(فويل للقاسية قلوبهم من
ذكر الله).
ويل، عذاب ونكال لقلوب
قست عن ذكر الله، ونعيم ورحمة وسعادة وفوز لقلوب انكسرت وخشعت لله تبارك وتعالى.
لذلك – أخواني في الله
– ما من مؤمن صادق في إيمانه إلا وهو يتفكر كيف السبيل لكي يكون قلبي رقيقا؟
كيف السبيل لكي أنال
هذه النعمة ؟
فأكون حبيبا لله عز
وجل، وليا من أوليائه، لا يعرف الراحة والدعة والسرور إلا في محبته وطاعته سبحانه
وتعالى، لأنه يعلم أنه لن يُحرم هذه النعمة إلا حُرم من الخير شيئا كثيرا.
ولذلك كم من أخيار
تنتابهم بعض المواقف واللحظات يحتاجون فيها إلى من يرقق
قلوبهم فالقلوب شأنها عجيب وحاله غريب.
تارة تقبل على الخير،
وإذا بها أرق ما تكون لله عز وجل وداعي الله.
لو سُألت أن تنفق
أموالها جميعا لمحبة الله لبذلت، ولو سألت أن تبذل النفس في سبيل الله لضّحت.
إنها لحظات ينفح فيها
الله عز وجل تلك القلوب برحمته.
وهناك لحظات يتمعر
فيها المؤمن لله تبارك وتعالى، لحظات القسوة، وما من إنسان إلا تمر عليه فترة يقسو
فيها قلبه ويتألم فيها فؤاده حتى يكون أقسى من الحجر والعياذ بالله.
وللرقة
أسباب،
وللقسوة أسباب :
الله تبارك وتعالى
تكرم وتفضل بالإشارة إلى بيانها في الكتاب.
فما رق القلب بسبب
أعظم من سبب الإيمان بالله تبارك وتعالى.
ولا عرف عبد ربه
بأسمائه وصفاته إلا كان قلبه رقيقا لله عز وجل، وكان وقّافا عند حدود الله.
لا تأتيه الآية من
كتاب الله، ويأتيه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال بلسان الحال
والمقال:
(سمعنا
وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير).
فما من عبد عرف الله
بأسمائه الحسنى وتعرف على هذا الرب الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه
إلا وجدته إلى الخير سباق، وعن الشر محجام.
فأعظم سبب تلين به
القلوب لله عز وجل وتنكسر من هيبته المعرفة بالله تبارك وتعالى، أن يعرف العبد
ربه.
أن يعرفه، وما من شيء
في هذا الكون إلا ويذكره بذلك الرب.
يذكره الصباح والمساء
بذلك الرب العظيم.
وتذكره النعمة والنقمة
بذلك الحليم الكريم.
ويذكره الخير والشر
بمن له أمر الخير والشر سبحانه وتعالى.
فمن عرف الله رق قلبه من خشية الله تبارك وتعالى.
والعكس بالعكس فما
وجدت قلبا قاسيا إلا وجدت صاحبه أجهل العباد بالله عز وجل، وأبعدهم عن المعرفة
ببطش الله، وعذاب الله وأجهلهم بنعيم الله عز وجل ورحمة الله.
حتى إنك تجد بعض
العصاة أقنط ما يكون من رحمة الله، وأيئس ما يكون من روح الله والعياذ بالله لمكان
الجهل بالله.
فلما جهل الله جرأ على
حدوده، وجرأ على محارمه، ولم يعرف إلا ليلا ونهارا وفسوقا وفجورا، هذا الذي يعرفه
من حياته، وهذا الذي يعده هدفا في وجوده ومستقبله.
لذلك – أحبتي في الله
– المعرفة بالله عز وجل طريق لرقة القلوب، ولذلك
كل ما وجدت الإنسان يديم العبرة، يديم التفكر في ملكوت الله، كلما وجدت قلبه فيه رقة، وكلما وجدت قلبه في خشوع وانكسار إلى الله تبارك
وتعالى.
السبب
الثاني:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق