الجمعة، 4 سبتمبر 2015

فجميع المعاصي إنما تنشأ من تقديم هوي النفوس على محبة الله ورسوله وقد وصف الله المشركين باتباع الهوى في مواضع من كتابه فقال تعالى فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله القصص وكذلك البدع إنما تنشأ من تقديم الهوي على الشرع ولهذا يسمي أهلها أهل الأهواء وكذلك المعاصي إنما تقع من تقديم الهوي على محبة الله ورسوله ومحبة ما يحبه وكذلك حب الأشخاص الواجب فيه أن يكون تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيجب على المؤمن محبة الله ومحبة من يحبه الله من الملائكة والرسل والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين عموما ولهذا كان من علامات وجوده حلاوة الإيمان أن يحب المرء لا يحبه إلا لله وتحريم موالاة أعداء الله ومن يكرهه الله عموما وقد سبق ذلك في مواضع أخر وبهذا يكون الدين كله لله ومن أحب لله وأبغض لله وأعطي لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ومن كان حبه وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوي نفسه كان ذلك نقصا في إيمانه الواجب فيجب عليه التوبة من ذلك والرجوع إلى اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من تقديم محبة الله ورسوله وما فيه رضا الله ورسوله على هوي النفس ومراداتها كلها قال وهيب بن الورد بلغنا والله أعلم أن موسي عليه السلام قال يارب أوصني قال أوصيك بي قالها ثلاثا حتى قال في الأخري أوصيك بي أن لا يعرض لك أمر إلا آثرت فيه محبتي على ما سواها فمن لم يفعل ذلك لم أزكه ولم أرحمه والمعروف في استعمال الهوي عند الإطلاق أنه الميل إلى خلاف الحق كما في قوله تعالى ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله صلى الله عليه وسلم وقال تعالى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى النازعات وقد يطلق الهوي بمعنى المحبة والميل مطلقا فيدخل فيه الميل إلى الحق وغيره وربما استعمل بمعنى محبة الحق خاصة والانقياد إليه وسئل صفوان بن عسال هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الهوي فقال سأله أعرابي عن الرجل يحب القوم ولم يلحق بهم قال المرء مع من أحب ولما نزل قوله تعالى ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء الأحزاب قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم ما أرى ربك إلا يسارع في هواك وقال عمر في قصة المشاورة في أساري بدر فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر ولم يهو ما قلت وهذا الحديث مما جاء في استعمال الهوي بمعنى المحبة المحمودة وقد وقع مثل ذلك في الآثار الإسرائيلية كثيرا وكلام مشايخ القوم وإشاراتهم نظما ونثرا يكثر في هذا الاستعمال وممايناسب معنى الحديث من ذلك قول بعضهم :

ليست هناك تعليقات:

نفسى

 فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...