يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. لقد ربى الإسلام أبناءه على استشعار أنهم كيان واحد، أمة واحدة، جسد واحد: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ َ) (الحجرات:10) ، ويقول الله تعالى: ( إن هذه أمتكم أمة واحدة) ( الأنبياء:92). أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أكد هذا المعنى وشدد عليه حين قال: المسلم أخو المسلم، المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر. محبة الخير للآخرين من علامات الإيمان ومن ذلك أنه رباهم على محبة الخير لإخوانهم المسلمين كما يحبونه لأنفسهم، وجعل ذلك من علامات كمال الإيمان، فمن لم يكن كذلك فقد نقص إيمانه، ويؤكد هذا المعنى –أن محبة الخير للآخرين من علامات الإيمان- ما رواه الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمنا. ويؤكده أيضا ما رواه أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان؟ فقال: أفضل الإيمان أن تحب لله، وتبغض لله، وتعمل لسانك في ذكر الله قال: وماذا يا رسول الله؟ قال: أن تحب للناس ما تحب لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن تقول خيرا أو تصمت. وهذه الصفة سبب لكل خير.. فهي من أعظم أسباب سلامة الصدر، وقد علمتم ما لفضيلة حسن الصدر وسلامته فيما سبق ( راجع مقال: سلامة الصدر طريقك إلى الجنة). وهي سبب دخول الجنة ثم إن هذه الصفة من أعظم أسباب دخول الجنة، روى الإمام أحمد عن يزيد القشيري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أتحب الجنة؟ قال: نعم. قال: فأحب لأخيك ما تحب لنفسك. وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو مؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. خلد الله ذكر الأنصار ومدحهم بهذه الصفة وقد مدح الله أنصار نبيه صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم: (وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:9). فمع أنهم هم الذين آووا المهاجرين ووواسوهم بل وقاسموهم الأموال وأعانوهم نصروا الرسول وبذلوا أموالهم وأرواحهم لنصرة هذا الدين لم يجدوا في صدورهم شيئا حين فضل الله المهاجرين ، وفوق ذلك لما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن المهاجرين تركوا ديارهم وأموالهم، قالوا: هذه أموالنا، اقسمها بيننا وبين إخواننا المهاجرين اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل، فرفض النبي عليه والصلاة والسلام إلا بأن يعمل المهاجرون ويشتركوا مع الأنصار في الثمر. كما أنهم لما عرض عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخصص لهم أموال البحرين قالوا: لا حتى تشرك إخواننا المهاجرين. فأي نفوس هذه التي جادت وسمت حتى أبت أن تأخذ مما أحل الله لها حتى يشترك بقية المسلمين فيها؟!. ومن هذا الباب وجدنا أسلافنا يحبون الخير للمسلمين وإن نأت ديارهم وتباعدت أوطانهم ، يقول عبد الله بن عباس : إني لأسمع بالغيث أصاب بلدا من بلدان المسلمين فأفرح وما لي بها سائمة. ومن محبتهم الخير للآخرين لم يبخلوا عليهم بنصح وأن ظن أنه يمنعهم شيئا من مكاسب الدنيا ، فهذا محمد بن واسع رحمه الله يذهب إلى السوق بحمار ليبيعه فيقف أمامه رجل يريد شراء الحمار فيسأل محمد بن واسع : أترضاه لنفسك؟ فيقول محمد بن واسع : لو رضيته لنفسي ما بعته. لا يكره الخير للمسلمين إلا أحد ثلاثة: الأول: رجل يسخط قضاء الله ولا يطمئن لعدالة تقديره سبحانه فهو يريد أن يقسم رحمة ربه على حسب شهوته وهواه ، ولو اتبع الحق هواه لما أذن هذا الساخط على أقدار الله لغيره أن يتنسم نسيم الحياة: (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْأِنْفَاقِ وَكَانَ الْأِنْسَانُ قَتُوراً) (الاسراء:100). نعم لو كان الأمر لهؤلاء ضعاف النفوس ضعاف الإيمان لحجبوا عن الناس كل خير ، ولكن : (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (الزخرف:32) ومثل هذا المعترض على حكمة الله والمتسخط على أقدار الله ليس من الإيمان في شيء، إنما هو من أتباع إبليس في الدنيا والآخرة. الثاني: رجل أكل الحقد والحسد قلبه، فهو يتمنى زوال النعمة من عند الآخرين ولو لم تصل إليه، وهو دائما مشغول بما عند الآخرين: زوجة ـ راتب ـ سيارة ـ بيت .. فهذا في غم دائم وعذاب لا ينقضي. ومثل هذا يحتاج للتذكير بنهي الشرع عن الحسد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تحاسدوا … ويقول الله تبارك وتعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) (النساء:54) ولو علم هذا الحاقد أن حقده وحسده لا يغير من أقدار الله شيئا لأراح نفسه ولشغلها بما يصلحها بدلا من شغلها بالناس وما آتاهم الله من فضله. الثالث: رجل أذهلته شهوة طبعه عن سعة فضل الله تعالى فيخشى إذا زاحمه الناس على الخير ألا يبقى له حظ معهم، وهذا من الجهل، فخزائن ربنا ملأى : يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه. (رواه البخاري ). والله عز وجل يقول في الحديث القدسي: يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر… (الحديث رواه مسلم). فحري بنا أن نوطن أنفسنا على محبة الخير للآخرين ، وأن نحرص على إيصال النفع لهم . والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.إنه نداء رباني علوي للفئة المؤمنة كي تترقى في درجات العلم والعمل الصالح فتنال رضا الله تعالى وثوابه، يقول الله عز وجل: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران:79]. فحين تلتقي في نفس المؤمن قوة الإيمان وصلابته مع صدق العزيمة والإخلاص والسكينة والرقة والإخبات والصفاء فإن هذا العبد يتمثل في نفسه خلق الربانية. فالربانيون قوم وصلوا إلى المقام الأعلى في العلم والتربية، ومن صفات هؤلاء الربَّانيين: (1) العلم: إنهم أقبلوا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يتعلمون ما فيها ويعملون به ويدعون إليه ويعلمونه الناس: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ}. قال ابن عباس رضي الله عنهما: كونوا ربَّانيين: حلماء فقهاء، ويقال: الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره. وقال ابن الأعرابي: لا يقال للعالم ربَّاني حتى يكون عالمًا معلمًا عاملاً. وقال الله عز وجل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [محمد:19]. فبدأ بالعلم قبل القول والعمل، وقد بوَّب الإمام البخاري على ذلك بابًا بعنوان: العلم قبل القول والعمل. (2) الإخـلاص: فالربَّاني لا يقصد بعلمه ولا بعمله غير وجه الله تعالى: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى. وطلب العلم من جملة العبادات التي ينبغي أن يخلص فيها العبد لله، ولهذا يقول الزهري – رحمه الله تعالى -: ما عُبد الله بشيء أفضل من العلم. فالعالم في طلبه للعلم وتعليم الناس إنما هو في عبادة، والعلم ميراث الأنبياء، هكذا سماه أبو هريرة رضي الله عنه، فإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورَّثوا العلم. وقد ورد عن الثوري – رحمه الله – أنه قال: لا أعلم بعد النبوة أفضل من العلم. والذين ينتفع الناس بعلمهم على الحقيقة هم أهل الإخلاص. (3) الاتبـاع: فلا يمكن أن يكون ربَّانيًا من سلك سبيل البدعة وابتعد عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم. إن العلم الذي يصل بصاحبه إلى الخير والهدى هو علم الكتاب والسنة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه. العلم قال الله قال رسولُه قال الصحابةُ ليس بالتمويه ما العلمُ نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين رأي فقيه إن العلوم الآن – عند الناس – كثيرة؛ لهذا كان الاتباع من أهم خصائص الربَّانيين، يقول الإمام ابن رجب رحمه الله تعالى: العلم النافع من هذه العلوم كلها ضبط نصوص الكتاب والسنة، وفهم معانيها، والتقيد في ذلك بالمأثور. (4) الاعتزاز بالعلم والاستغناء عن الناس: فالعالم الذي أراد بعلمه وجه الله تعالى يستشعر عظم نعمة الله عليه بتوفيقه للعلم، فلا يذل نفسه أبدًا ولا يشتري بعلمه ثمنًا قليلاً من حطام الدنيا الفاني، ولهذا كان العلماء الربَّانيون في وادٍ والناس في وادٍ آخر. إنه العلم الذي عرفوا به ربهم فعظموه ، وتمكنت خشيته من قلوبهم فهانت عليهم الدنيا. يقول ابن تيمية رحمه الله: ما يصنع بي أعدائي؟ إن سجني خلوة، وإخراجي من بلدي سياحة، وقتلي شهادة في سبيل الله. ولقد كان شعار الأنبياء والمرسلين عند دعوتهم لأقوامهم: {لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً}. وما أجمل ما قاله الجرجاني رحمه الله: يقولـونَ لي فيـكَ انقباضٌ و إنَّما رأوا رجلاً عن موقفِ الذُّلِ أحجَمَا أرى الناسَ مَن داناهمُ هان عندَهُم ومن أكـرمَتْه عزَّةُ النَّفْسِ أُكْرِمَـا و لمَْ أقضِ حَقَّ العلمِ إن كانَ كُلَّمَا بَـدَا طَمَـعٌ صَيَّرتَـهُ لِيَ سُلَّمَـا أأشقَى بـهِ غَرْسَاً وأَجْنيـهِ ذُلَّةً ؟ إذَنْ فاتِّبَاعُ الَجهْلِ قَد كَانَ أَحْزَمَا ! و إنِّي إذا مَا فَاتَنِـي الأمرُ لم أَبُت أقلِّبُ كَـفِّـي إِثـرَهُ مُتَنَـدِّمَـا إذا قيـلَ هذا مَنهلٌ قلتُ قَد أَرَى وَلكِنَّ نَفْـسَ الحُرِّ تحتَمِـلُ الظَّمَا ولم أبتَذِل في خِدمَةِ العِلْمِ مُهجَتِي لأَخـدِمَ من لاقَيتُ لَكن لأُخْدَمَا وَ لَو أَنَّ أَهلَ العِلمِ صَانوهُ صَانَهَم وَ لَو عَظَّمـوهُ في النُّفُوسِ لَعُظِّمَا (5) حسن الخلق: فالربَّاني يخالط الناس بالمعروف، ويعاملهم بمكارم ومحاسن الأخلاق، كيف لا وقد هذَّب القرآن والسنة خلقه وطبعه، وكان له في رسول الله أسوة حسنة، وهو صلى الله عليه وسلم يقول: خياركم أحاسنكم أخلاقًا. إن علمه أورثه رقة وصفاء ورحمة لجميع الخلق: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159]. (6) تزكية النفس بالأعمال الصالحة: إن العمل هو ثمرة العلم، فعلم بغير عمل وبالٌ على صاحبه وحجةٌ عليه، ولهذا يُسأل العبد يوم القيامة سؤالاً خاصاً عن علمه ماذا صنع فيه. ولن ينال العبد محبة الرب سبحانه فيسلك سبيل الربَّانيين إلا بعمل صالح يدخره عند ربه: وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه. وللربَّانيين صفات أخرى كالحكمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله تعالى وغير ذلك من صفات الخير. نسأل الله الكريم بمنه أن يجعلنا وإياكم من الصالحين الربَّانيين العلماء العاملين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين. أجمل أن يحيا الإنسان بين قوم يحبهم ويحبونه، ويألفهم ويألفونه، وحين يفقد الإنسان هذا الحب في بيئته ومجتمعه فإنه يعيش في جحيم وتعاسة وإن ملك الدنيا كلها؛ لذلك لم يكن غريبًا أن يأتي الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس. صحيح أن رضا الله تعالى هو قصد المسلم وأمنيته، لكن ما التعارض بين السعي في رضا الله تعالى والفوز بمحبة الناس؛ بل إننا على يقين أننا لن نفوز بمحبة الناس حقًّا إلا إذا أحبنا الله تعالى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الله تعالى إذا أحب عبدًا وضع له القَبول في الأرض، وإن أبغض عبدًا نفرت منه قلوب الناس. إذا لا تعارض أبدًا بين إرضاء الله والأخذ بأسباب التودد والتحبب إلى الناس، وأرجو أن تتأمل معي هذا الموقف العجيب من الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه حين يأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيسأله الدعاء لكن بماذا؟ أبمال وعيال؟ أبمنصب أو جاه؟ لا والله إنما قال: ادع الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين ويحببهم إلينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم حبِّب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين. إن حرص المسلم على التودد والتحبب إلى الناس لا ينبغي أن يكون لغرض دنيوي، بل امتثالاً لشريعة الله التي أمرت بالتآخي والمحبة بين المسلمين، ومن جانب آخر بدافع الحرص على فتح القلوب لقبول دعوة الحق، ولعل هذا المعنى العظيم هو ما تجلى في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: ثلاث من كُنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله… بل إنه لن يستكمل الإيمان إلا إذا كان حبه وبغضه لله، كما في الحديث: من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله؛ فقد استكمل الإيمان. البشاشة وحسن الخلق ولا شك أن حسن الخلق ورقة الطبع من أعظم أسباب التودد إلى الناس، كما أن البشاشة والتبسم عند اللقاء تزرع في القلوب محبة لا يعلم قدرها إلا الله، وقد جاء في وصف بعض الصحابة له صلى الله عليه وسلم: ما رأيت أحدًا أكثر تبسمًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم. التواضع واللين والرفق ومن أعظم أسباب التودد إلى الناس عند مخالطتهم التواضع لهم والسهولة معهم، ومن نظر في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وجده مثالاً رائعًا للتودد والتحبب إلى الناس بتواضعه ورقته ولينه معهم وصدق الله العظيم الذي قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) ( آل عمران 159) فقد كان إذا لقيه أحد أصحابه فقام معه لم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه، وإذا لقيه أحدٌ من أصحابه فتناول يده ناوله إياها، فلم ينزع يده من يد الرجل حتى يكون الآخر هو الذي ينزع يده، وإذا لقي أحدًا فتناول أذنه ناوله إياها ثم لم ينزعها حتى يكون الرجل هو الذي يفرغ من كلامه وينتهي. وكانت الجارية تستوقفه في الطريق فتحدثه، فما ينصرف حتى تفرغ هي وتنصرف، وكان يخدم نفسه، ولا يضرب أمةً ولا خادمًا، وكان لا يمسح أن يُدفع عنه أحد، بل كل من أراد الوصول إليه ولقاءه تمكن من هذا. وأرجو أن تتخيل معي كيف محبة الناس لرجل اجتمعت فيه هذه كل الصفات الطيبة؟! الهدية من أسباب المحبة. كذلك فإن من أهم أسباب المحبة والمودة التهادي بين الناس؛ فإن الناس قد جُبلوا على محبة من يعطيهم، ولهذا ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تهادوا تحابوا. إفشاء السلام: كذلك دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الأربعاء، 23 مارس 2016
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
نفسى
فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...
-
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، والأدوية المصنعة كالسبرالكس والزيروكسات والزولفت هي أدوية أكثر نقاءً وأكثر تأثيرًا على الناقلات العصبية، لأنه...
-
Je gezondheid is een weerspiegeling van je psychische toestand! De ziekte is meestal het gevolg van onopgeloste interne conflicten die verv...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق