الثلاثاء، 26 مارس 2019

فهل شكرت ؟
­ كم هو مسكين ذلك الرجل الأعمى الذي يعيش عالة على يد تمتد إليه لتهديه الطريق أو لتطعمه أو لتسقيه . وكم هو محزن منظر ذلك الأصم الذي يدير رأسه بين الناس هنا وهناك محاولاً فهم كلمة واحدة ولكن بدون جدوى . ولكَمْ دمعت العين لرؤية ذلك المصاب الذي يعيش غائباً عن الوعي في غرف العناية المركزة وأهله ينتظرون وفاته كل يوم .
­ وأما نحن فمتقلِّبون بنعم  عظيمة لا حول لنا فيها ولا قوة، وإنما هي محض فضل من الله تبارك وتعالى علينا . فهل شكرنا هذه النعم بتسخيرها لطاعة الله تعالى؟ أم كفرناها فصيَّرناها سيوفاً نحارب بها الله الذي منّ بها علينا؟ .
هنّ سيشهدن
­ إن هذه الجوارح التي مَنّ الله تعالى بها عليّ وعليك، هي اليوم نِعَم، وغداً ستكون خصمك الشاهد عليك عند الله تعالى،  ولن تُخفي من عوراتك شيئاً .
­ وكيف تخفي وتكتم والله سينطقها، قال تعالى : } إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أولئِكَ كَانَ عَنهُ مَسْئُولاً {         [ الإسراء : 36 ]،  وقال:} يَومَ تَشهَدُ عَلَيهِم أَلسِنَتُهُم وَأَيدِيهِم وَأَرجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ (24) يَومَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الحَق وَيَعلَمُونَ أَن اللهَ هُوَ الحَق المُبِينُ { [ النور : 24،25]، وقال أيضاً : } اليَومَ نَختِمُ عَلَى أَفواهِهِم وَتُكَلمُنَا أَيدِيهِم وَتَشهَدُ أَرجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ (65) {  [ يس : 65 ] .
­ وفي صحيح مسلم من حديث أنس t  أن رسول  الله  r  ضحك يوماً فقال : "هل تدرون مم أضحك؟ قال : قلنا: الله ورسوله أعلم . قال : من مخاطبة العبد ربه، يقول : يا رب، ألم تُجرني من الظلم؟ قال : يقول : بلى . قال : فيقول : فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني . قال : فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً .  قال: فيُختم على فِيه، فيقال لأركانه : انطقي، قال : فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلَّى بينه وبين الكلام، قال : فيقول : بُعْداً لكُنَّ  وسحقاً، فعنكنَّ كنت أناضل" . فبماذا ستعترف جوارحك أمام ربك؟  فيا له من موقف مخجل، مرعب، محزن، أعيذك ونفسي بالله يا أخي أن نقفه أمام ربنا عز وجل يوم القيامة . 

ليست هناك تعليقات:

نفسى

 فلنغير نظرة التشاؤم في أعيننا لما حل بنا من محن إلى نظرة حب وتفاؤل لما عاد علينا من فائدة وخير بعد مرورنا بهذه المحن. ما أحوجنا لمثل هذا ال...