ( التفسير ) و ( الطب ) و ( أصول الفقه ) . ويخضع كل هؤلاء إلى تأثير العصر الذي عاشوه، وفي نموذجين مثل
تفسير الظلال وابن كثير يبدو المثل واضحا ففي الوقت الذي استحوذ على ابن كثير تفسير آية هاروت وماروت في صفحات مطولة لم يشرحها صاحب
الظلال في أكثر من أسطر قليلة، وبالمقابل فقد شرح صاحب الظلال آية {وعنده مفاتح الغيب} وتعرض لذكر نظرية الكوانتم في الفيزياء في الوقت الذي
مر عليها ابن كثير ببساطة، بسبب تأثر كل واحد بمشاكل عصره، فمشكلة السحر الملحة في وقت ابن كثير تتحول في القرن العشرين إلى مشكلة الصراع
بين العلم والإيمان، وهو المشروع الذي نذرت عمري له فكتبت العديد من الكتب ومئات المقالات حوله في فك هذا الإشكال. وآخره كتابي التقدم العلمي
والإيمان.
مروعة لشريحة سياسية كاملة من هذا الحجم، وأن التفسير يجب أن يكون أعمق، فيعيده إلى آليات الصراع السياسي، وتحول القوة التدريجي من البيت
العباسي الحاكم إلى البيت البرمكي ( وإنما نكب البرامكة ما كان من استبدادهم على الدولة واحتجافهم أموال الجباية حتى كان الرشيد يطلب اليسير من
المال فلا يصل إليه فغلبوه على أمره وشاركوه في سلطانه ) . يمثل المفسرون الثقاة مصادر ممتازة للاستئناس بآرائهم، دون إعطائهم صك إمساكهم
بالحقيقة النهائية، ويبقى القرآن عصيا على كل من يحاول تحجيمه في تفسير واحد، أو تطويقه لحساب فهم بعينه، يحلق فوق الجميع بمناعة خاصة به،
محررا من كل غلالة أمام التواصل المباشر معه، فليس هناك أعظم من الاتصال المباشر بالقرآن، {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}. يجب أن نضع
في حسابنا ونحن نطالع أي نص تحولات العصر وإكراهات البيئة. وإن أفضل طريقة لفهم القرآن هي الاتصال المباشر، وتبقى كتب التفسير للاستئناس
دون أن تكون فوق القرآن بحال. كل ما كتب عن القرآن وحوله لا يمثل أكثر من وجهات نظر خاصة تأثرت بتحولات العصر، وسيادة أفكار بعينها، وأثر
البيئة والمناخ، وضغوط الثقافة، وإكراهات اللغة، ويبقى القرآن محلقا فوق الجميع عبر العصور. إن تفسير ( الزمخشري ) مثلا خضع لتأثيرات معتزلية
عقلية، و أما ( النسفي ) فصب اهتمامه على الجوانب اللغوية، وامتاز تفسير ( البيضاوي ) بشرح المفردات، و برع ( ابن كثير ) في تفسير الآية بالآية
والحديث، وأما صاحب ( في ظلال القرآن ) فتعرض لمشاكل عصرية بمسحة أدبية. ( ابن حزم ) الأندلسي في كتابه ( المحلى ) و ( ابن خلدون ) عالم
الاجتماع في كتابه ( ديوان العبر ) و ( ابن كثير ) المفسر و ( الرازي ) الجراح و ( الشاطبي ) الأصولي صاحب كتاب ( الموافقات ) يمثلون خمسة فروع
معرفية في ( الفقه ) و ( علم الاجتماع ) و ( التفسير ) و ( الطب ) و ( أصول الفقه ) . ويخضع كل هؤلاء إلى تأثير العصر الذي عاشوه، وفي نموذجين مثل
تفسير الظلال وابن كثير يبدو المثل واضحا ففي الوقت الذي استحوذ على ابن كثير تفسير آية هاروت وماروت في صفحات مطولة لم يشرحها صاحب
الظلال في أكثر من أسطر قليلة، وبالمقابل فقد شرح صاحب الظلال آية {وعنده مفاتح الغيب} وتعرض لذكر نظرية الكوانتم في الفيزياء في الوقت الذي
مر عليها ابن كثير ببساطة، بسبب تأثر كل واحد بمشاكل عصره، فمشكلة السحر الملحة في وقت ابن كثير تتحول في القرن العشرين إلى مشكلة الصراع
بين العلم والإيمان، وهو المشروع الذي نذرت عمري له فكتبت العديد من الكتب ومئات المقالات حوله في فك هذا الإشكال. وآخره كتابي التقدم العلمي
والإيمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق