الأربعاء، 19 يونيو 2013

سياحة عربية

 القديم وللأخرى الحديث وهما كثيرتا الأشجار وافرتا الثمار‏.‏ 
سفرجلهما يفوق سفرجل الآفاق طعماً وحسناً وبهما كثرة الأمطار والانداء والضباب وشدة البرد قلما ترى الشمس بها‏.‏ 
وذكر أن اعرابياً دخلها وتأذى من شدة بردها فخرج منها إلى أرض السودان فأتى عليه يوم شديد الحر فنظر إلى الشمس راكدة على قمم رؤوسهم فقال مشيراً إلى الشمس‏:‏ والله لئن عززت في هذا المكان لطالما رأيتك ذليلة بتاهرت‏!‏ وأهلها موصوفون بالحمق حكي انه رفع إلى قاضيهم جناية فما وجدها في كتاب الله فجمع الفقهاء والمشايخ فقالوا بأجمعهم‏:‏ الرأي للقاضي‏!‏ فقال القاضي‏:‏ اني أرى أن أضرب المصحف بعضه ببعض ثم أفتحه فما خرج عملنا به‏.‏ 
فقالوا‏:‏ وفقت افعل‏!‏ ففعل ذلك فخرج‏:‏ سنسمه على الخرطوم فجدع أنفه‏.‏مدينة بأرض الشام قديمة أبنيتها من أعجب الأبنية موضوعة على العمد الرخام‏.‏ 
زعموا أنها مما بنته الجن لسليمان عليه السلام قال النابغة الذبياني‏:‏ إلاّ سليمان قد قال الإله له‏:‏ قم بالبريّة فاحددها عن الفند وخيّس الجنّ إني قد أمرتهم يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد حكى إسماعيل بن محمد بن خالد التستري قال‏:‏ كنت مع مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية حين هدم حائط تدمر فأفضى الهدم إلى خرق عظيم فكشفوا عنه صخرة فإذا بيت مجصص كأن اليد قد رفعت عنه وإذا سرير عليه امرأة مستلقية على ظهرها عليها سبعون حلة ولها غدائر مشدودة بخلخالها قال‏:‏ فكانت قدمها ذراعاً من غير أصابع وفي بعض غدائرها صفيحة ذهب فيها مكتوب‏:‏ باسمك اللهم‏!‏ أنا تدمر بنت حسان أدخل الله الذل على من يدخل علي‏!‏ فأمر مروان بالخرق فأعيد كما كان ولم يأخذ شيئاً من حليها‏!‏ قال‏:‏ فوالله ما مكثنا بعد ذلك إلا أياماً حتى أقبل عبد الله بن علي وحارب مروان وفرق جيوشه وأزال الملك عن بني أمية‏.‏ 
وبها تصاوير كثيرة منها صورة جاريتين من حجارة نمق الصانع في تصويرهما مر بهما أوس بن ثعلبة فقال‏:‏ قيامكما على غير الحشايا على حبلٍ أصمّ من الرّخام فكم قد مرّ من عدد اللّيالي لعصركما وعام بعد عام وإنّكما على مرّ اللّيالي لأبقى من فروع ابني شمام فسمع هذه الأبيات يزيد بن معاوية فقال‏:‏ لله در أهل العراق‏!‏ هاتان الصورتان فيكم أهل الشام لم يذكرهما أحد منكم فمر بهما هذا العراقي وقال ما قال‏!‏ تستر مدينة مشهورة قصبة الاهواز الماء يدور حولها‏.‏ 
بها الشاذروان الذي بناه شابور‏.‏ 
وهو من أعجب البناء وأحكمها امتداده يقرب من ميل حتى يرد الماء إلى تستر وهي صنعة عجيبة مبنية بالحجارة المحكمة وأعمدة الحديد ملاط الرصاص‏.‏ 
وإنما رجع الماء إلى تستر بسبب هذا الشاذروان وإلا لامتنع لأنه على نشز من الأرض‏.‏ 
وإنها مدينة آهلة كثيرة الخيرات وافرة الغلات وغزا بعض الأكاسرة الروم وحمل الأسارى إلى تستر وأسكنهم فيها فظهرت فيها صنائع الروم وبقيت في أهلها إلى زماننا هذا‏.‏ 
يجلب منها أنواع الديباج والحرير والخز والستور والبسط والفرش‏.‏وحكي أن أبا موسى الأشعري لما فتح تستر وجد بها ميتاً في آبزون من نحاس معه دراهم من احتاج إلى تلك الدراهم أخذها فإذا قضى حاجته ردها فإن حبسها مرض‏.‏ 
فكتب أبو موسى بذلك إلى عمر بن الخطاب فكتب في جوابه‏:‏ ان ذلك دانيال النبي‏!‏ أخرجه وغسله وكفنه وصل عليه وادفنه‏.‏ 
وينسب إليها سهل بن عبد الله التستري صاحب الكرامات الظاهرة من جملتها إذا مس مريضاً عافاه الله وقد سمع من كثير من أهل تستر أن في منزل سهل بيتاً يسمى بيت السباع كانت السباع تأتيه وهو يضيفها فيه حكى سهل ابتداء أمره قال‏:‏ قال لي خالي محمد بن سوار‏:‏ ألا تذكر الله الذي خلقك قلت‏:‏ كيف أذكره فقال‏:‏ قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك‏:‏ الله معي‏!‏ الله ناظر إلي‏!‏ الله شاهدي‏!‏ قلت ذلك ثلاث ليال ثم أعلمته‏.‏ 
قال‏:‏ قل ذلك كل ليلة سبع مرات فقلت ذلك ثم أعلمته‏.‏ 
فقال‏:‏ قل كل ليلة إحدى عشرة مرة فقلت ذلك ثم أعلمته فوقع في قلبي حلاوة‏.‏ 
فلما كان بعد سنة قال لي خالي‏:‏ احفظ ما علمتك ودم عليه حتى تدخل القبر فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة‏!‏ فبقيت على ذلك سنين فوجدت لها حلاوة في سري ثم قال لي يوماً‏:‏ يا سهل من كان الله معه وناظراً إليه وشاهده لا يعصي‏!‏ إياك والمعصية‏!‏ قال‏:‏ كنت أشتري بدرهم شعيراً فيخبز لي منها أفطر كل سحر على قدر أوقية منها بغير ملح ولا ادام فيكفيني الدرهم سنة ثم عزمت على أن أطوي ثلاث ليال وأفطر ليلة ثم خمساً ثم سبعاً ثم خمساً وعشرين‏.‏ 
بقيت على ذلك عشرين سنة‏.‏ 
توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين‏.‏ 
وحكى الأستاذ أبو علي الدقاق‏:‏ أن يعقوب بن ليث الصفار مرض مرضاً شديداً عجز الأطباء عن معالجته فقيل له‏:‏ إن في ولايتك رجلاً يدعو الله تعالى للمرضى فيشفون فلو دعا الله لك ترجو العافية‏.‏ 
فطلب سهلاً وسأله أن يدعو له فقال له سهل‏:‏ أنى يستجاب دعائي لك وعلى بابك مظلومون‏!‏ فأمر برفع الظلامات وإخراج المحبسين فقال سهل‏:‏ يا رب كما أريته ذل المعصية فأره عز الطاعة‏!‏ ومسح بطنه بيده فعافاه الله فعرض على سهل مالاً كثيراً فأبى أن يأخذ منه شيئاً فقالوا له لما خرج‏:‏ لو قبلت وفرقت على الفقراء‏!‏ فقال له‏:‏ انظر إلى الأرض‏.‏ 
فنظر فرأى كل مكان وضع قدمه عليه صار ترابه دنانير‏.‏ 
فقال‏:‏ من أعطاه الله هذا أي حاجة له إلى مال يعقوب وقال‏:‏ دخلت يوم الجمعة على سهل بن عبد الله فرأيت في بيته حية فتوقفت فقال لي‏:‏ ادخل لا يتم إيمان أحد ويتهم شيئاً على وجه الأرض‏.‏ 
فدخلت فقال لي‏:‏ هل لك في صلاة الجمعة قلت‏:‏ بيننا وبين الجامع مسيرة يوم‏.‏ 
فأخذ بيدي فما كان إلا قليلاً حتى كنا في الجامع فصلينا تلمسان قرية قديمة بالمغرب‏.‏ 
ذكروا أن القرية التي ذكرها الله تعالى في قصة الخضر وموسى‏:‏ فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه‏.‏ 
قيل‏:‏ إنه كان جداراً عالياً عريضاً مائلاً فمسحه الخضر عليه السلام بيده فاستقام‏.‏ 
وحدثني بعض المغاربة أنه رأى بتلمسان مسجداً يقال له مسجد الجدار يقصده الناس للزيارة‏.‏ 
تنس 
مدينة بافريقية حصينة ولها قهندز صعب المرتقى ينفرد بها العمال لحصانتها خوفاً من الرعية هواؤها وبي وماؤها ردي وماؤهم من واد يدور حول المدينة وإليه مذهب مياه حشوشهم وشربهم منه والحمى لا تفارق أهلها في أكثر الأوقات‏.‏ 
وبها ذئب كثير يأكل أهلها وبرغوث كثير وهم في عذاب من الذئب والبراغيث قال بعض من دخلها وفارقها‏:‏ 
لا سقى الله بلدةً كنت فيها‏!‏** البراغيث كلّهم أكلوني‏!‏ 
إن صعدت السّطوح لم يتركوني **وأراهم على الدّرج يسبقوني 
تونس 
مدينة بأرض المغرب كبيرة على ساحل البحر قصبة بلاد افريقية‏.‏ 
اصلح بلادها هواء وأطيبها ماء وأكثرها خيراً‏!‏ وبها من الثمار والفواكه ما لا يوجد في غيرها من بلاد المغرب حسناً وطعماً‏:‏ فمن ذلك لوز عجيب يفرك باليد وأكثرها في كل لوزة حبتان‏.‏ 
وبها الرمان الذي لا عجم له مع صدق الحلاوة والأترج الذكي الرائحة البديع المنظر والتين الحازمي الأسود الكبير الرقيق القشر الكثير العسل لا يكاد يوجد فيه بزر والسفرجل الكبير جداً العطر الرائحة والعناب الكبير كل حبة منه على حجم جوزة والبصل العلوري على حجم الأترج مستطيل صادق الحلاوة‏.‏ 
وبها أنواع من السمك عجيبة لا ترى في غيرها يرى في كل شهر نوع من السمك خالفاً لما كان قبله فيملح ويبقى سنين صحيح الجرم طيب الطعم‏.‏ 
ومنها نوع يقال له البقونس يقولون‏:‏ لولا البقونس لم تخالف أهل تونس‏.‏ 
وأهلها موصوفون باللؤم ودناة النفس والبخل الشديد والشغب والخروج على الولاة قال بعض‏:‏ لعمرك ما ألفيت تونس كاسمها ** ولكنّني ألفيتها وهي توحش 
وبين تونس والقيروان ثلاثة أيام بينهما موضع يقال له محقة بها أمر عجيب وهو أنه إذا كان أوان الزيتون قصدته الزرازير وقد حمل كل طائر معه زيتونتين في مخلبيه يلقيهما هناك ويحصل من ذلك غلة قالوا‏:‏ تبلغ سبعين ألف درهم‏!‏ التيه هو الموضع الذي ضل فيه موسى عليه السلام مع بني إسرائيل بين ايلة ومصر وبحر القلزم وجبال السراة أربعون فرسخاً في أربعين فرسخاً لما امتنعوا من دخول الأرض المقدسة حبسهم الله تعالى في هذا التيه أربعين سنة كانوا يسيرون في طول نهارهم فإذا انتهى النهار نزلوا بالموضع الذي رحلوا عنه وكان مأكولهم المن والسلوى ومشروبهم من ماء الحجر الذي كان مع موسى عليه السلام ينفجر منه اثنتا عشرة عيناً على عدد الأسباط كل سبط يأخذ منه ساقية ويبعث الله تعالى سحابة تظلهم بالنهار وعموداً من النور يستضيئون به بالليل‏.‏ 
هذا نعمة الله تعالى عليهم وهم عصاة مسخوطون فسبحان من عمت رحمته البر والفاجر‏!‏ قيل‏:‏ لما خرج بنو إسرائيل من مصر عازمين الأرض المقدسة كانوا ستمائة ألف وما كان فيهم من عمره فوق الستين ولا دون العشرين فمات كلهم في أربعين سنة‏.‏ 
ولم يخرج ممن دخل مع موسى إلا يوشع بن نون وكالب بن يوفنا وهما الرجلان اللذان كانا يقولان‏:‏ ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون فدخل يوشع عليه السلام بعقبهم وفتح أرض الشام‏.‏ 
الجابية 
قرية من قرى دمشق بها تل يسمى تل الجابية بها حيات صغار نحو الشبر كثيرة النكاية يسمونها أم الصويت لأنها إذا نهشت صوت اللديغ صوتاً خفياً ومات لوقته وروي عن ابن عباس أنه قال‏:‏ أرواح المؤمنين بالجابية بأرض الشام وأرواح الكفار ببرهوت بأرض حضرموت وقد مر ذكرها في حضرموت‏.‏ 
جاشك 
جزيرة آهلة بقرب جزيرة قيس لأهلها جلادة وخبرة في حرب البحر وعلاج السفن جلادة ليس لغيرهم مثلها حتى إن الواحد منهم يسبح في الماء أياماً ويجالد بالسيف مجالدة من هو على الأرض‏.‏ 
ويقول أهل قيس‏:‏ ان بعض ملوك الهند أهدى إلى بعض الملوك جواري فلما وصل المركب إلى جاشك خرج الجواري يتفسحن فاختطفهن الجن وافترشوهن فولدن الذين بها فلهذا يأتون بما عجز عنه غيرهم‏.‏ 
جالطة 
جزيرة على مرسى طبرقة من أرض افريقية طولها ثمانية أميال وعرضها خمسة أميال‏.‏ 
بها ثلاث أعين عذبة الماء وبها مزارع وآثار قديمة‏.‏ 
وبها من الايل ما لا يحصى‏.‏ 
حدثني الفقيه سليمان الملتاني أن بها عنزاً كثيرة إنسية توحشت إذا قصدها قاصد أهوت نفسها من جبال شاهقة ووقفت على قوائمها بخلاف الايل فإنها تقف على قرونها‏.‏ 
جزيرة تنيس 
جزيرة قريبة من البر بين فرماء ودمياط في وسط بحيرة منفردة عن البحر الأعظم بينها وبين البحر الأعظم بر مستطيل وهو جزيرة بين البحرين وأول هذا البر قرب الفرماء‏.‏ 
وهناك فوهة يدخل منها ماء البحر الأعظم إلى بحر تنيس في موضع يقال له القرباج وهو يحول بين البحر الأعظم وبحيرة تنيس‏.‏ 
يسار في ذلك البر ثلاثة أيام إلى قرب دمياط وهناك فوهة أخرى تأخذ الماء من البحر الأعظم إلى بحيرة تنيس وبقرب تلك الفوهة النيل ينصب إلى بحيرة تنيس والبحيرة مقدار إبلاغ يوم في عرض نصف يوم ويكون ماؤها أكثر السنة ملحاً لدخول ماء البحر إليه عند هبوب الشمال فإذا انصرف نيل مصر عند دخول الشتاء وهبوب الرياح الغربية خلت البحيرة وخلا سيف البحر الملح مقدار بريدين وعند ذلك تكامل النيل وغلبت حلاوته ماء البحيرة فصارت البحيرة حلواً‏.‏ 
فحينئذ تذخر أهل تنيس المياه في صهاريجهم ومصانعهم لشرب سنتهم وهذه صورتها‏:‏ ذكروا انه ليس بجزيرة تنيس شيء من الهوام المؤذية لأن أرضها سبخة شديدة الملوحة وقد صنف في أخبار تنيس كتاب ذكر فيه انها بنيت في سنة ثلاثين ومائتين بطالع الحوت اثنتا عشرة درجة حد الزهرة وشرفها والمشتري فيها وهو صاحب البيت فلذلك كان مجمعاً للصلحاء وخيار الناس قال يوسف بن صبيح‏:‏ رأيت بها خمسمائة صاحب محبرة يكتبون الحديث ولم يملكها أعجمي ولا كافر قط لأن الزهرة تدل على الإسلام تجلب منها الثياب النفيسة الملونة والفرش الحسن والثياب الابوقلمون‏.‏ 
ولها موسم يكون عنده من أنواع الطير ما لا يوجد في موضع آخر وهي مائة ونيف وثلاثون نوعاً‏.‏ 
أنواع الطيور التي توجد بجزيرة تنيس السلوى البقح المملوح النصطفير الزرزور الباز الرومي الصفري الدبسي البلبل السقاء القمري الفاخت النواج الزريق الهوني الزاغ الهدهد الحسيني الجرادي الابلق الراهب الحساف البرين السلسلة دردراي الشماس البصبص الأخضر الأبهق الأزرق الحضير أبو الحناء أبو كلب أبو دينار وارية الليل برقع أم علي برقع أم حبيب الدوري الزنجي وارية النهار الشامي شقرق صدر النحاس البلطين الخضراء السئة السوداء السئة الأطروش الخرطوم ديك الكرم الضريس الحمراء الرقشة الزرقاء الرقشة جوز الكسر ابن السمان ابن المرعة النوسية السن الوروار الصردة الحمراء الحصية القبرة المطوق السقسق السلار المرغ السكسكة الأرجوحة الخوخة فرد قفص الاورث السلونية السكة البيضاء اللبس العروس الوطواط عصفور الزوب اللقاب الجوين القليلة العسر الأحمر الأزرق الشرير البون البرك البرسي الحصاري الرجاحي البح الحمر الرومي الملاعقي البط الصيني العراق الاقرح البلبو الشطرف البشروش وز الفرط أبو قلمون أبو قير أبو منجل البجع الكركي الغطاس اللجوبة البطميس البحبوبة الرقادة الكروان البحري أبو مسكة الكروان الحرحي القرلي الخروطة الحلف الارميل الفلفوس الازد العقعق البوم الورشان القطا الدراج الحجل البازي الصردي الصقر الهام الغراب الأبهق الباشق ويعرف بها من السمك تسعة وسبعون نوعاً‏:‏ البوري البلمو البرو اللبت البلس السكسا الأران الشموس النسا الطوبار اليقشمار الاحناش الانكليس المعية البني الابليل الفويص الدونيس المرتنو الاسقلموس النفط الجبال البلطي الحجف القلارية الرحض العبر النون اللت القجاج القروص الكليس الأكلس الفراخ القرقاح الزليخ اللاج الاكلت الماضي الجلاء السلاء البرقش الصد البلك المشط القفا السور حوت الحجر البشين الشربوت النساس الرعاد الشعور المحبرة اللبس السطور الراس الريف اللبيس الأبرميس الأبونس اللباء العميان المناقير القلميدس الحلبوة الرقاص القرندس الجتر هوكبارة القبج المجزع الدليس الاشبالة البسال الأبيض الرقروق أم عبيد البلو أم الإنسان الانسارية اللجاه‏.‏ 
جزيرة الجساسة في بحر القلزم قالوا‏:‏ ان الدجال محبوس في هذه الجزيرة‏.‏ 
والجساسة دابة تجس الأخبار وتأتي بها الدجال‏.‏ 
روى الشعبي عن فاطمة بنت قيس أنها قالت‏:‏ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الظهيرة وخطبنا وقال‏:‏ إني لا أجمعكم لرغبة ولا لرهبة ولكن بحديث حدثنيه تميم الداري فمنعني سروره القائلة‏.‏ 
حدثني أن نفراً من قومه أقبلوا في البحر فأصابتهم ريح عاصف ألجأتهم إلى جزيرة فإذا هم بدابة قالوا لها‏:‏ ما أنت قالت‏:‏ أنا الجساسة‏!‏ قالوا‏:‏ أخبرينا الخبر‏.‏ 
قالت‏:‏ إن أردتم الخبر فعليكم بهذا الدير فإن فيه رجلاً بالأسواق إليكم‏.‏ 
قال‏:‏ أتيناه فقال‏:‏ أنى تبعتم فأخبرناه فقال‏:‏ ما فعلت بحيرة طبرية قلنا‏:‏ تدفق بين أجوافها‏.‏ 
قال‏:‏ ما فعلت نخل عمان قلنا‏:‏ يجتنيها أهلها‏!‏ قال‏:‏ ما فعلت عين زغر قلنا‏:‏ يشرب منها أهلها‏.‏ 
فقال‏:‏ لو يبست أنفذت من وثاقي فوطئت بقدمي كل منهل إلا مكة والمدينة‏.‏ 
جزيرة الكنيسة في بحر المغرب قال أبو حامد الأندلسي‏:‏ على البحر الأسود من ناحية أندلس جبل عليه كنيسة منقورة من الصخر في الجبل وعليها قبة كبيرة وعلى القبة غراب مفرد لا يبرح من أعلى القبة‏.‏ 
وفي مقابلة الكنيسة مسجد يزوره الناس ويقولون‏:‏ إن الدعاء فيه مستجاب‏.‏ 
وقد شرط على القسيسين الذين يسكنون تلك الكنيسة ضيافة كل مسلم يقصد ذلك المسجد‏.‏ 
فكلما وصل أحد إلى ذلك المسجد أدخل الغراب رأسه في روزنة على تلك القبة ويصيح بعدد كل رجل صيحة فيخرج الرهبان بالطعام إلى أهل المسجد ما يكفيهم‏.‏ 
وتعرف تلك الكنيسة بكنيسة الغراب وزعم القسيسون أنهم ما زالوا يرون غراباً على تلك الكنيسة ولا يدرون من أين مأكله‏!‏ جفار أرض بين فلسطين ومصر مسير سبعة أيام كلها رمال سائلة نبض فيها قرى ومزارع ونخل كثير‏.‏ 
وأهلها يعرفون آثار الأقدام في الرمل حتى يعرفون وطء الشباب من الشيخ والرجل من المرأة والبكر من الثيب ومع كثرة بساتينهم لا حاجة لهم إلى النواطير لأن أحدهم لا يقدر أن يعدو على غيره لأن الرجل إذا أنكر شيئاً من بستانه يمشي على آثار القدم ويلحق سارقه ولو سار يوماً أو يومين‏.‏ 
بها نوع من الطير يأتيهم من بلاد الروم يسمى المرغ يشبه السلوى يأتي في وقت معين يصيدون منها ما شاء الله ويملحونها ويأتيهم أيضاً من بلاد الروم على البحر في وقت من السنة جوارح كثيرة الشواهين والصقور والبواشق‏.‏ 
وقلما يقدرون على البازي وما سواه يصيدونها وينتفعون بها‏.‏ 
جنابة 
بليدة على ساحل بحر فارس سيئة الهواء رديئة الماء لا زرع بها ولا ضرع لأن أرضها سبخة وماءها ملح رأيتها ذكروا أنهم إذا أرادوا ماء عذباً بها حفروا حفيرة كبيرة وطموها بالطين الحر يأتون به من غير أرضهم فإذا طموا الحفرة بالطين الحر حفروها بئراً فيها يكون ماؤها طيباً‏.‏ 
وأهلها لفيف متفرق من الجور والبد والفسق والفجور فيها أظهر من الصلاة والأذان في غيرها‏.‏ 
ينسب إليها أبو الحسن القرمطي الجنابي خرج إلى البحرين ودعا العرب إلى نحلته فاجتمع عليه خلق كثير وكسر عسكر الخليفة وقتل على فراشه فقام ابنه سليمان وقتل حجاج بيت الله الحرام ونهب على الكعبة وقلع الحجر الأسود ونقله إلى الاحساء وبقي عندهم إحدى وعشرين سنة ثم ردوه بمال عظيم‏.‏ 
وظهر في أول رمضان سنة تسع عشرة وثلاثمائة غلام فاجر يقال له ابن أبي زكرياء الطمامي دعا الناس إلى ربوبيته وذاك الغلام الفاجر يأمر بعبادة النار وقطع يد من أطفأ ناراً أو لسان من أطفأها بالنفخ‏.‏ 
وأمر الغلمان بطاعة طلابهم ومن امتنع أمر بذبحه ثم سلط الله عليه من تولى إظهاره فذبحه ورجع عن القرمطة‏.‏ 
مدينة نزهة 
بأرض فارس كثيرة المياه والبساتين قال الاصطخري‏:‏ ان الرجل يسير من كل جانب منها نحو فرسخ في بساتين وقصور‏.‏ 
بناها أردشير بابك‏.‏ 
وفي وسط المدينة بناء عال يسمى الطربال‏.‏ 
والإنسان إذا علا ذلك البناء أشرف على المدينة وعلى رساتيقها وبنى في أعلاها بيت نار‏.‏ 
وبحذاء المدينة جبل استنبط منه الماء وعلاه إلى رأس الطربال‏.‏ 
وبها البئر العجيبة التي ليس في شيء من البلاد مثلها وهي على باب المدينة مما يلي شيراز وقد أكبوا على قعرها قدراً من نحاس يخرج من ثقبة ضيقة في ذلك القدر ماء حاد جداً ويصل إلى صفة البئر بنفسه ولا يحتاج إلى استقاء الماء منها‏.‏ 
وبها الورد الجوري وهو ورد أحمر صافي اللون من أجود أنواع الورد يتمثل بطيب رائحته قال الشاعر‏:‏ أطيب ريحاً من نسيم الصّبا جاءت بريّا الورد من جور وحكى أحمد بن يحيى بن جابر أن جور نزل عليها المسلمون سنين فعجزوا عن فتحها حتى نزل عليها عبد الله بن عامر‏.‏ 
وكان بعض أجناد المسلمين قام بالليل يصلي وإلى جانبه جراب فيه خبز ولحم فجاء كلب جره وعدا به حتى دخل المدينة من مدخل خفي لها فدخل المسلمون من ذلك المدخل فأصبح أهل جور والمدينة ممتلئة من المسلمين ملكوها قهراً‏.‏مدينة كبيرة بكرمان آهلة كثيرة الخيرات وافرة الثمرات قال الاصطخري‏:‏ بها نخل كثير ولأهلها سنة وهي أنهم لا يرفعون شيئاً من الثمرات التي أسقطتها الريح بل يتركونها للضعفاء فربما كثرت الريح في بعض السنين فيحصل للضعفاء أكثر مما يحصل للملاك‏.‏ 
جيزة 
ناحية بمصر قال أبو حامد الأندلسي‏:‏ بها طلسم للرمل وهو صنم والرمل خلفه إلى ناحية المغرب مثل البحر تأتي به الرياح من أرض المغرب فإذا وصل إلى ذلك الصنم لا يتعداه والقرى والرساتيق والمزارع والبساتين بين يدي ذلك الصنم والرمل العظيم خلفه‏.‏ 
وكان مكان ذلك الرمل مدن وقرى علاها الرمل وغطاها وتظهر رؤوس الأعمدة الرخام والجدر العظام في وسط ذلك الرمل ولا يمكن الوصول إليها قال‏:‏ وكنت أصعد بعض تلال الرمل بالغداة إذا تلبد الرمل بالطل في الليل فرأيت الرمل مثل البحر لا يتبين آخره البتة ورأيت مدينة فرعون يوسف عليه السلام مدينة عظيمة بنيانها وقصورها أعظم وأحكم من مدينة فرعون موسى عليه السلام والرمل قد غطى أكثرها فظهرت رؤوس الأعمدة التي كانت في القصور‏.‏ 
وهناك سجن يوسف عليه السلام في جوف حائط باب قصر الملك والحائط منحوت من الصخر فصعدت في درج في نفس الحائط كدرجات المنبر من الصخر إلى غرفة في نفس الجدار مشرفة على النيل وسطح تلك الغرفة وسقفها من ألواح الصخر المنحوتة مثل الخشب‏.‏ 
وفي الغرفة باب يفضي إلى بيت عظيم تحت الغرفة هو سجن يوسف عليه السلام وعلى جدار الغرفة مكتوب‏:‏ ههنا عبر يوسف الرؤيا حيث قال‏:‏ قضي الأمر الذي فيه تستفتيان‏.‏ 
حلب 
مدينة عظيمة كثيرة الخيرات طيبة الهواء صحيحة التربة‏.‏ 
لها سور حصين وقلعة حصينة‏.‏ 
قال الزجاجي‏:‏ كان الخليل عليه السلام يحلب غنمه بها ويتصدق بلبنها يوم الجمعة فيقول الفقراء‏:‏ حلب فسميت بذلك ولقد خص الله تعالى هذه المدينة ببركة عظيمة من حيث يزرع في أرضها القطن والسمسم والبطيخ والخيار والدخن والكرم والمشمش والتفاح والتين عذياً يسقى بماء المطر فياتي غضاً روياً يفوق ما يسقى بالسيح في غيرها من البلاد قال كشاجم‏:‏ أرتك يد الغيث آثارها وأخرجت الأرض أزهارها وما منعت جارها بلدةٌ كما منعت حلبٌ جارها هي الخلد يجمع ما تشتهي فزرها فطوبى لمن زارها والمدينة مسورة بحجر أسود وفي جانب السور قلعة حصينة لأن المدينة في وطاء من الأرض‏.‏ 
وفي وسطها جبل مدور مهندم والقلعة عليه‏.‏ 
ولها خندق عظيم وصل حفره إلى الماء وفي وسطه مصانع للماء المعين وجامع وبساتين وميدان ودور كثيرة وفيها مقامان للخليل عليه السلام يزاران إلى الآن‏.‏ 
وفيها مغارة كان يجمع الخليل فيها غنمه‏.‏ 
وفي المدينة مدارس ومشاهد وبيع وأهلها سنية وشيعية‏.‏ 
وبها حجر بظاهر باب اليهود على الطريق ينذر له ويصب عليه الماورد المسلمون واليهود والنصارى يقولون‏:‏ تحته قبر نبي من الأنبياء وفي مدرسة الحلاوى حجر على طرف بركتها كأنه سرير ووسطه منقور قليلاً يعتقد الفرنج فيه اعتقاداً عظيماً وبذلوا فيه أموالاً فلم يجابوا إليه‏.‏ 
ومن عجائبها سوق الزجاج فإن الإنسان إذا اجتاز بها لا يريد أن يفارقها لكثرة ما يرى فيها من الطرائف العجيبة والآلات اللطيفة تحمل إلى سائر البلاد للتحف والهدايا‏.‏ 
وكذلك سوق المزوقين ففيها آلات عجيبة مزوقة‏.‏ 
ولهم لعب كل سنة أول الربيع يسمونه الشلاق وهو انهم يخرجون إلى ظاهر المدينة وهم فرقتان تتقاتلان أشد القتال حتى تنهزم إحدى الفرقتين فيقع فيهم القتل والكسر والجرح والوهي ثم ومن عجائبها بئر في بعض ضياعها إذا شرب منها من عضه الكلب الكلب بريء وهذا مشهور قال بعض أهل هذه القرية‏:‏ شرطه أن العض لم يجاوز أربعين يوماً فإن جاوز أربعين يوماً لم يبرأ‏!‏ وذكر أنه أتاهم ثلاثة أنفس من المكلوبين وشربوا منه فسلم اثنان لم يجاوزا الأربعين ومات الثالث وقد جاوز الأربعين‏.‏ 
وهذه بئر منها شرب أهل الضيعة‏.‏ 
وحكى بعضهم أنه ظهر بأرض حلب سنة أربع وعشرين وستمائة تنين عظيم بغلظ منارة وطول مفرط ينساب على الأرض يبلع كل حيوان يجده ويخرج من فمه نار تحرق ما تلقاه من شجر أو نبات واجتاز على بيوت أحرقها والناس يهربون منه يميناً ويساراً حتى انساب قدر اثني عشر فرسخاً فأغاث الله تعالى الخلق منه بسحابة نشأت ونزلت إليه فاحتملته وكان قد لف ذنبه في كلب فيرفع الكلب رفعة والكلب يعوي في الهواء والسحاب يمشي به والناس ينظرون إليه إلى أن غاب عن الأعين قال الحاكي‏:‏ رأيت الموضع الذي انساب فيه كأنه نهر‏.‏ 
حمص 
مدينة بأرض الشام حصينة أصح بلاد الشام هواء وتربة‏.‏ 
وهي كثيرة المياه والأشجار ولا يكاد يلدغ بها عقرب أو تنهش حية‏.‏ 
ولو غسل ثوب بماء حمص لا يقرب عقرب لابسه إلى أن ومن عجائبها الصورة التي على باب المسجد الذي إلى جانب البيعة وهي صورة إنسان نصفها العلى ونصفها الأسفل صورة عقرب‏.‏ 
يؤخذ الطين الحر ويطبع به على تلك الصورة وتلقى في الماء حتى يشرب الملدوغ فيبرأ في الحال‏.‏ 
وأهلها موصوفون بالجمال المفرط والبلاهة قال الجاحظ‏:‏ مرت بمص عنز تبعها جمل فقال رجل لآخر‏:‏ هذا الجمل من هذا العنز‏!‏ فقال الآخر‏:‏ كلا إنه يتيم في حجره‏.‏ 
ومن العجب أنهم كانوا أشد الناس على علي رضي الله عنه فلما انقضت تلك الأيام صاروا من غلاة الشيعة حتى ان في أهلها كثيراً ممن يرى مذهب النصيرية وأصلحهم الامامية السبابة‏.‏ 
وأما حكومة قاضي حمص فمشهورة‏:‏ ذكر أنه تحاكم إليه رجل وامرأة فقالت المرأة‏:‏ هذا رجل أجنبي مني وقد قبلني فقال القاضي‏:‏ قومي إليه وقبليه كما قبلك‏!‏ فقالت‏:‏ عفوت عنه ‏!‏ فقال لها‏:‏ مري راشدةً‏.‏ 
وبها قبر خالد بن الوليد رضي الله عنه مات بها وهو يقول في مرض موته‏:‏ تباً للجبناء‏!‏ ما على بدني قدر شبر إلا وعليه طعنة أو ضربة وها أنا أموت على الفراش موت العير‏!‏ حوران قرية من نواحي دمشق قالوا‏:‏ انها قرية أصحاب الاخدود وبها بيعة عظيمة عامرة حسنة البناء مبنية على عمد الرخام منمقة بالفسيفساء يقال لها النجران ينذر لها المسلمون والنصارى ذكروا أن النذر لها مجرب ولنذره قوم يدورون في البلاد ركاب الخيل ينادون‏:‏ من نذر للنجران المبارك وللسلطان عليها عطية يؤدونها كل عام‏.‏ 
الحيرة 
بلدة قديمة كانت على ساحل البحر بقرب أرض الكوفة وكان هناك في قديم الزمان بحر‏.‏ 
والآن ليس بها أثر البحر ولا المدينة بل هي دجلة وآثار طامسة‏.‏ 
وكانت الحيرة منزل ملوك بني لخم وهم كانوا ملوك العرب في قديم الزمان وإياهم أراد الأسود بن يعفر في قوله‏:‏ ماذا أؤمّل بعد آل محرّقٍ تركوا منازلهم وبعد إياد أهل الخورنق والسّدير وبارقٍ والقصر ذي الشّرفات من سنداد نزلوا بأنقرةٍ يسيل عليهم ماء الفرات يجيء من أطواد أرضٌ يخيلها لطيب مقيلها كعب بن مامة وابن أمّ ذواد جرت الرّياح على محلّ ديارهم فكأنّهم كانوا على ميعاد فإذا النّعيم وكلّ ما يلهى به يوماً يصير إلى بلىً ونفاد وبنى النعمان بن امريء القيس بن عمرو بن عدي قصراً بظاهر الحيرة في ستين سنة اسمه الخورنق بناه رجل من الروم يقال له سنمار وكان يبني السنتين والثلاث ويغيب الخمس فيطلب فلا يوجد‏.‏ 
وكان يبني على وضع عجيب لم يعرف أحد أن يبني مثله‏.‏ 
ثم إذا وجد يحتج بحجة فلم يزل يفعل هذا ستين سنة‏.‏ 
فلما فرغ من بنائه كان قصراً عجيباً لم يكن للملوك مثله‏.‏ 
فرح به النعمان فقال له سنمار‏:‏ اني لأعلم موضع آجرة لو زالت لسقط القصر كله فقال له النعمان‏:‏ هل يعرفها أحد غيرك قال‏:‏ لا‏!‏ فأمر به فقذف من أعلى القصر إلى أسفله فتقطعت أوصاله فاشتهر ذلك حتى ضرب العرب به المثل فقال الشاعر‏:‏ جزاني جزاه الله شرّ جزائه جزاء سنمّارٍ وما كان ذا ذنب سوى رمّة البنيان ستّين حجّةً يعلى عليه بالقراميد والسّكب فلمّا رأى البنيان تمّ شهوقه وآض كمثل الطّود الشّامخ الصّعب وظنّ سنمّارٌ به كلّ حبوةٍ وفاز لديه بالمودّة والقرب فقال‏:‏ اقذفوا بالعلج من فوق رأسه فهذا لعمر الله من أعجب الخطب فصعد النعمان قلته ونظر إلى البحر تجاهه وإلى البر خلفه والبساتين حوله ورأى الظبي والحوت والنخل فقال لوزيره‏:‏ ما رأيت أحسن من هذا البناء قط‏!‏ فقال له وزيره‏:‏ له عيب عظيم‏!‏ قال‏:‏ وما ذلك قال‏:‏ انه غير باق‏!‏ قال النعمان‏:‏ وما الشيء هو باق قال‏:‏ ملك الآخرة‏!‏ قال‏:‏ فكيف تحصيل ذلك قال‏:‏ بترك الدنيا‏!‏ قال‏:‏ فهل لك أن تساعدني في طلب ذلك فقال‏:‏ نعم‏.‏ 
فترك الملك وتزهد هو ووزيره والله الموفق‏.‏ 
خبيص 
مدينة كبيرة بكرمان‏.‏ 
ذكر ابن الفقيه أن باطنها لم يمطر أبداً وإنما تكون الأمطار حواليها‏.‏ 
