فجميع المعاصي إنما تنشأ من تقديم هوي النفوس على محبة الله ورسوله وقد وصف الله المشركين باتباع الهوى في مواضع من كتابه فقال تعالى فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله القصص وكذلك البدع إنما تنشأ من تقديم الهوي على الشرع ولهذا يسمي أهلها أهل الأهواء وكذلك المعاصي إنما تقع من تقديم الهوي على محبة الله ورسوله ومحبة ما يحبه وكذلك حب الأشخاص الواجب فيه أن يكون تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيجب على المؤمن محبة الله ومحبة من يحبه الله من الملائكة والرسل والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين عموما ولهذا كان من علامات وجوده حلاوة الإيمان أن يحب المرء لا يحبه إلا لله وتحريم موالاة أعداء الله ومن يكرهه الله عموما وقد سبق ذلك في مواضع أخر وبهذا يكون الدين كله لله ومن أحب لله وأبغض لله وأعطي لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ومن كان حبه وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوي نفسه كان ذلك نقصا في إيمانه الواجب فيجب عليه التوبة من ذلك والرجوع إلى اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من تقديم محبة الله ورسوله وما فيه رضا الله ورسوله على هوي النفس ومراداتها كلها قال وهيب بن الورد بلغنا والله أعلم أن موسي عليه السلام قال يارب أوصني قال أوصيك بي قالها ثلاثا حتى قال في الأخري أوصيك بي أن لا يعرض لك أمر إلا آثرت فيه محبتي على ما سواها فمن لم يفعل ذلك لم أزكه ولم أرحمه والمعروف في استعمال الهوي عند الإطلاق أنه الميل إلى خلاف الحق كما في قوله تعالى ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله صلى الله عليه وسلم وقال تعالى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى النازعات وقد يطلق الهوي بمعنى المحبة والميل مطلقا فيدخل فيه الميل إلى الحق وغيره وربما استعمل بمعنى محبة الحق خاصة والانقياد إليه وسئل صفوان بن عسال هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الهوي فقال سأله أعرابي عن الرجل يحب القوم ولم يلحق بهم قال المرء مع من أحب ولما نزل قوله تعالى ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء الأحزاب قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم ما أرى ربك إلا يسارع في هواك وقال عمر في قصة المشاورة في أساري بدر فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر ولم يهو ما قلت وهذا الحديث مما جاء في استعمال الهوي بمعنى المحبة المحمودة وقد وقع مثل ذلك في الآثار الإسرائيلية كثيرا وكلام مشايخ القوم وإشاراتهم نظما ونثرا يكثر في هذا الاستعمال وممايناسب معنى الحديث من ذلك قول بعضهم :
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
نفسى
فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...
-
كيف تحاور..؟
-
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، والأدوية المصنعة كالسبرالكس والزيروكسات والزولفت هي أدوية أكثر نقاءً وأكثر تأثيرًا على الناقلات العصبية، لأنه...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق