الأربعاء، 21 أغسطس 2013

التعامل مع الناس


   أولا – أهمية العلاقات مع الآخرين والتعرف عليهم :
   التواصل والاتصال مع الآخرين هو الأساس في التأثير بهم وكسبهم إلى صفك، أضف إلى ذلك بأن الاحتكاك بهم يعني كسب خبرات جديدة تضيفها إلى خبرتك .
   ثانيا - توجيهات في بناء العلاقات مع الآخرين :
   1 -  أصلح ما بينك وبين الله تعالى، يصلح الله تعالى ما بينك وبين الآخرين، لأن القلوب بيد الله عز وجل يصرفها كيفما شاء، فعن أبي هريرة رضي اله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا أحب الله عبدا نادى جبريل : إن الله يحب فلانا فأحبه ، فيحبه جبريل ، فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض "[ متفق عليه .] .
   2 - الابتسامة الدائمة وخاصة في المواقف الصعبة، والتعامل مع الآخرين بلين الكلام والتصرف السليم.
   3 -  احتفظ بهدوئك ورباطة جأشك عند الاستفزاز، وتذكر وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب"[ رواه البخاري .].
   4 - اختر كلماتك بعناية وكن متهلل الوجه مع الآخرين، فإذا كانت الأجواء غير مناسبة للحديث فأجله إلى وقت آخر مناسب.
   5 -  رصع حديثك بالطرائف والأمثال ولا تجعلها طاغية، ولا تقل إلا حقاً.
   6 -  كسب القلوب وبناء العلاقات عن طريق تقديم الهدايا، قال عليه الصلاة والسلام: "تهادوا تحابوا"[ رواه أبو يعلى في مسنده، وحسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير (3001).].
   7 - صدق الحديث والوفاء بالوعد، والكرم بالميسور  وإن قلّ يُبوِّؤك أعلى المنازل في قلوب الناس، قال تعالى: { خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ }[ الحشر:9.]
   8 -  إفشاء السلام  ورد التحية بأحسن منها مفتاح القلوب.
   9 -  التنظيم لأمور الحياة وعدم الفوضى والنظافة في البدن والفم والملبس والأناقة غير المبالغ فيها وطيب الرائحة يجعل الآخرين يحترموك ويرتاحوا في التعامل معك.
   هذه بعض الفنون المهمة في التعرف على الآخرين وبناء العلاقة معهم، ونبدأ بعرض القواعد في فن التعامل .
ثالثا - قواعد التعامل مع الناس :
1 - الصبر :
   عندما يتعامل الإنسان مع الناس فإنه يتعرض إلى العديد من العقبات والمشكلات، فقد يتعرض إلى كلمة جارحة، أو مكيدة ماكرة، أو فظاظة منفِّـرة، وربما يتعرض إلى إيذاء شديد، أو ابتلاء طويل في ماله أو دينه أو عِرضه أو بدنه، لذا ينبغي أن يتحلى المرء بالصبر الجميل، ويحتسب كل ذلك عند الله تعالى، ويكثر من الاستعانة به على مصائب الدهر.
   والابتلاء سنة ماضية إلى يوم القيامة، لذا يقول الله تعالى:
   { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ }[ محمد:31.] .
   ويقول الله تعالى: { وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ }[ آل عمران:186.] .
   ويقول الله تعالى: { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ }[ البقرة:45.] .
   وعن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له،وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له"[ رواه مسلم .].
   ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "وجدنا خير عيشنا بالصبر"، وقال أيضاً: "أفضل عيش أدركناه بالصبر، ولو أن الصبر كان من الرجال كان كريماً".
   ويقول الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله :
   ذهبتُ مع الإمام الشهيد مرة إلى مدينة طوخ بالقليوبية.
   وكان الحفل حاشداً،والهتافات عالية.. وفي الطريق سألني فضيلته: مارأيك في الحفل؟
   قلت: إن الصخب شديد،والأصوات عالية لا تطمئنني كالطبل الأجوف.
   قال: اسمع، نحن نسير على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يعرض نفسه على الناس في الأسواق، فلا يلقى إلا السخرية والاستهزاء.
   فهلا نصبر على بطء الاستجابة.
   إننا لو خرجنا من هذه الآلاف بواحد فقط، فذلك خيرٌ من الدنيا ومافيها[ مائة موقف من حياة المرشدين، محمد عبدالحليم حامد، ص 34 .].
2 - اللين :
   نقصد بهذه القاعدة تغليب التعامل الإيجابي على التعامل السلبي، والرحمة على الشدة.. إن بعض الناس يميلون إلى الفظاظة والرفض والشدة والقسوة وربما الإضرار بالآخرين من أجل أن يثبتوا وجودهم وهيمنتهم وسلطانهم فيخافهم الناس ويُذَلوا بين أيديهم، ولاشك أن هذا مرض نفسي ابتُلي به بعض المسؤولين.
   إن هذا السلوك يؤدي إلى نفرة الناس بعضهم من بعض،  ولهذا يقول الله تعالى:
   { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ }[ آل عمران: 159.]
   ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الرفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه، ولا ينزع من شيءٍ إلا شانه"[ رواه  مسلم .]، وعن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من يُحرم الرفق يُحرم الخير كله"[ رواه  مسلم .].
   ويقول حماد بن سلمة: مر رجل أسبل إزاره (إشارة إلى التكبر) على صلة بن أشيم، فهم أصحابه أن يأخذوه بشدة، فقال: دعوني، أنا أكفيكم، ثم قال للرجل: يا ابن أخي إن لي إليك حاجة، فقال الرجل: وما حاجتك يا عم؟ قال: أحب أن ترفع إزارك، فقال: نعم، حباً وكرامة، فرفع إزاره، فقال صلة لأصحابه: لو قرعتموه لقال: لا، ولا كرامة، وشتمكم.
   وجاء رقيق (غلام) لأبي ذر وقد كسر رِجل شاة فقال له: من كسر رِجل هذه؟ فقال الغلام: أنا فعلته عمداً لأغيظك فتضربني فتأثم، فقال أبو ذر: لأغيظن من حرضك على غيظي، فأعتقه في سبيل الله"[ مختصر منهاج القاصدين، ابن قدامة المقدسي، ص 891 .
].
   وتجدر الإشارة هنا إلى أنه قد يضطر الإنسان أحياناً إلى أن يتعامل بشدة، وأن يتخذ القرار الأكثر قسوة وحزماً من أجل مصلحة يقدرها، وهذا الأمر مطلوب ولكن ليس دائماً، ولذا يقول الشاعر:
فقسـا ليزدجروا ومن يَـكُ راحمـاً     فليقْـسُ أحيانـاً على من يرحـــمِ
3 - اقبل معاذير من يأتيك معتذراً :

ليست هناك تعليقات:

ظلم

سرعة الانفعال تشير إلى استجابة الأفراد بشكل سريع وعاطفي لمواقف معينة، مما قد يؤدي إلى ردود فعل غير محسوبة. إليك بعض النقاط المتع...