وقال‏:‏ ربما أخرج الرجل يده من السور فيقع المطر عليها ولا يقع على بقية بدنه الداخل في المدينة وهذا عجيب‏!‏ خربة الملك مدينة بمصر على شرق النيل قال أحمد بن واضح‏:‏ ان معدن الزمرذ في هذا الموضع في جميع الأرض وان هناك جبلين يقال لأحدهما العروس وللآخر الخصوم بهما معدن الزمرذ ربما وقعت بهما قطعة تساوي ألف دينار‏.‏ 
الخليل اسم بلدة بها حصن وعمارة بقرب بيت المقدس‏.‏ 
فيه قبر الخليل عليه السلام في مغارة تحت الأرض وهناك مشاهد وقوام وفي الموضع ضيافة للزوار وهو موضع طيب نزه آثار البركة ظاهرة عليه حكى السلفي أن رجلاً أتى زيارة الخليل وأهدى لقيم الموضع هدية وسأله أن يمكنه من النزول إلى مغارة الخليل فقال القيم‏:‏ إن أقمت إلى انقطاع الزوار فعلت‏!‏ فأقام فقطع بلاطة وأخذ معه مصباحاً فنزل سبعين درجة إلى مغارة واسعة وبها دكة عليها الخليل وعليه ثوب أخضر والهواء يحرك شيبته وإلى جانبه إسحاق ويعقوب عليهما السلام ثم أتى حائط المغارة يقال‏:‏ إن سارة عليها السلام خلف ذلك الحائط فهم أن ينظر إلى ما وراء الحائط فإذا هو بصوت يقول‏:‏ إياك والحرم‏!‏ فعاد من حيث نزل‏.‏ 
دارا قرية من قرى دمشق ينسب إليها أبو سليمان عبد الرحمن بن عطية الداري‏.‏ 
كان فريد وقته في الزهد والورع قال‏:‏ نمت ليلة بعد وردي فإذا أنا بحوراء تقول لي‏:‏ تنام وأنا أربى لك في الخدور منذ خمسمائة عام وقال‏:‏ كنت ليلة باردة في المحراب فأقلقني البرد فخبأت إحدى يدي من البرد وبقيت الأخرى ممدودة فغلبتني عيناي فإذا قائل يقول‏:‏ يا أبا ليمان قد وضعنا في هذه ما أصابها ولو كانت الأخرى مثلها لوضعنا فيها‏!‏ فآليت على نفسي أن لا أدعو إلا ويداي خارجتان برداً كان أو حراً‏.‏ 
دارابجرد 
كورة بفارس نفيسة عمرها داراب بن فارس قال الاصطخري‏:‏ بها كهف الموميا وقال ابن الفقيه‏:‏ انه بأرجان وقد مضى ذكرها في أرجان‏.‏ 
وزاد الاصطخري‏:‏ ان الخالص منه يحمل إلى شيراز ثم يغسل الموضع ويعجن بمائه شيء ويخرج على أنه الموميا فجميع ما ترى في أيدي الناس من المعجون وأما الخالص فلا يوجد إلا في خزانة الملك‏.‏ 
وقال أيضاً‏:‏ بناحية دارابجرد جبال من الملح الأبيض والأصفر والأخضر والأحمر والأسود ينحت منها الموائد والصحون والغضائر وغيرها من الظروف وتهدى إلى سائر البلاد‏.‏ 
وبها معدن الزئبق‏.‏ 
دمشق 
قصبة بلاد الشام وجنة الأرض لما فيها من النضارة وحسن العمارة ونزاهة الرقعة وسعة البقعة وكثرة المياه والأشجار ورخص الفواكه والثمار‏.‏ 
قال أبو بكر الخوارزمي‏:‏ جنان الدنيا أربع‏:‏ غوطة دمشق وصغد سمرقند وشعب بوان وجزيرة الأبلة وقد رأيت كلها فأفضلها غوطة دمشق وأهل السير يقولون‏:‏ إن آدم عليه السلام كان ينزل في موضع بها يقال له الآن بيت الأبيات وحواء في بيت لهيا وهابيل في مقرى وقابيل في قنينة‏.‏ 
وكان في الموضع الذي يعرف الآن بباب الساعات عند الجامع صخرة عظيمة كانت القرابين توضع عليها فما قبل نزلت نار أحرقته وما لم يقبل بقي على حاله وقتل قابيل هابيل على جبل قاسيون وهو جبل على باب دمشق‏.‏ 
وهناك حجر عليه مثل أثر الدم يزعم أهل دمشق انه الحجر الذي رض به قابيل رأس هابيل وعند الحجر مغارة يقال لها مغارة الدم لذلك‏.‏ 
والمدينة الآن عظيمة حصينة ذات سور وخندق وقهندز والعمارات مشبكة من جميع جوانبها والبساتين محيطة بالعمارات فراسخ وقلما ترى بها داراً أو مسجداً أو رباطاً أو مدرسة أو خاناً إلا وفيها ماء جار‏.‏ 
ومن عجائبها الجامع وصفه بعض أهل دمشق قال‏:‏ هو أحد العجائب كامل المحاسن جامع الغرائب بسط فرشه بالرخام وألف على أحسن تركيب وانتظام‏.‏ 
فصوص أقداره متفقة وصنعته مؤتلفة وهو منزه عن صور الحيوان إلى صور النبات وفنون الأغصان تجنى ثمرتها بالأبصار ولا يعتريها حوائج الأشحار‏.‏ 
والثمار باقية على طول الزمان مدركة في كل حين وأوان لا يمسها عطش مع فقدان القطر ولا يصيبها ذبول مع تصاريف الدهر‏.‏عمره الوليد بن عبد الملك وكان ذا همة في أمر العمارات وبناء المساجد‏.‏ 
أنفق على عمارته خراج المملكة سبع سنين وحمل عليه الدساتير بما أنفق عليه على ثمانية عشر بعيراً فلم ينظر إليها وأمر بإبعادها وقال‏:‏ هو شيء أخرجناه لله فلا نتبعه‏!‏ قالوا‏:‏ من عجائب الجامع لو أن أحداً عاش مائة سنة وكان يتأمله كل يوم لرأى في كل يوم ما لم يره من حسن الصنعة ومبالغة التنميق‏.‏ 
وحكي أنه بلغ ثمن البقل الذي أكله الصناع ستين ألف دينار فضج الناس استعظاماً لما أنفق فيه وقالوا‏:‏ أنفقت أموال المسلمين فيما لا فائدة لهم فيه‏!‏ فقال‏:‏ ان في بيت مالكم عطاء ثماني عشرة سنة إن لم يدخل فيه حبة قمح‏!‏ فسكت الناس فلما فرغ أمر بتسقيفها من الرصاص وإلى الآن سقفها من الرصاص ورأيت الصانع يرقمها بالرصاص المذاب‏.‏ 
