فهل شكرت ؟
كم هو مسكين ذلك الرجل الأعمى الذي يعيش عالة على يد تمتد إليه لتهديه الطريق أو لتطعمه أو لتسقيه . وكم هو محزن منظر ذلك الأصم الذي يدير رأسه بين الناس هنا وهناك محاولاً فهم كلمة واحدة ولكن بدون جدوى . ولكَمْ دمعت العين لرؤية ذلك المصاب الذي يعيش غائباً عن الوعي في غرف العناية المركزة وأهله ينتظرون وفاته كل يوم .
وأما نحن فمتقلِّبون بنعم عظيمة لا حول لنا فيها ولا قوة، وإنما هي محض فضل من الله تبارك وتعالى علينا . فهل شكرنا هذه النعم بتسخيرها لطاعة الله تعالى؟ أم كفرناها فصيَّرناها سيوفاً نحارب بها الله الذي منّ بها علينا؟ .
هنّ سيشهدن
إن هذه الجوارح التي مَنّ الله تعالى بها عليّ وعليك، هي اليوم نِعَم، وغداً ستكون خصمك الشاهد عليك عند الله تعالى، ولن تُخفي من عوراتك شيئاً .
وكيف تخفي وتكتم والله سينطقها، قال تعالى : } إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أولئِكَ كَانَ عَنهُ مَسْئُولاً { [ الإسراء : 36 ]، وقال:} يَومَ تَشهَدُ عَلَيهِم أَلسِنَتُهُم وَأَيدِيهِم وَأَرجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ (24) يَومَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَق وَيَعلَمُونَ أَن اللهَ هُوَ الحَق المُبِينُ { [ النور : 24،25]، وقال أيضاً : } اليَومَ نَختِمُ عَلَى أَفواهِهِم وَتُكَلمُنَا أَيدِيهِم وَتَشهَدُ أَرجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ (65) { [ يس : 65 ] .
وفي صحيح مسلم من حديث أنس t أن رسول الله r ضحك يوماً فقال : "هل تدرون مم أضحك؟ قال : قلنا: الله ورسوله أعلم . قال : من مخاطبة العبد ربه، يقول : يا رب، ألم تُجرني من الظلم؟ قال : يقول : بلى . قال : فيقول : فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني . قال : فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً . قال: فيُختم على فِيه، فيقال لأركانه : انطقي، قال : فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلَّى بينه وبين الكلام، قال : فيقول : بُعْداً لكُنَّ وسحقاً، فعنكنَّ كنت أناضل" . فبماذا ستعترف جوارحك أمام ربك؟ فيا له من موقف مخجل، مرعب، محزن، أعيذك ونفسي بالله يا أخي أن نقفه أمام ربنا عز وجل يوم القيامة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق