الثلاثاء، 19 مارس 2013

هيرون الإسكندراني


كان هيرون الإسكندراني (10–70 م) أحد المخترعين الأفذاذ في مجال الإنساليات، فقد اخترع آلات تعمل بتدفق المياه، وبالثقل وحتى بالبخار،[12] ومن أهم اختراعاته آلة تعتبر حاليًا بمثابة الشكل الأول للعنفة التي تُدار بقوة البخار، كما صمم آلة ميكانيكية توزع المياه المقدسة، وطائرًا آليًا قادر على الطيران والشرب والتغريد، إضافة إلى مسرح آلي، وتمثالاً متحركًا لهرقل وهو يصارع التنين، عن طريق تدفق المياه داخله. وشرح هيرون الاسكندري وظيفة معظم هذه الأجهزة الآلية في كتابه الذي حمل عنوان "automatopoietica"، وعبر القرون التالية، ظهرت مخترعات رائعة في الشرق الأقصى والأوسط، في الصين، وفي الهند وفي اليابان وفي شبه الجزيرة العربية.[13] وفي كتاب رسالة الجزريالذي يتضمن سردا للأجهزة الآلية التي اخترعها العرب - وصف لأحد هذه الأجهزة والتي أطلق الجزري عليها "نافورة الطاووس"، وقد كانت تستخدم في غسل الأيدي، فتقدم المياه والصابونوالمنشقة آليًا.[14][15] وبسبب هذا الاختراع يطلق على الجزري لقب "أبي الإنسان الآلي".[14][15]
أما في أوروبا، فبرزت فكرة الإنسالات القادرة على تسهيل حياة البشر خلالالقرون الوسطى، وذلك عندما قام الفيلسوفان ألبرت فاجنوسوروجر باكونبدراسة الآلات ذاتية الحركة، وصناعة البعض منها. وأدى اختراع الساعة الآلية في أواخر القرن الثالث عشر، إلى إمداد الآلات الذاتية الحركة بالقوة الميكانيكية اللازمة لها، وهكذا أمكن اختراع الساعة التي تدق الأجراس لتعلن الوقت. وفيالقرن الثامن عشر، أنتج صناع الألعاب عددًا كبيرًا من الآلات ذاتية الحركة ذات الشكل الإنساني، القادرة على الكلام وعزف الموسيقى والكتابة وحتى لعب الشطرنج. ومن أشهر المخترعين لهذه اللعب رجل فرنسي اسمه جاك دي فوكاسون، الذي صمم نولاًُ نسيجيًا آليًا، وفي عام 1801 استخدم هذا التصميم مخترع فرنسي آخر يدعى جوزيف ماري جاكار، لينتج نولاً للنسيج يعمل بتحكم مجموعة من البطاقات المثقبة. وفي القرن الثامن عشر اُستخدم جهازين آليين آخرين، تطبيقًا لمبدأ التغذية الراجعة (بالإنكليزية: feed back‏) التي تعتبر شرطًا أساسيًا لنظم الرقابة الآلية ذاتية التغذية. وكان أحد هذان الجهازان عبارة عن مروحة الطاحونة الهوائية التي تبقي الريش متجهة نحو الريح ومن ثم تستمر الطاحونة الهوائية في الدوران، أما الجهاز الثاني فكان المنظم والمتحكم الآلي للمحرك البخاري، وهو الذي يجعله مستمرًا في الدوران بسرعة ثابتة.
الانسالة جورج