قالوا‏:‏ ان طيراً يذرق على الرصاص يحرقه فيحتاج إلى الإصلاح لدفع ماء المطر‏.‏ 
قال موسى بن حماد‏:‏ رأيت في جامع دمشق كتابة بالذهب في الزجاج محفوراً سورة ألهاكم التكاثر ورأيت جوهرة حمراء نفيسة ملصقة في قاف المقابر فسألت عن ذلك فقالوا‏:‏ ماتت للوليد بنت كانت هذه الجوهرة لها فأمرت أمها أن تدفن هذه الجوهرة معها فأمر الوليد بها فصيرت في قاف المقابر وحلف لأمها أنه أودعها المقابر‏.‏والمسجد مبني على أعمدة رخام طبقتين‏:‏ التحتانية أعمدة كبار والفوقانية أعمدة صغار في خلال ذلك صور المدن والأشجار بالفسيفساء والذهب والألوان‏.‏ 
ومن العجب العمودان الحجريان اللذان على باب الجامع وهما في غاية الإفراط طولاً وعرضاً قيل‏:‏ وهما من عمل عاد إذ ليس في وسع أبناء زماننا قطعهما ولا نقلهما ولا إقامتهما وفي الجانب الغربي بالجامع عمودان على الطبقة العليا من الأعمدة الصغار يقولون‏:‏ انهما من الحجر الدهنج وفي جدار الصحن القبلي حجر مدور شبه درقة منقطة بأبيض وأحمر قالوا‏:‏ بذل الفرنج فيه أموالاً فلم يجابوا إليه‏.‏ 
وللجامع أوقاف كثيرة وديوان عظيم وعليها أرزاق كثير من الناس منهم صناع يعملون القسي والنبال للجامع ويذخرونها ليوم الحاجة ذكروا أن دخل الجامع كل يوم ألف ومائتا دينار يصرف المائتان إلى مصالح الجامع والباقي ينقل إلى خزانة السلطان‏.‏ 
وأهل دمشق أحسن الناس خلقاً وخلقاً وزياً وأميلهم إلى اللهو واللعب ولهم في كل يوم سبت الاشتغال باللهو واللعب‏.‏ 
وفي هذا اليوم لا يبقى للسيد على المملوك حجر ولا للوالد على الولد ولا للزوج على الزوجة ولا للأستاذ على التلميذ فإذا كان أول النهار يطلب كل واحد من هؤلاء نفقة يومه فيجتمع المملوك بإخوانه من المماليك والصبي بأترابه من الصبيان والزوجة باخواتها من النساء والرجل أيضاً بأصدقائه فأما أهل التمييز فيمشون إلى البساتين ولهم فيها قصور ومواضع طيبة وأما سائر الناس فإلى الميدان الأخضر وهو محوط فرشه أخضر صيفاً وشتاء من نبت فيه وفيه الماء الجاري‏.‏ 
والمتعيشون يوم السبت ينقلون إليه دكاكينهم‏.‏ 
وفيها حلق المشعبذين والمساخرة والمغنين والمصارعين والفصالين‏.‏ 
والناس مشغولون باللعب واللهو إلى آخر النهار ثم يفيضون منها إلى الجامع ويصلون بها المغرب ويعودون إلى أماكنهم‏.‏ 
بها جبل ربوة جبل على فرسخ من دمشق قال المفسرون‏:‏ إنها هي المذكورة في قوله تعالى‏:‏ وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين‏.‏ 
وهو جبل عال عليه مسجد حسن في وسط البساتين ولما أرادوا إجراء ماء بردى وقع هذا الجبل في الوسط فنقبوا تحته وأجروا الماء فيه ويجري على رأسه نهر يزيد وينزل من أعلاه إلى أسفله‏.‏ 
وفي المسجد الذي على أعلى الماء الجاري‏.‏ 
وله مناظر إلى البساتين وفي جميع جوانبه الخضرة والأشجار والرياحين‏.‏ 
ورأيت في المسجد في بيت صغير حجراً كبيراً ذا ألوان عجيبة حجمه كحجم صندوق مدور وقد انشق بنصفين وبين شقيه مقدار ذراع لم ينفصل أحد الشقين عن الآخر بل متصل به كرمان مشقوق ولأهل دمشق في ذلك الحجر أقاويل كثيرة‏.‏ 
وينسب إليها إياس بن معاوية الذي يضرب به المثل في الذكاء‏.‏ 
طلب من رجل حقاً عند القاضي وهو إذ ذاك يتيم فقال له القاضي‏:‏ اسكت إنك صبي‏!‏ فقال‏:‏ إذا سكت من يتكلم عني فقال القاضي‏:‏ والله لا تقول حقاً‏!‏ فقال إياس‏:‏ لا إله إلا الله‏!‏ وحكي أن امرأتين تحاكمتا إليه في كبة غزل فأفرد كل واحدة منهما وسألها‏:‏ على أي شيء كببت غزلك فقالت إحداهما‏:‏ على كسرة خبز‏!‏ وقالت الأخرى‏:‏ على طرقة‏.‏ 
فنقض الكبة فإذا هي على كسرة خبز‏.‏ 
فسمع بذلك ابن سيرين فقال‏:‏ ويحه ما أفهمه‏!‏ وحكي انه تحاكم إليه رجلان فقال أحدهما‏:‏ إني دفعت إليه مالاً‏.‏ 
فجحد الآخر فقال للمدعي‏:‏ أين سلمت هذا المال إليه فقال‏:‏ عند شجرة في الموضع الفلاني‏!‏ فقال المدعى عليه‏:‏ انا ذلك الموضع ما رأيت قط‏.‏ 
فقال‏:‏ انطلقوا بالمدعي إلى ذلك المكان وابصروا هل فيه شجرة أم لا فلما ذهبوا إليه قال بعد زمان للمدعى عليه‏:‏ ترى وصلوا إلى ذلك المكان قال‏:‏ لا بعد‏!‏ فقال له‏:‏ قم يا عدو الله إنك خائن‏!‏ فقال‏:‏ أقلني أقالك الله‏!‏ واعترف به‏.‏ 

ليست هناك تعليقات:

حوارات نفسية

المصرى: الجمعة، 2 أبريل 2010 كيف تحاور..؟ كيف تحاور..؟ -  أبريل 02, 2010   ليست هناك تعليقات:    إرسال بالبريد الإلكتروني كتابة مدونة حول ه...