كان جورج من أوائل الانسالات التي ظهرت، وذلك في في عام 1913 على يد المهندس الكهربائي إلمر سبيري مؤسس شركة سبيري للكهربائيات. خُصصت تلك الإنسالة لقيادة الطائرات،[20] وكان النموذج الأول منها عبارة عن بوصلة مغناطيسية مرتبطة مع جهاز لقراءة الارتفاع وجهاز يؤشر إلى الاتجاه الذي تسير فيه الطائرة (جيروسكوب)، وتميز ذلك الجيروسكوب بأنه كان يظل محافظًا على الاتجاه الذي تسير فيه الطائرة، مما كان يترك المجال للطيارين البشر العهدة بمسؤولية الطيران إلى الانسالة جورج، وبمجرد أن تستقر الطائرة في الاتجاه الصحيح لرحلتها، يُقدم جورج على اتخاذ الإجراءات التصحيحية فورا بحال حصول أي تغير رأسي أو أفقي في وضعية الطائرة. قام المخترع الأمريكي إلمر سبيري (1860 - 1930) بتجربة هذا الطيار الآلي على الملأ عن طريق قيادته لطائرة ويداه مرفوعتين في الهواء.[21] في عام 1954 صُممت أول إنسالة صناعية على يد المهندس جورج ديفول (مواليد 1912)، الذي يعتبر أحد رواد مخترعي الإنسالات، وكانت المهمة الرئيسية لهذه الانسالة التقاط وتحريك الأجسام الثقيلة من مكان لآخر، وتم تطويرها لاحقًا للقيام بتلحيم المعادن.



تتكون الانسالة من نظم إلكترونية وأجهزة حساسة تناظر الجهاز العصبيوأعضاء الحس للإنسان البشري. وللإنسالة أيضًا عقلاً إلكترونيًا عبارة عن حاسبة إلكترونية، وبتطور استخدام الشرائح الألكترونية في الحاسبة أصبح من الممكن تجهيز الإنسالة بعقل إلكتروني بالغ القوة، ومن ثم فمن الممكن برمجتها لتكون قادرة على أداء العمليات المعقدة. وفي الواقع إن تطور هذا العقل الألكتروني قد فاق النظم الأخرى من أجهزة الانسالة، وأصبح ذا كفاءة عالية في التشغيل. إن التخاطب مع الانسالة أمر صعب، ولا بد من استخدام إحدى لغات الحاسبة الإلكترونية لتحقيق ذلك. يستفيد علماء الروبوتيات في تجاربهم من دراسة أوجه التشابه بين نظم الاتصال والتحكم في الإنسان البشري ونظيرها في الآلة، ويُعرف هذا الفرع من العلم باسمالسبرانية (بالإنكليزية: cybernetics‏)، وقد اشتقت هذه الكلمة لأول مرة من قبل العالمالرياضيالأمريكينوربرت فاينر في كتاب له نُشر في عام 1948، ومن ثم عُرّبت في وقت لاحق.

يمكن للعلماء اللجوء إلى قواعد الإلكترونيات الأحيائية عندما تدعو الحاجة إلى صناعة أعضاء آلية لزرعها في جسد إنسان ما بهدف العلاج من عاهة معينة. ويُمكن اعتبار هذه الأعضاء أعضاء إنسالية بحد ذاتها، وليس أعضاء آلية بكل معنى الكلمة، فالأذرع والأيدي الصناعية مثلاً تكون شديدة الحساسية وتستجيب تلقائيًا في حركتها إلى النبضاتالكهربائية الدقيقة الناشئة عن انقباضعضلات الجسم البشري العادية.

ويعكف العلماء على اختراع المزيد من الأطراف والأجزاء الصناعية التعويضية للجسم البشري مثل ضابطة النبض التي تعمل بالنظائر المشعة وتُستخدم في تقويةالقلب البشري. ويقول البعض أنه يُحتمل في المستقبل القريب، أن يتمكن الأطباء من زرع قلوب صناعية كاملة لمن يحتاجها من المرضى بالقلب. ويتنبأ آخرون أنه في نهاية القرن الحادي والعشرين سيصبح بالإمكان استبدال كافة أجزاء الجسم البشري بأخرى صناعية، وربما سيؤدي هذا إلى وجود أشخاص شبه آدمية، مثل تلك التي تظهر في المسلسلات وأفلام الخيال العلمي.

ليست هناك تعليقات:

انغام

 يا من سلبت حبيبى من قلبى الحزين يا من شاءحبك ان يلين أن لا تملىء قلبى بالانين يا من شاء ان يسلب منى الحبيب وهو عن ناظرى يوم لا يغيب وقلبى ...